الأربعاء 2016/04/20

آخر تحديث: 06:40 (بيروت)

في صيدا.. السعودي يخاف تحول حديقته إلى مزبلة

الأربعاء 2016/04/20
increase حجم الخط decrease
مع إقتراب موعد الانتخابات البلدية التي أعلن رئيس بلدية صيدا محمد السعودي ترشحه فيها، يفتتح السعودي، الخميس، الحديقة التي أنشئت من ضمن مشروع إزالة مكب النفايات في صيدا. "حديقة محمد السعودي" كما اختار المجلس تسميتها "في غيابي"، كما يقول السعودي لـ"المدن"، يعتبرها سكان المدينة إنجازاً من إنجازات المجلس الحالي. وهي جزء من مشروع إزالة مكب النفايات، الذي أتمته مجموعة (SUEZ) الفرنسية بالتعاون مع شركة "الجهاد للتجارة والتعهدات". ووفق العقد المبرم بين البلدية والشركتين، يشرح السعودي، ستبقى الحديقة تحت إدارتهما حتى نهاية السنة الحالية. لكن السعودي لا يعرف المبلغ الدقيق الذي كلّفه إنشاء الحديقة، غير أنه يرجح أن "كلفتها بلغت 3 ملايين دولار، أي ما يعادل 12% تقريباً من المبلغ المخصص للمشروع وكانت قيمته 22 مليون دولار".

موقع الحديقة
يفرض موقع الحديقة على زائرها ضرورة ركوب سيارة خاصة للوصول إليها، خصوصاً أن المنطقة المحيطة بها نادراً ما يرتادها السائرون على أقدامهم، نظراً إلى سرعة السيارات على الاوتوستراد وطبيعة المنطقة الصناعية. ولا تمر سيارات الأجرة في المنطقة إلا قليلاً. ولعل قبح المنطقة المحيطة بالحديقة تبلور جمالها، فتجعل الخطوات الأولى فيها رحلة انتقالية بين عالمين متضادين.

ولكن، بعد زوال أثر النظرة الأولى، تبدأ صورة الحديقة بالتعري، فتصبح أكثر دقة وواقعية. ذاك أن وجود 10452 شتلة في الحديقة، وفق السعودي، بالإضافة إلى 180 شجرة، منها 3 شجرات يفوق عمرها 200 سنة، لا يملأ عين مرتاد الحديقة بالإخضرار. ولعل السؤال الأول الذي قد يرد في ذهن الزائر، هو "أين كل تلك الأشجار؟". قد يكون هذا الإنطباع مرتبطاً بصغر أعمار الأشجار وأحجامها، وهي ما زالت غير قادرة على تظليل مساحات كافية من الأرض وتزيين المنظر بخضرتها وأزهارها.

الضوابط المتوقعة
لكن العشب (الغازون) المفروش على الأرض يبقى أجمل ما في الحديقة، والأكثر قدرة على إستفزاز الصغير والكبير لاستهلاكه. غير أن هذا "العشب الطبيعي" قد يتحول إلى لعنة على زوار الحديقة، إذا عمم القيمون على الحديقة ضوابط تمنع الجلوس أو المرور على العشب، وهو أمر متوقع، كما في حدائق عامة لبنانية أخرى.

أما اختيار نباتات الحديقة، وفق السعودي، فأخذ في الإعتبار خصوصية المنطقة البحرية وقدرة هذه النباتات على التأقلم معها. لكن الحديقة لن تحصل على المياه بطريقة مستدامة، ما سيهدد حياة مزروعاتها وحياة سكان صيدا أنفسهم. فهي ستحصل على المياه من خلال شبكة مياه المدينة التي تمد البيوت بالمياه، فحين تنقطع المياه، خصوصاً إذا تكررت أحداث الصيف الماضي، ستحرم الحديقة أيضاً من المياه.

وبالنسبة إلى الخبير في مجال الزراعة مؤسس جمعية "Green Line" علي درويش، فإن جمال الحديقة وعدد أشجارها لا يلغيا حقيقة "تعديها على أملاك الناس العامة"، أي الشاطئ. وهو يرى في المشروع مشروعاً عقارياً بحتاً قائماً على "الإستيلاء على مقدرات الشعب"، و"يخدم مشروع مرفأ اليخوت إذا أُكمل، الذي قد يكون مشروعاً جميلاً، لكنه لا يخدم صيدا وفقراءها"، خصوصاً أن موقعها بعيد من الناس ومحيطها ملوث.

في المقابل، يبرر السعودي اختيار هذا المكان بكونه "مكافأة لسكان المنطقة الذين عانوا من المكب لفترة طويلة. وفي مكان موبوء كهذا، لا شيء أفضل من إنشاء حديقة وزرع أشجار".

تلك الرائحة
لا تخلو الجولة في الحديقة من شم رائحة كريهة، وهذا ما لم ينفه السعودي في حديثه. على أن مصدر هذه الروائح هو بركة المياه، المجاورة للحديقة، التي يصب فيها مجرور صرف صحي. وتزيد الدباغات الموجودة في المنطقة من تلوثها ورائحتها الكريهة، بالإضافة إلى المطمر، الذي يؤكد درويش وخبراء آخرون، أن غاز الميثان وغازات أخرى تخرج منه. لكن السعودي الذي يقر بوجود هذه المشكلات، يعتقد أنها "ستُحل قريباً، ولو استغرق ذلك سنوات". فالبركة ستغلق والدباغات ستنتقل إلى مكان آخر قريب نسبياً. أما المطمر، فيقول السعودي، إن الغازات التي ينتجها غير ضارة.

لا توجد لدى السعودي رؤية واضحة لكيفية إدارة الحديقة. والواضح أن البلدية تعتمد بشكل كلي على الشركتين، في الإدارة، من دون الإتفاق معهما على مسائل تبدو أولية. وأهم هذه المسائل إمكانية فرض بدل دخول إلى الحديقة. فحتى اليوم لم تتخذ البلدية بعد قراراً تحدد فيه خيارها. لكن مبدئياً، لا يبدو أن السعودي يرفض الفكرة. ذلك أن أكثر ما يشغل باله، قبل أيام من إفتتاح الحديقة، هو الحفاظ على الحديقة، "بدنا نعمل شي ما يبهدل الحديقة، ما بدنا بعد 5 أشهر نلاقيها أصبحت مزبلة، اللي بدو يفوت بدو يعتبر حالو قاعد بحديقة بيتو".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها