الخميس 2015/01/15

آخر تحديث: 13:23 (بيروت)

"نزهة" داخل سجن النساء

الخميس 2015/01/15
"نزهة" داخل سجن النساء
الخطوة الثانية هي اختيار مجموعة مصغرة وتدريبها بشكل مكثف أكثر لكي تتمكن من إتقان المهنة
increase حجم الخط decrease
"المرأة داخل السجن تختلف عنها خارجه. اعتدنا على المرأة في المنزل، في الشارع، في المقهى، لكن لم نعرف أبداً كيف تكون المرأة في السجن". هكذا يلخص المصور الصحافي رمزي حيدر، رئيس "جمعية ذاكرة"، مشروع "نزهة"، آخر مشاريع الجمعية.


"نزهة" هو مشروع أطلقته "ذاكرة" بالتعاون مع الصندوق العربي للثقافة والفنون – "آفاق"، وتضمّن ورش عمل تدريبية في التصوير الفوتوغرافي، بهدف تحسين الظروف المعيشية للسجينات من خلال تطوير مهاراتهن الفنية والشخصية، ومن أجل مساعدتهن وإعدادهن لتأمين إعادة اندماجهن في المجتمع بعد إطلاق سراحهن.

على أن الفكرة في أساسها كانت تدريب أحداث سجن رومية، كي يخرجوا من السجن وفي يدهم مهنة يستطيعون العمل فيها، في ظل تهميش السجون وعدم الاهتمام بوضع المساجين وتأهيلهم. لكن الظروف الأمنية في رومية حالت دون الذهاب إليه، فوقع الاختيار على نساء سجن بربر الخازن في بيروت.

يتوج مشروع "نزهة"، الذي استغرق 9 أشهر متواصلة، غداً الجمعة، عند السادسة مساءاً، بمعرض في "دار المصور"، في الحمرا، يتضمن بعض الصور التي التقطت في السجن، بتعاون بين "الدار" وجريدة "السفير"، ليستمر إلى 22 من الشهر الحالي. وقد كان من المفترض أن ينظم المعرض داخل السجن، لكن هذا ما لم يتحقق بسبب الظروف الأمنية الصعبة للسجون أيضاً.

ثلاثون صورة، أختيرت بدقة، هي حصيلة أبرز ما ألتقط خلال هذه الأشهر، عبر عشرين كاميرا تناقلتها السجينات على مدى يومين في الأسبوع الواحد، حيث تم العمل بشكل مكثف مع 40 سجينة، أو مصورة كما باتت تسميتهن، بعد أن كن في البداية 60 سجينة. لكن مع الوقت خرج البعض منهن، وقد تراوحت أعمارهن بين 20 و60 سنة، وكن من جنسيات متعددة: إثيوبية، سورية، تونسية، لبنانية وغيرها.

تقول سليمة شريم، وهي إحدى المدربات العشر، أنها باتت تتشوق للذهاب إلى السجن وتشتاق اليهن، وكأنها ذاهبة لزيارة عائلتها، بعد أن كانت مترددة في بداية المشروع بسبب خوفها من الأماكن المغلقة. وهي تشير إلى صورة بالأبيض والأسود معلقة على الحائط، التقطتها إحدى السجينات. "صح أنا علمتن التصوير، بس تعلمت منن كتير. تعلمت معنى الحرية. حتى بالحبس بتلاقي حرية لأن هي داخلنا. المهم الأمل، ونحن عطيناهن أمل"، وفق شريم.

لم تشكل الأبواب الأربعة المقفلة حاجزاً بين المدربين والسجينات. يتحدث حيدر، وهو المدرب/ الرجل الوحيد، بفرح عن العلاقة المتينة التي باتت تربطهن ببعضهن وكيف أنهن أضحين جزءاً من السجن. فـ"هن أصبحن يعرفن أخباراً كثيرة عنهن وعن عائلاتهن، وصارت السجينات وإدارة السجن، التي كانت متجاوبة جداً، يفتقدونهن في حال لم يأتين للزيارة".

لقد فتح هذا المشروع، أيضاً، فسحة للتواصل بين السجينات أنفسهن، لم تكن موجودة في السابق. فهن كنّ بحاجة لأن يتخاطبن مع بعضهن من أجل أن يشرحن صورهن التي ألتقطت في المرة السابقة، أو لكي تطلب إحداهن من الأخرى أن تصورها. أصبح بإمكانهن أن يرين أشياءً لم يرينها من قبل في السجن، أو أصبحن يرين القصص بطريقة أجمل. "في الأول، كانوا يستحوا ويتخبوا ورا بعض، بس مع الوقت صارت الكاميرا جزء منن، وصاروا يصوروا حياتهن بكل تفاصيلها"، يضيف حيدر.

يدرك المدربون تماما حقيقة أن السجينات لن يزاولن، جميعهن، هذه المهنة بعد خروجهن من السجن. لكن على الأقل هناك البعض منهن سيرجعن إلى بلادهن مع مهنة جديدة ليكسبن منها قوتهن. ولعل أكثر القصص تأثيراً هي قصة سجينة لم تعد تريد من خطيبها شيئاً سوى أن يشتري لها كاميرا عندما تخرج لكي تفتح استديو تصوير خاصاً بها. على أن المشروع، بالنسبة لـ"ذاكرة"، لا ينتهي مع المعرض. فحالة السجون بحاجة لمتابعة دائمة، في ظل عدم قيام السلطات الرسمية بدورها. فالخطوة الثانية هي اختيار مجموعة مصغرة وتدريبها بشكل مكثف أكثر لكي تتمكن من إتقان المهنة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب