الإثنين 2015/09/14

آخر تحديث: 14:09 (بيروت)

هل للصيداوي حديقة عامة؟

الإثنين 2015/09/14
هل للصيداوي حديقة عامة؟
تصور الخبراء والمسؤولين للحدائق يختلف عن تصور المواطنين لها (علي لمع)
increase حجم الخط decrease
صيدا، مدينة البساتين وزهر الليمون في الماضي، تفتقر اليوم إلى حديقة عامة. قد تبدو هذه الخلاصة غير عملية أو مبالغاً فيها إذا ما تحدثنا عن الخيارات المتاحة أمام الصيداوي لقضاء وقته في مكان عام، سواء كان حديقة أو شاطئاً أو ضفة نهر. لكن ضعف هذه الخيارات واحتمال حرمان الصيداويين منها يجعلان وجودها وعدمه سواء، وينفيان استمتاع الصيداويين بحقهم في وجود حدائق عامة تشكل متنفساً لهم وتتوافق مع حاجاتهم.



حديقة المكب
لنعدد الخيارات المتاحة إذاً. وهنا، يجدر بنا البدء بالحديقة العامة "الرسمية" لصيدا والتي يعتبرها رئيس البلدية محمد السعودي "إنجازاً كبيراً"، خصوصاً بعد اقتران اسمها بإزالة مكب النفايات الشهير. تقع هذه الحديقة في المنطقة المسماة بـ"البحر المالح" الواقعة على شاطئ صيدا الجنوبي. تحيط بهذه المنطقة شرقاً "المدينة الصناعية"، بما تحوتيها من دباغات وغيرها. أما غرباً فهي "مزنّرة" بسنسول طويل يبدأ من معمل فرز النفايات ويمتد حتى المنطقة الموازية للمطمر مشكلاً بذلك بركة مياه آسنة، نتيجة صب ساقية "عين زيتون" فيها، وهي احدى السواقي الشتوية في المدينة، والتي تختلط مع مياهها مجاري مخيم "عين الحلوة" والتي تبقى قريبة من الحديقة حتى لو صبت خارج هذه "البركة".

هكذا، فالحديقة المستقبلية التي تمتد على مساحة 35 ألف متر مربع يقابلها جنوباً مياه آسنة وشمالاً مطمر النفايات الذي يحل محل مكب النفايات، والذي يمتد على مساحة 65 ألف متر مربع. ونظراً لتخمر المواد العضوية بشكل طبيعي في المطمر فإنها تصدر غاز الميثان المضر برائحته الكريهة، حيث تتوزع دواخين على مساحة المطمر لتساهم في إخراجه، وإلا انفجر المطمر. ولأن هذه العملية، أي التخمير، تستغرق من 8 إلى 10 سنوات، فلا يمكن المساس بهذا المطمر قبل انقضاء هذه المدة.

ويؤكد السعودي لـ"المدن" أن الحديقة ستكون جاهزة لاستقبال الرواد مع نهاية العام الحالي، كما كانت البلدية قد أعلنت منذ بدء العمل في الحديقة. أما عن الأضرار الصحية التي ينتجها محيط الحديقة، فيرى السعودي أن عدد الأشجار التي ستزرع وارتفاع الحديقة عن مستوى الشاطئ "يجعل الحديقة مكاناً بيئياً وصحياً". في الوقت نفسه، لم يستبعد السعودي احتمال فرض رسم دخول إلى الحديقة بسبب "الصيانة".

في غضون ذلك، لا يسعنا أن ننكر جهود البلدية في تشجير وهندسة وتجهيز المكان، ولكن هل يقبل أبناء المدينة بعد طول انتظار أن تعتبر هذه الحديقة غير المجانية –ربما- والموجودة في منطقة موبوءة وبعيدة، حصتهم من الحدائق العامة؟


