الثلاثاء 2017/01/03

آخر تحديث: 00:54 (بيروت)

مكتبة الحلبي.. لانا تحقق حلم والدها

الثلاثاء 2017/01/03
مكتبة الحلبي.. لانا تحقق حلم والدها
كيف تحولت بسطة الكتب والمجلات إلى مكتبة؟ (المدن)
increase حجم الخط decrease
عند تقاطع أرض جلول، قبل الولوج إلى منطقة طريق الجديدة، العديد من المحال التي تشبه بعضها. هنا متجر للمأكولات، وهناك آخر للملابس، وبالقرب منهما بسطات صغيرة منتشرة على الأرصفة. لكن على الضفة الأخرى، من ناحية حرش بيروت، تغريك واجهة باللون الأحمر­، مزينة بكتب يميل لونها إلى البنيّ.

تخاف الإمساك بهذه الكتب كي لا تقع أوراقها. تقف أمامها، متنقلاً بين غلاف وآخر. تتأملها، ثم ترفع نظرك نحو الأعلى، لتستقبلك "مكتبة الحلبي" وتدعوك إلى الدخول إلى مكان دافئ.

في الداخل تجد نفسك وسط مساحة صغيرة، تحتضن أكثر من 15 ألف كتاب تحتل الرفوف التي ترتفع كناطحات سحاب. تتمركز الكتب حسب نوعها: سياسة لبنان، سياسات الدول العربية، فلسطين، كتب عقائدية، دينية... كما تجد زاوية للكتب الأجنبية والفرنسية في الجهة المقابلة. فيروز تزين المكان الضيق بصورتها المرفوعة على الحائط، إلى جانب لوحة لمحمود درويش وأخرى لغسان كنفاني، التي تبدو واقفة لاستقبال كل زائر.

عشوائية
هنا، في مكتبة الحلبي، تحقق حلم عبدالله الحلبي (أبو علي)، وأنجزت ابنته لانا ما كان مستحيلاً. أبو علي، الذي تسلّم متجر السمانة من والده في العام 1990، سرعان ما ساءت أوضاعه المعيشية ولم يعد بإمكانه توفير رأسمال لشراء مستلزمات المحل. يقول لـ"المدن": "قررت بيع الجرائد والمجلات، وعرض الكتب التي جمعتها خلال السنوات السابقة".

لم يغير أبو علي شيئاً من "ديكور المحل"، بل زاد عليه عدداً كبيراً من المطبوعات والقصص والروايات. لم ير في هذا التحول صفقة تجارية رابحة، إنما أراد الاحتفاظ بكل ما أحب في مكانه الخاص، إلى أن يمر أحدهم يوماً ويدرك قيمة مقتنياته المعروضة. رغب في تحويل هذه الفسحة إلى مكتبة عامة، فتوجه إلى عدد من الجمعيات وعرض عليها إستثمار "ثروته"، لكن وفقه، "لا أحد يريد أن يدفع ليرة، الكل بدو ببلاش". عندها، قرر تمضية ما تبقى من حياته إلى جانبها "وحين أموت، احرقوها".

إنجاز المكتبة
تخلّت لانا عن وظيفتها كمتخصصة في شؤون العملاء في المنطقة العربية لشركة آزاديا من أجل إنشاء مكتبة الحلبي. "لم تعد وظيفتي السابقة، ممتعة. تطورت في عملي حتى وصلت إلى مرحلة أدركت فيها أن مهمتي انتهت داخل الشركة"، تقول لانا.

وقرار الاستقالة، جاء بعد مشاركة لانا في عدد من المعارض على الطرقات، وأولها كان في ربيع 2015. "إفترشت الطاولة بعدد من الكتب، وسعرتهم عشوائياً. لم يكن هناك كتب تتجاوز أسعارها 5000 ليرة لبنانية، فهدفي كان شد انتباه المتجولين في سوق الطيب، وسط بيروت، لأتمكن من بيع كتب والدي، الذي أمضى حياته في تجميعها، ولأثبت له أن للكتب قيمة".

لم تحقق لانا أرباحاً خلال أول عرض لها. "لكني اكتشفت أن هناك من يبحث عن الكتب، خصوصاً القديمة. عندها قررت العمل لانشاء المكتبة، وتحقيق حلم والدي".

أولى خطواتها كانت على مواقع التواصل الاجتماعي. أنشأت صفحة خاصة للمكتبة تحت اسم "halabibookshop"، لتشارك الناس إفتراضياً وتشجعهم على القراءة. فتمكنت من خلق مساحة نقاش على الصفحة عن أهم الروايات أو القصص، حيث ينشر كل شخص رأيه في كتاب قرأه. كما لم تستثن أي فرصة للنزول إلى الشارع وعرض "ممتلكاتها" لتعريف الناس بالمكتبة.

وفي الوقت عينه، بدأت ورشة لتحويل بسطة الكتب والمجلات إلى مكتبة الحلبي، التي استغرقت 6 أشهر من العمل. "بدأنا في نيسان 2016، وأنهينا عملنا في أيلول الماضي، بإنشاء مكتبة، قريبة للقلب، مكنكنة، تشعرك كأنك في المنزل".

لا تندم لانا على خسارة وظيفتها، لأن "العمل بين الكتب، جعل لحياتي طعماً ومعنى. أتحدث مع الناس عن الكتّاب والروائيين وأستفيد من مناقشة أي كتاب أو فكرة على عكس عملي السابق. فهنا لا مكان للتزييف. هنا أسلوب حياة".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها