الأحد 2014/07/06

آخر تحديث: 11:43 (بيروت)

"متعة" السرقة عند الشباب: "مرض" وتمرد على السائد

الأحد 2014/07/06
"متعة" السرقة عند الشباب: "مرض" وتمرد على السائد
تعتبر فئة من الشباب أن النظام القائم غير منصف بحقهم فيتبنون سلوكاً مضاداً للمجتمع (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease

لم يبد الطالب رالف (إسم مستعار) محرجاً عند روايته كيفية سرقته كتاباً من المتجر. "أخذت رواية خيال علمي من الـvirgin، سعره نحو 30 دولاراً، بينما أجري اليومي في العمل لا يتعدى الـ20 دولاراً". لا يعترف رالف بسهولة أنه خاف. يشرح: "كان القسم فارغاً تقريباً، لا موظفين ولا زبائن، فوضعته في الحقيبة. استفدت من عدم وجود آلة كشف السرقات في المدخل". يضيف: "نجحت بإقتناء شيء أحبه من دون أن أدفع شيئاً".

سلوك مضاد للمجتمع

لا يشعر رالف بأي ذنب، لا بل يفاخر أمام أصدقائه بأنه سرق من الـ"virgin". هذا مرتبط برمزية المتجر المعروفة عند الشباب. كأنه "يثأر" لهم عن كل الأموال التي دفعوها، "والتي لن يجرؤ أحد منهم على استرجاعها بطريقته". يقول رالف: "ببساطة لا تفكر بالموضوع، إن فكرت ستتراجع. أنا أعلم أنهم يسرقونني بأسعارهم، وأنا صراحة لا أحب أن يسرقني أحد".

ينتمي رالف إلى فئة من الشباب تشعر بأنها ضد السائد في المجتمع. ويقول الدكتور جوزيف خوري، وهو معالج نفسي، أن "الإيديولوجية التي يقدمها رالف يمكن أن تكون شكلية فحسب، ولا تعدو كونها تبريرا. لكن هذا لا يمنع أن لهذه الفئة من الشباب شعوراً مضاداً للمجتمع، إذ يعتبرون أن النظام القائم لا ينصفهم، لا بل هو موجه ضدهم وهذا ما يظهر في أسلوب عيشهم ومظهرهم المختلفين عن السائد".

 

أحسست أنها نهاية العالم

تسرق الشابة رانيا (إسم مستعار) غالباً من متاجر الثياب. كانت في بادئ الأمر تشتري قسماً من حاجياتها وتسرق قسماً آخر. لاحقاً أصبحت تسرق كل ما تريده. تعترف بأنها تخاف عندما تضع قطعة الثياب في حقيبتها، وعند مرورها، في آخر جولة التسوق، تحت آلة كشف السرقات. تقول: "لا أصدق متى أمر بسلام وأصل إلى السيارة. يتبدد الخوف ويحل مكانه شعور عارم بالسعادة. سرقت مرة بقيمة 200 دولار، وكنت سعيدة". لا تنفي رانيا أن ما تفعله غير سليم، لكنّها في الوقت نفسه تكرر كلام رالف السابق عن الأرباح الطائلة التي تجنيها هذه المتاجر الضخمة.

لكن النهايات لاتكون دائماً سعيدة. وهذا ما حصل لرانيا عندما قُبض عليها. كانت في "السيتي مول". تقول: "كنت مستعجلة ذلك اليوم، ولم أنتبه إلى ضرورة إزالة القطعة البلاستيكية التي تصدر صوتاً منبهاً عند آلة الكشف. وحين مررت بداخلها انطلق الزمور عالياً ونظر الجميع إلي نظرات مريبة، فأحسست أنها نهاية العالم. أخذني أحد الموظفين إلى غرفة في الطابق الثاني وبدأ بتفتيش حقيبتي. وعرض عليّ أن أدفع ثلاثة أضعاف المبلغ أو يتصل بالشرطة. قبلت عرضه طبعاً، وأضطررت للاتصال بصديق لي كي يأتي لي بالمبلغ. دفعت يومها 350 دولارا".

 

مرض نفسي

تختلف حالة الشابة ديما (اسم مستعار) عن حالتي رالف ورانيا، إذ أن وضعها الإقتصادي أفضل منهما. وهي تسرق لرغبة في السرقة، وفي غالب الأحيان تسرق أشياء لا تحتاجها. تشعر برغبة عارمة بأن تأخذ سلعة من المتجر أو السوبر ماركت، لكنّها في بعض الأوقات ترد بعض هذه المسروقات بسبب شعورها بالذنب. لا تشعر ديما خلال السرقة بالخوف، "إنه شعور جميل"، تقول. لا تخطط ديما لسرقتها. تقرر دائماً في اللحظة نفسها. تضيف: "عندما يتاح أي شيء أمامي سآخذه، كان قد مر وقت طويل قبل أن أخبر أحداً بما أفعل".

ويؤكد الدكتور خوري أن حالة ديما "تسمى kleptomania ودائماً ما ينكر صاحب الحالة ما يمر به. هو ليس قراراً ذاتياً عندما ينجرف المريض إلى السرقة، كأن قوة ما تأخذه إلى نشوة يشعر بها عندما يسرق شيئاً". يضيف: "أسباب هذا المرض النفسي عديدة، ومن بينها الفراغ النفسي والكآبة وحتى الادمان. ويختلف أصحاب هذه الحالة عن الحالات الأخرى التي يكون فيها الدافع إلى السرقة اجتماعي، بجانبيه العقائدي والمادي، مثل حالتي رالف ورانيا".

increase حجم الخط decrease