كينايات النهر
أما المكان الذي يرتاده سكان المدينة فهو "كينايات النهر"، أي ضفة نهر الأولي المميزة بأشجار الكينا. في الواقع، تعود ملكية هذا العقار (رقم 462) إلى جهة خاصة، على عكس ما يعتقده الكثيرون نظراً لاعتياد سكان صيدا على ارتيادها كمكان عام، وارتباطه بالذاكرة الشعبية. لكن مالك العقار، محمد زيدان، قرر منع أي شخص من الدخول إليه، ثم عاد وأتاح هذه المنطقة أمام المواطنين بعد مطالبة أوساط صيداوية بذلك. ومنذ فترة، أسست "جمعية زيدان" التي تتولى الإهتمام بالمنطقة وضبطها بعد أن قامت بتجهيزها لاستقبال المواطنين، موفرة لهم مقاعد وأماكن مخصصة للشوي وتناول الطعام. لكن ذلك لا ينفي احتمال إعادة إغلاقها. والحل المطروح هو انتقال العقار من الملكية الخاصة إلى العامة، وقد يتحقق ذلك بعد تنفيذ مشروع "ضم وفرز الوسطاني" في المدينة، بحيث يُعاد تقسيم العقارات الموجودة في منطقة الوسطاني، فينتج ما يسمى بـ"الربع المجاني" الذي قد يكون هذه الضفة، فتصبح بالتالي مكاناً عاماً تكسبه المدينة للمنفعة العامة.


كينايات البحر
كما يرتاد سكان المدينة ما يسمى بـ"كينايات البحر" وهي حديقة تقع بالقرب من الملعب البلدي شمالاً، وأهملتها البلديات المتعاقبة ثم أغلقتها. لكنها عادت مؤخراً لتفتحها وتهتم بنظافتها، من دون توفير أي تجهيزات تذكر. مع ذلك، يرتادها السكان بأعداد كبيرة وخصوصاً في نهاية الأسبوع، حيث يقومون بالشوي وتدخين النراجيل، وحيث يلعب الأطفال أيضاً. لكن السعودي أكد أن "البلدية تعمل على مشروع لتطوير هذه الحديقة".

من هنا، يبدو أن تصور الخبراء والمسؤولين للحدائق يختلف عن تصور المواطنين لها. لكن المجلس يأخذ برأي الخبراء في تحديد المعايير التي يتم على أساسها إنشاء الحدائق، على ما يفيد السعودي. أما عن سبب عدم الرجوع إلى ما يريده المواطنون أنفسهم في حدائقهم العامة، فيقول السعودي إن "الصيداويين منقسمون وبالتالي فمن الصعب أن يتوحدوا عند قرار أو مطلب واحد".


السعودية والامارات
يبقى أن نذكّر بحديقتي "السعودية" و"الإمارات"، وهما لم تنجزا حتى اليوم. فحديقة السعودية ناتجة عن مشروع ضم وفرز منطقة غرب الوسطاني الذي حصل في الثمانينات، وهي اليوم أرض بور. بقيت هذه الأرض مهملة بسبب الخلافات الكثيرة حولها، بالرغم من محاولات المجالس البلدية المتعاقبة للحصول على تمويل لها لإعداد حديقة نموذجية، ما أدى إلى يباس أشجار الليمون التي كانت مزروعة فيها. وتسمى بهذا الإسم لأنّ الرئيس سعد الحريري أراد تسميتها بـ"حديقة الملك عبدالله"، بعد أن نال موافقة المجلس البلدي الحالي على تمويلها، لكن التمويل، وفق السعودي، لم يصل إلى البلدية حتى اليوم "بسبب الظروف المالية لآل الحريري".

أما حديقة الإمارات فالعمل جار فيها في المساحة المقابلة للجامع العمري الكبير في صيدا القديمة على مساحة 10 آلاف متر. وأكد السعودي أن الدخول إليها سيكون مجانياً وأن البلدية تحرص على توفير مكان يستفيد منه الرواد للدراسة والمطالعة وغيرها من الأنشطة، مشيراً إلى أنها ستفتتح مع نهاية العام أيضاً.

زد إلى ذلك "حديقة الزويتيني" الموجودة في صيدا القديمة والتي يرتادها أبناء المنطقة فقط ويتولون الحفاظ عليها والإهتمام بها بينما لا يعرف الكثيرون من الصيداويين بوجودها. في المقابل، توجد في صيدا مساحات خضراء كثيرة، وخصوصاً المستديرات، لكنها أشبه بجزر، لا يستطيع المواطنون الإنتفاع منها لأن الدخول إليها ممنوع ولأن ارتيادها خطر.

فهل للصيداوي حديقة عامة؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها