الأربعاء 2016/03/16

آخر تحديث: 17:03 (بيروت)

"طلاب الكتائب".. ثورجيون

الأربعاء 2016/03/16
"طلاب الكتائب".. ثورجيون
لا يوافق الكتائبيون على فكرة وجود صراع أجيال داخل الحزب (أرشيف: عزيز طاهر)
increase حجم الخط decrease
الإحالات المتكررة إلى قِدم بيت "الكتائب"، في الصيفي، وعملية تأهيله معمارياً الحاصلة حالياً، في حديث شبان من مصلحة الطلاب والشباب في الحزب، يمكن أن تُحمَّل معنى مضاعفاً. فهم، كما المبنى ورمزيته، يريدون الاستمرار والتحرك على هوية تاريخية قاعدية. والشبان الثلاثة الذين التقتهم "المدن"، في بيت "الكتائب" نفسه، أي رئيس المصلحة رالف صهيون وأمينة السر ليا عُجيل، وزخيا الأشقر، لا يرضون أن يقال لهم إن الحزب، الذي ينتسبون إليه، قديم، بل هو "حزب عريق". وهذه المحاججة على الكلام، وتأويلاته، في ما يخص "التاريخ"، المستحضر دائماً، ليست بلا دلالة.


التاريخ المُستعاد
لكن شباب "الكتائب"، في المقابل، ليسوا مفصولين عن حاضرهم، بل يبدون، كما في أشهر الحراك الأخيرة، أنهم في صلبه. لكن تبريرهم للمشاركة في احتجاجات مطلبية عامة، على عكس قطاعات طلابية في أحزاب سياسية أخرى، لا يستند إلى الحاضر فحسب، فاللجوء إلى "التاريخ" ضرورة خطابية. إذ يمكن لصهيون، بعد إشارته إلى أن مصلحة الطلاب تتحرك في الشارع منذ 6 سنوات متعرضة لتعتيم إعلامي، أن يُذكّر بأن "الكتائب" منذ تأسيسه، بالإضافة إلى يمينيّته، هو حزب اجتماعي "ميال إلى الأرض والأساس"، مرجعاً إنطلاقته إلى "ثورة عمّالية"، مستشهداً بتوزيعه الخبز في أيام المجاعة ومساعدته الناس في الحرب العالمية الثانية.

على أن التاريخ ومحمولاته، خصوصاً في الحديث عن "6 آلاف شهيد من أجل لبنان، لا فئة منه" ليس شيئاً سيئاً، على ما يمكن أن يقال. ذلك أن "تاريخ الحزب المُشرِّف يحفزنا على عدم الاستسلام، وأن نبقى مركزين على هدفنا"، وفق الأشقر، وهو من أسرة كتائبية. كما أنه "يمنحنا الالهام، إذ يمكننا أن نتعلم من دروسه لنصل إلى ما نريده"، وفق عُجيل، وهي من أسرة كتائبية أيضاً. لكنه أيضاً مسؤولية، على ما يقول صهيون، غير المتحدّر من أسرة كتائبية، فـ"ليس سهلاً أن نجمع بين الثقافة والعراقة والتطور والسرعة اللذين نعيش فيهما الآن".

على الأرض
لا يقبل هؤلاء الكتائبيون أن يُقال لهم إن تحركهم في الشارع مستجد، أو أنهم، في نشاطهم الواضح، يحاولون أخذ "الكتائب" إلى مكان آخر، خصوصاً بعد فوز النائب سامي الجميل برئاسة الحزب. وهم لا يوافقون، أصلاً، على وجود صراع أجيال داخل الحزب. وإذا كان صهيون، كما باتريك ريشا، وهو نائب الأمين العام في الحزب، ورئيس مصلحة الطلاب سابقاً، يؤكدان أن استقلالية مصلحة الطلاب وثورجيّتها محفوظتان منذ زمن في الحزب، كما أن الأجيال فيه "لا تتصارع بل تتكامل"، فإن صهيون يرى في وصول شاب إلى رئاسة الحزب "فرصة إضافية لنا". ذلك أن "الشيخ سامي"، كما في لغتهم، "يواكب خطاب الشباب، ومعه صار الحزب كله ثورجياً. وفي فترة سابقة كنا نسبق الحزب في طروحاتنا، أما الآن فلا نعرف إن كان يمكننا اللحاق به".

