الثلاثاء 2014/07/15

آخر تحديث: 14:27 (بيروت)

الهرمل: كأن الحرب السورية هنا

الثلاثاء 2014/07/15
increase حجم الخط decrease
تفرض الحرب السورية على المناطق المحاذية للحدود بين لبنان وسوريا متغيرات حادّة. وهذا ما يظهر واضحاً في الهرمل، حيث تظهر هذه المتغيرات مع تطور مجريات المعارك على الضفة الأخرى للحدود. فالمتغير الأمني يقفز إلى الواجهة بعد أن فجرت في الهرمل ثلاث سيارات مفخخة، وتعرضت المنطقة لقصف بعشرات الصواريخ. ويظهر القلق الأمني الدائم من خلال السواتر الترابية المنتشرة في المدينة، وفي ازدياد ملحوظ لحملة السلاح بين أبناء المدينة، ولاسيما بين أبناء العائلات غير المحسوبة عادة على العشائر. 

أما المتغير الإقتصادي فترافق مع معارك القصير وحمص، إذ قطعت العلاقات خلالها مع مناطق لطالما اعتمدت الهرمل عليها في تبادلاتها التجارية، استيرادا و تصديرا، ما آذى بشكل أساسي القطاع الزراعي، وانعكس تراجعا ملحوظاً على اقتصاد المنطقة.


إنتشار السلاح


حفزت الحرب السورية، بتداعياتها، على حدوث نوع من ردّة اجتماعية وقيمية تبدت في ازدياد ظهور السلاح الفردي وتزايد ملحوظ في عدد المشاكل والصراعات وأعمال الثأر بين العشائر، في ظل غياب كامل للدولة حيث بات الاعتماد على الأمن الذاتي، أساسياً.

يقول علي (إسم مستعار)، وهو شاب من الهرمل، إنّ "الخوف يلعب دوراً أساسياً في حيازة السلاح الفردي هنا، حيث الجميع خائف من الانتحاريين والتكفيريين. إننا في حرب ويجب على الشباب أن يكونوا حاضرين دائما لأي طارئ". يضيف: "شراء السلاح لم يكن صعباً قبل الحرب السورية بيد أنه هذه الأيام يباع علناً ويمكن الحصول عليه بأرخص الأسعار".


ازياد التسلّح ترافق مع ازدياد أعداد قتلى "حزب الله" في المعارك السورية. يقول رامي (إسم مستعار)، وهو موظف في القطاع العام، إنه "ومنذ بداية الثورة السورية وهامش الرأي الآخر في المدينة يضيق، مَن ينتقد تدخل الحزب في سوريا يجابه بالتخوين". ويؤكد أن "الكتلة المنتقدة لمشاركة الحزب كبيرة في الهرمل، لكنّها لا تعبّر عن نفسها بسبب أجواء التوتر، ولاسيما أن العشائر، المعارضة تاريخياً للحزب، إنضوت نسبيا منذ زمن قريب تحت رايته بعد تداخل مصالح بعض النافذين فيها مع مصالحه وسياساته". ويبرز هذا الأمر جزئياً في إفادة بعض النافذين من حرب القصير وسيطرة الحزب على المنطقة".


يقول رامي: "ذهبت مجموعة من السارقين واستثمرت أراضي القصير الزراعية، وصودرت منتجاتها الزراعية والحيوانية مثل المشمش والبقر، وقطعت كثير من أشجار بساتينها وجلبت إلى الهرمل للإتجار بها". لكن لا يمكن القول إن هذه الأفعال شكلت "حالة" اقتصادية في المنطقة، إذ أنها اقتصرت على القائمين بها، وكانت مسألة وقتية، وفق رامي


تدهور الاقتصاد


يقول محمد محفوظ وهو مالك لمتاجر عدّة في الهرمل إن "توقف الأسواق في حمص والقصير أثر سلباً على الأعمال التجارية عامة، إذ انتقلت إلى شراء البضائع من السوق اللبناني المرتفعة أسعارها مقارنة بالسوق السورية، ما قلل هامش الربح. هذا إضافة إلى قطع الطريق على تصدير منتجات الهرمل الزراعية إلى السوق الخليجية عبر سوريا، وكذلك تلقى قطاع تجارة الأسماك ضربة قاسية إذ كان معظم الانتاج يصدّر الى حمص ومناطق سورية أخرى".


وقد شكل استمرار زراعة الحشيشة للسنة الثانية على التوالي، في ظل عدم التلف الرسمي للمحصول، حافزاً مهمّاً للمزارعين في جرود الهرمل. ويقول أحد "المستثمرين" في زراعة الحشيشة أن "الحرب السورية قطعت معظم طرق التهريب الأساسية، ما دفع التجار إلى عدم شراء المحاصيل التي خفّ الطلب عليها، وذلك مقابل ازدهار تجارات أخرى من المخدرات تسهل طرق تهريبها، وهذا ما ساهم في تراكم محاصيل الحشيشة لهذه السنة وانخفاض أسعارها إلى إرقام قياسية".


ويستمر تعطّل القطاع السياحي على ضفاف نهر العاصي منذ بداية الأحداث السورية. ويعتبر محمد ناصرالدين، وهو أحد المستثمرين في المجال السياحي على ضفاف العاصي، أن للمتغير الأمني "آثاراً كبيرة على القطاع الذي تضرر بشكل كبير، وقد كان يؤمن مداخيل لمئات العائلات، خصوصاً بعد ازدهار رياضة الرافتينغ في السنوات الماضية، والتي توقّفت مع بداية الأحداث". يضيف: "لولا مداخيل موظفي الدولة ومتفرغي حزب الله في المؤسسات الأمنية والاجتماعية لكان الوضع الاقتصادي كارثياً".
increase حجم الخط decrease