الأربعاء 2014/07/16

آخر تحديث: 14:23 (بيروت)

طلاب لبنان: إلى متى سننتظر؟

الأربعاء 2014/07/16
طلاب لبنان: إلى متى سننتظر؟
الطالبتان الوحيدتان اللتان شاركتا في إعتصام دعت إليه "لجنة المتابعة لطلاب الشهادات الرسمية" أمام وزارة التربية (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

"ما زلت أذكر عندما كان أبي يقول لي: دعك من السياسة واهتم بدراستك. لكن ماذا أفعل اليوم؟ فقد حصل التصادم بين السياسة والدراسة. وأصبح مستقبلي ومستقبل الآلاف من الطلاب في خطر". يقول أحد الطلاب. طلاب لبنان يواجهون لوحدهم كرة الثلج الاجتماعية السياسية التي تكبر. هم يكافأون اليوم لأنهم يتطلعون إلى المستقبل، ولأنهم أرادوا أن يتعلموا في بلد لا تبالي دولته بهم.

سلسلة الرتب والرواتب مطلب تحول ليصبح سلعة في مزاد السياسة، ومعه مصير الطلاب. ولأول مرة منذ انتهاء الحرب الأهلية، يصبح مصير العام الدراسي معلقا بالسياسية. وإضافة إلى السلسلة برز ملف تفريغ الأساتذة المتعاقدين في "الجامعة اللبنانية" وتعيين عمداء فيها، ما كان سبباً في تأجيل الامتحانات في بعض الكليات وعدم تصحيح امتحانات أجريت في كليات أخرى. أما الطلاب الثانويون والجامعيون فيقفون أمام مصير مجهول. يختلفون في تحميل المسؤوليات عن مصيرهم، لكنّهم يتوحدون في مأساتهم.

 

"أصبحنا كبش محرقة"

نجح مجلس النواب، إلى حد ما، في وضع "هيئة التنسيق النقابية" في وجه الطلاب، إذ تظهر على وجوه بعض الطلاب علامات الحيرة عند سؤالهم عن المسؤول عن مأساتهم، فيكون الرد الأسهل: "الطرفان يتحملان المسؤولية". جواب يخفي في طياته يأساً من الحل. يقول حيدر نحال، طالب علوم الحياة، والذي ينوي دخول كلية الصحة: "أصبحنا كبش محرقة، ومجلس النواب لا يهتم بأحوالنا". يضيف بحسرة: "لا نستطيع فعل شيء، باتت خياراتنا محصورة في بعض الجامعات والاختصاصات".

عبد منتش، طالب العلوم العامة هو الأخر يعاني من تأجيل تصحيح الامتحانات. "خططنا للدراسة خارجاً قد تأثرت. فمهلة تقديم البيانات تقترب من الإنتهاء ولا ندري ماذا نفعل"، يقول منتش، الذي أجرى امتحان الدخول إلى كلية الهندسة في "اللبنانية". في المقابل لا ترى هبة (تحفظت عن ذكر اسمها كاملا) أي تأثير على خططها، فهي تفكر "منذ البداية بالدخول الى كلية العلوم في اللبنانية".

 
الجامعات أيضا تنتظر


لا تخفي معظم الجامعات، والتي تمثل الطرف الثاني المتضرر من تأجيل التصحيح، أملها في "حلحلة هذه المشكلة قبل بدء العام الدراسي، وإن كان ذلك عبر توزيع إفادات نجاح على الطلاب كافة"، وفق الدكتور سليم كنعان رئيس قسم شؤون تقديم الطلبات في "الجامعة الأميركية في بيروت". يضيف كنعان أنه "من الممكن الاستعانة بالإفادات كما حصل في أولى سنوات الحرب الأهلية، الأمر الذي لا يؤثر على متطلبات القبول في الجامعة،  باعتبارها ترتكز على العلامات المدرسية، إضافة الى نتيجة اختبار التقييم المدرسي (SAT)". ويؤكد أن الجامعة ليس لديها أي خطط، مبدئياً، لمعالجة هذه المشكلة، وهي تنتظر تطورات الملف.

ولا يستبعد مكتب شؤون القبول في "جامعة بيروت العربية" فكرة تأجيل السنة الدراسية لمدة قصيرة إلى حين بت ملف السلسلة، ولكنه يترك، في الوقت نفسه، إمكانية للحل عبر التصحيح أو الإفادات المدرسية، علما أن مجلس إدارة الجامعة لم يجتمع بعد لمناقشة هذه المستجدات.

من ناحية أخرى تتمايز "جامعة القديس يوسف" (USJ) في موقفها من الملف، ويعتبر مكتب شؤون القبول فيها، أنه من "الممكن اللجوء إلى بدء العام الدراسي بالطلاب الناجحين بامتحان الدخول إلى حين انتظار النتائج الرسمية التي ستُؤخذ بالاعتبار حينها". في المحصلة، تؤكد الجامعات الثلاث على عدم وجود أي تنسيق بينها وبين الوزارة.



معاناة "اللبنانية"


قد لا يكون الوضع مختلفا لدى طلاب "الجامعة اللبنانية"، فهم بدورهم يعانون من المشكلة نفسها، وإن كانت هذه المرة "مكشوفة أكثر". فقد اعتاد طلاب اللبنانية على إهمال الدولة لمطالبهم، سواء في تحسين نظام الجامعة الداخلي أم في المشاكل الخاصة بكل كلية. هذه المرة، تجمع غالبية الطلاب على حقوق اساتذتهم، في حين يحملون مجلس الوزراء والسياسيين المسؤولية في تأجيل امتحاناتهم أو عدم تصحيحها. "الدولة غير مهتمة بموضوع الجامعة اللبنانية"، يقول طالب (رفض الافصاح عن اسمه) الرياضيات في كلية العلوم- الفرع الخامس. ويطالب الحكومة بـ"تثبيت الأساتذة وبت ملف الجامعة كاملا في أقرب وقت". وعن وضع الطلاب، يضيف أن "تأجيل الامتحانات سيؤثر سلبا على أداء الطلاب، وبالتالي على علاماتهم التي يحتاجونها للسفر، من دون نسيان إمكانية تأجيل الدورة الثانية في شهر أيلول، ما يعرقل أكثر التقديم في جامعات الخارج".

المعاناة لا تقتصر على الطلاب الذين ينوون السفر فحسب، بل تتعداها إلى الطلاب المخططين للدراسات العليا (Masters) في مجمع الحدث الجامعي، إذ سيتأخرون عن حجز مكان في السكن الجامعي إلى حين إصدار الإجازة. "ستنفذ الأماكن المحدودة أصلا، وسنضطر للسكن خارج المجمع بأسعار أغلى"، يقول أحد هؤلاء.

بعيداً عن طلاب السنة الأخيرة، يعاني بقية الطلاب من مشكلة مشابهة. يشرح علي ديب طالب كلية العلوم– الفرع الخامس أن "الامتحانات صححت بمجملها ولكن التأخير هو ربط إصدارها بالوصول إلى اتفاق". يضيف: "عند الاتفاق ستصدر العلامات وستحدد مواعيد الدورة الثانية بشكل مفاجئ للطلاب، الذين ينوون التحضير للدورة الثانية خلال الفترة ما بين الاتفاق واصدار النتائج".

 

المنح في خطر

هي سنة للنسيان إذا بقيت الأمور على حالها، حتى في حال اللجوء إلى الافادات لحل الأزمة، إذ هناك مشكلة أخرى تتقدم إلى الواجهة. فغياب العلامات يعني عدم تحديد المتفوقين، وبالتالي غالب الظن أن لا تعطى منح. إلا في حال تغيير معايير تقديم المنح لتقوم على أساس العلامات المدرسية. إضافة الى ذلك، فالنجاح بإفادة مدرسية فحسب، هو بمثابة  "تدمير نفسي" لطلاب كثيرين. "ليس باليد حيلة"، هذا موقف طلاب لبنان، والأمل يبقى أن تصحو السلطة السياسية وتعلم أن ناقوس الخطر قد دق.

تصحيح الامتحانات: الخطر يقترب

increase حجم الخط decrease