مع ذلك، يبدو خطاب "الكتائب" وشبابه "الاجتماعي" في الآونة الأخيرة، كما لو أنه تحصيل حاصل لاجتماع عناصر متعددة. فالشبان الثلاثة لا يؤكدون أن الحزب يسير في اتجاه مقرر سلفاً. لكنهم، في أسوأ الأحوال، يعرفون أن هذا الخطاب "الحديث"، في مزجه السياسي بالاجتماعي، والشعبوي نسبياً، يلاقي قبولاً لدى فئات غير مرتبطة، في الأساس، بالحزب ودوائره. وهذا ما يؤكده الأشقر، إذ إن "غالبية القيادات في الحزب اليوم شبابية، وهي لا تضع سقفاً لنفسها، ونحن نواكبها على الأرض، وهذا ما يؤثر بشكل واضح على الشباب، خصوصاً غير الحزبيين، بحيث أصبحنا قادرين على استقطابهم". لكن صهيون يذهب أبعد من ذلك، في إشارته إلى قدرة هذا الخطاب على استقطاب فئات غير متوقعة، تقريباً، وتحديداً من غير المسيحيين. فـ"في آخر أداء لقسم اليمين، والذي حصل في جبيل، كان 15% من المنتسبين من المسلمين". وهذا ما يبدو، عنده على الأقل، مفهوماً. ذلك أن "الكتائب" هو الوحيد بين الأحزاب الأخرى، الذي قدم "مشروعاً لبنانياً" لا يحصره في جماعة ثقافية معينة، وفقه. على أن "الكتائب"، في تاريخه، على ما يفسر الأشقر، "كانت قدرته الاستقطابية تزيد في المحطات النضالية. ونحن الآن نناضل من أجل بناء الدولة ومكافحة الفساد".

سلبية واحدة
وفي "الكتائب"، تؤدي مصلحة الطلاب، التي لها قيمة معنوية خاصة، دورين يسيران في اتجاهين متعاكسين. فهي "السنّيد"، على ما يقول ريشا، مستشهداً بما حصل في الفترة الأخيرة. فـ"عندما يرفع الحزب سقف خطابه، تتحرك المصلحة على الأرض". كما أن المصلحة حاضرة في المكتب السياسي للحزب، أي الجهة المسؤولة عن اتخاذ القرارات، بعضوية رئيسها. وهذا ما يساهم في "نقل جو الأرض إلى المكتب السياسي، ما يساعد في تفعيل روحية الشباب داخل الحزب وفي خطابه"، وفق صهيون. وهذا، في جهة منه، ما يبرر عند الكتائبين وجودهم داخل الحكومة ومشاركتهم في الاحتجاجات ضدها. فهم، على ما يتفق صهيون وريشا، لا يرون الحكومة غير "حكومة ربط نزاع". ولأن الاجماع داخلها مطلوب لاتخاذ القرارات، "الذي يسببه غياب رئيس الجمهورية، فإن وزراء الكتائب كانوا قادرين على تعطيل الصفقات والفساد والسرقات"، وفق صهيون. واذا فشلوا في منع اتخاذ قرار "نضغط نحن على الأرض"، وفق الأشقر.

ويمكن لصهيون وعُجيل وزخيا أن يسجلّوا سلبية واحدة على الحزب تحد من تطور عملهم. فمصلحة الطلاب، بعد أشهر من الاجتماعات والنقاشات، تمكنت من انتاج قانون جديد للمصلحة "يناسب عملنا في العام 2016. لكنّ نظام الحزب لا يسمح بإقراره إلا في حال إنعقاد المؤتمر العام، الذي ينعقد كل 4 سنوات، وهو كان انعقد قبل تسعة أشهر عند انتخاب رئيس جديد للحزب"، وفق صهيون.

تلاميذ وطلاب
تضمّ مصلحة الطلاب، بين المنتسبين فعلياً إليها أو الناشطين فيها، تلاميذاً وطلاباً تراوح أعمارهم بين 15 و30 سنة، لكن "أغلبية المنتسبين أعمارهم بين 18 و25 سنة"، وفق صهيون، المُنتخب منذ سنة و9 أشهر. وتتألف المصلحة، التي تُنتخب كل سنتين، من رئيس ونائب رئيس ومكتب أمانة السر، بالإضافة إلى دوائر تعمل في المعاهد والمدارس والجامعات، ثم تنقسم إلى خلايا، ومكاتب الطلاب التي تتوزع في الأقاليم، وفق عُجيل.

ووفق صهيون لا تشتغل المصحلة في الجامعات، على المستوى السياسي فحسب، بل تعمل أكاديمياً أيضاً. وهي تقدم مساعدات للطلاب، وتناقش الأساتذة، وتطور موجودات الجامعات. وهو يشير إلى افتتاح حديقة، خلال الأسبوعين المقبلين، في معهد الفنون الجميلة- الفرع الثاني، في فرن الشباك، أو تقديم أجهزة كمبيوتر لطلاب الهندسة، كما حصل في كلية الهندسة في رومية. كما "أننا حققنا أرقاماً جيدة جداً في الجامعة الأميركية والجامعة اليسوعية، في الانتخابات الطلابية هذه السنة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها