الأحد 2016/01/24

آخر تحديث: 08:31 (بيروت)

محمد المصري لـ"المدن":صراع الاجيال لم يخدم شباب مؤتمر بيروت

الأحد 2016/01/24
محمد المصري لـ"المدن":صراع الاجيال لم يخدم شباب مؤتمر بيروت
ستنشر الأوراق البحثية التي عرضت في المؤتمر بعد تعديلها من قبل الباحثين (خليل حسن)
increase حجم الخط decrease
على مدى 3 أيام، منذ يوم الخميس الماضي، إنشغل مبنى الوست هول في "الجامعة الأميركية" في بيروت، بالمشاركين في مؤتمر "خمس سنوات على الثورات العربية: عسر التحول الديمقراطي ومآلاته"، الذي نظمه "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" و"معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية"، قبل أن يختتم السبت آخر جلساته. وكان منظمو المؤتمر قد قدموا ورقة بحثية مرجعية عن الثورات العربية وتطوراتها، ثم "وصلتنا مئات المقترحات، لكنها صُفيِّت بعد التحكيم العلمي إلى 57 ورقة بحثية"، على ما يقول المدير التنفيذي لـ"المركز العربي" الدكتور محمد المصري لـ"المدن".


وفي تقييمه للأوراق التي قدمت خلال المؤتمر، يرى المصري أنها "جيدة جداً، من ناحية المعايير الأكاديمية، وبغض النظر اذا كنا نتفق مع التحليل الذي تقدمه أم لا. وقد كان المؤتمر كثيفاً جداً، وهذا يدل على أن هناك حاجة فعلية للتفكير في الربيع العربي، وهذا ما أتاحته النقاشات، التي كانت في بعض الجلسات عالية المستوى، خصوصاً لجهة تحدي الفرضيات المطروحة". على أن الأهم، وفق المصري، أن التنوع كان موجوداً في المؤتمر، "وتحديداً في تعدد تخصصات الباحثين المشاركين، من العلوم الاجتماعية إلى العلوم السياسية والعلاقات الدولية، وبالتالي تعدد الأطر النظرية التي ينطلقون منها". وهذا ما قابله "حضور غير طبيعي"، كما يقول المصري، لـ"المهتمين والمعنيين، حتى بمقاييس الجامعة الأميركية، وكنا موفقين جداً في المحاضرات العامة، خصوصاً محاضرة عبد الفتاح مورو".

والحال إن هذه الأوراق البحثية ستسلك طريقها إلى النشر بعد أن "يعدل الباحثون أوراقهم على ضوء النقاشات التي حصلت، لنتمكن من نشرها في كتاب أو على موقعنا الالكتروني. وهذا ما سيساعد باحثين آخرين على الاهتمام بهذه المواضيع". على أن المصري يتمنى أيضاً أن "يلتفت صناع القرار والمهتمين بالشأن السياسي إلى هذه التحليلات، وإن كانت أحياناً متناقضة، وأن تُأخذ في عين الاعتبار، فأساس العلوم الاجتماعية إسعاد المواطن ورقيه".

وكانت انتقادات قد وجهت إلى المؤتمر بسبب تغييبه حراك بعض الدول عن أوراقه البحثية، مثل لبنان والبحرين والسعودية. واذا كان المصري يتفهم هذه الانتقادات، إلا أنه يؤكد أن المؤتمر "كان أسير ما وصله من أوراق، ونحن كنا نتمنى أن تكون الدول هذه موجودة، والمؤكد أن تغييبها ليس مقصوداً، ففي المؤتمرات الأكاديمية لا يمكنك أن توجه، إلا في ما يخص المعايير الأكاديمية". وكان صعباً، وفقه، تخصيص جلسة حوارية خاصة بلبنان "بسبب الوقت، أولاً، لكن كان يمكن نُسأل أيضاً لماذا لم ننظم جلسة خاصة بالأردن؟ مع ذلك كان هناك 3 محاضرات عامة ألقاها لبنانيون، بالإضافة إلى ورقتين بحثيتين، واحدة عن سلفيي لبنان، والثانية عن ديناميكيات التعبئة والشرذمة في النظام الطائفي".

على أن هذا المؤتمر كان يحمل، في جلساته، صراعات فكرية أو حتى صراعات بين الأجيال، على ما يسجل المصري أيضاً، مشيراً إلى الجلسة الاستثنائية التي خصصت لشبان شاركوا في الثوارت العربية، وأدارها الأستاذ الجامعي فواز طرابلسي. وهذه الجلسة، التي كان يجب أن تكون موجودة على جدول أعمال المؤتمر لأن "هذه الثوارت كانت ثورات الشباب"، بدا الشبان أنفسهم غير راضين عنها، اذ يقول لـ"المدن" جمال المليكي، وهو ناشط يمني وأحد المشاركين فيها، "كنت أتمنى لو أنها أديرت بطريقة أكثر شبابية، لكن للأسف غلب عليها الحس الأكاديمي، ومن دون تحضير مسبق، فيما كان يفترض أن يتاح لنا أن نعبّر عن انطباعتنا حيال الثورات، فأنا لم أكن أتوقع أن يطلب مني الحديث عن الحرب والمبادرة الخليجية، لأن الثورة اليمنية أكبر من هذين الحدثين اللذين كانا الأكثر ظلاماً فيها".

في المقابل، يقول المصري إن "اختيار مدير الجلسة كان خاطئاً، اذ بدا كأننا نشاهد فيلماً سينمائياً عن صراع الأجيال، وهناك شخص جاء من زمن قديم، ويحاول أن يحاور الزمن الجديد، وكان لافتاً أن الزمن الجديد متدفق، بينما الزمن القديم غير قادر على استيعاب حراكيته، لذا كان يحاول جرّه إلى أسئلة وطروحات وأفكار زمنه". وهذه "الفوقية"، على ما يصفها المصري، غير مبررة، ذلك أن "هؤلاء الشباب هم من غيروا حياتنا في العام 2011، بعد أن وصلنا إلى طريق مسدود، وكانت الانظمة قد استباحتنا، وسادت عندنا لغة البنك الدولي ومنظمات المجتمع المدني. هؤلاء من أعطونا الأمل".

وهذا ما لاحظه أيضاً عبد الهادي العجمي، وهو رئيس قسم التاريخ في جامعة الكويت، اذ حضر في المؤتمر خطابين، "وسمعنا مثقفين منغمسين في النظريات السياسية، بشكل كلي. لكن هذا ما يعطينا أيضاً خبرة في فهم الخطاب السياسي المكون للنخب السياسية". وكان العجمي قد قدم ورقة بحثية عن الحراك الكويتي، وكانت الوحيدة عن دول الخليج العربي، وقد لاحظ أيضاً أن "المثقفين، خصوصاً التقليديين منهم، الذين راقبوا الثورات من الأعلى وسعوا إلى وضع نظريات، كانوا يستبعدون ما حصل في الكويت، لأنها تخرّب نظرياتهم، التي كانت في الغالب تتكلم عن مشكلة التوظيف، بينما في الكويت لم يكن هناك مشكلة في التوظيف، بل الذين شاركوا في مسيرة وطن، وهم حوالى 150 ألف شخص، كانوا من أبناء الطبقة الوسطى العليا".

في كل الأحوال، "لا زلنا في سيرورة الحدث الذي سيبقى مؤثراً في مجتمعاتنا إلى 10 سنوات مقبلة"، وفق المصري، وهذا ما لا يكفي لمناقشة قضاياه وتفاصيله جلسات، خلال 3 أيام، بمسارين.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها