الأحد 2015/10/11

آخر تحديث: 15:30 (بيروت)

طلاب التسعينات.. مجموعة "طلاب شيوعيون"

الأحد 2015/10/11
طلاب التسعينات.. مجموعة "طلاب شيوعيون"
اليوم، لا تزال هذه المجموعة تعمل في السياسة ولكن كأفراد وليس كمجموعة (فايسبوك)
increase حجم الخط decrease

في العام 2000 تأسست مجموعة "طلاب شيوعيون"، في ظل المعارضة التي كانت تنمو داخل "الحزب الشيوعي اللبناني"، خصوصاً بعد المؤتمر التأسيسي الثامن للحزب، وتحديداً من قبل مجموعات شبابية كانت تخوض معارك تنظيمية داخل الحزب على المستويين الفكري والتنظيمي. ولكن اللحظة التي تبلورت فيها هذه المجموعة هي اللحظة التي تلت تحرير الجنوب وبداية فتح ملف الوصاية السورية.


بعد التحرير بأسبوعين، نظم الاجتماع الأول في الريحان وأعلن عن إنشاء مجموعة "طلاب شيوعيون". الاسم الأول كان "طلاب من الحزب الشيوعي"، فإعترض الحزب على التسمية. الهدف من الاسم كان التأكيد "أننا طلاب شيوعيون لم نخرج من الحزب، وبإمكاننا أن نعمل فيه وفي السياسة، وقد كنا شيوعيين بقوميتنا"، يقول الدكتور علي مراد، أحد المؤسسين. وهذه كانت من أوائل التجارب الشبابية اليسارية التي طرحت موضوع الوجود السوري كإشكالية بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي، "في وقت كان يصعب فتح هذا الملف في ظل وجود العدو الإسرائيلي"، وفق مراد. وقد تزامن ذلك مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية والتقارب مع موقف النائب وليد جنبلاط من الوجود السوري إذ دعا إلى تطبيق اتفاق الطائف، وكذلك مع صدور بيان المطارنة الموارنة في أيلول العام 2000 وإبداء العونيين انفتاحاً تجاه آخرين. وهذا "ما أدى إلى استقطاب ثلاثي لمواقف تقول إن المشكلة الأساسية هي الوصاية السورية، بهدف الخروج من البوتقة الإيديولوجية نحو تحالف وطني واسع".


الائتلافات
ويؤكد فاروق يعقوب، وهو أحد المؤسسين، أنهم لم يكونوا "مع ديكتاتورية البروليتاريا، لكننا كنا أقرب إلى الاشتراكيين الثوريين". ويضيف: "كنا ننسق مع جميع الحركات الجامعية الأخرى، ونتفق على عدائنا للنظام السوري. لكننا أيضاً كنا لئيمين في السياسة بعكس الحركات اليسارية الأخرى".

من أبرز الأسماء التي نشطت في المجموعة عمر حرقوص، حسام ناصيف، كنج حمادة، فاروق يعقوب، عباس أبو زيد، نبيل أبي صعب، بسام ناصر الدين، علي مراد، باسل فقيه (منسق كلية الفنون في بيروت)، رائد فقيه، مروان الأمين، طارق الهاشم، ربيع فخري، حسين غريب، جهاد فرح (منسق كلية الفنون في الشمال)، بسام جرجس وغيرهم. والجزء الأكبر منهم كانوا طلاباً في حينها، وقد لعب حرقوص دوراً أساسياً في هذه المجموعة كمنسق.

يعد موضوع بناء الائتلافات من أهداف المجموعة، اذ "لم يكن الهدف أن تبقى المجموعة قائمة بذاتها ولذاتها، بل شكلت معبراً لبناء حركة يسارية جامعة، هي حركة اليسار الديمقراطي، تنحاز إلى القضية الوطنية ضد الوجود السوري بوعي ديمقراطي يتقدم على القضايا الأخرى ولا يقبل ابتزاز ما سُمّي لاحقاً بالممانعة"، وفق مراد. وقد كان تأثير المجموعة واسعاً ولم يقتصر على بيروت، إذ بنت جسماً تنظيمياً يمتد الى المناطق (الجنوب/ النبطية، الشوف، الاقليم والشمال). وهذا ما ساهم في تعزيز الاعتراض داخل الحزب الشيوعي، فقد "كنا نشكل رعباً تُرجم في فصلنا من الحزب".


المعارك
يعتبر أفراد "طلاب شيوعيون" أن مجموعتهم تجاوزت المعارضة الرسمية داخل الحزب، التي تجزأت في ما بعد. ففي 23 تشرين الثاني 2003، ألقت المجموعة كلمة، بإسم الشيوعيين، من دون رضى القيادة في المعارضة الحزبية، أعلنت فيها الانحياز لقضية الاستقلال، وعلى إثر ذلك تم فصل 4 أشخاص. وتحولت الحركة إلى قلق دائم للحزب، لأن الخطاب كان واضحاً، وعبّر عن "أوسع تحالف وطني من خلفية يسارية على موضوع سياسي"، يؤكد مراد. والمعركة الثانية التي خاضتها المجموعة كانت معركة دعم السلطة الفلسطينية في وجه الحصار الذي تعرضت له، حيث كانت من منظمي الاعتصام الذي نفذ في ساحة الشهداء، حيث تم رفع صورة ياسر عرفات، في ظل الوجود السوري، مع حضور لقيادات من "قرنة شهوان" للتضامن مع فلسطين. وفي حرب العراق، في العام 2003، كانت المعركة الثالثة، حين رفعت شعار "لا للحرب لا للدكتاتورية"، اذ رأت المجموعة أنها لا يمكنها أن تبرر الديكتاتورية في هكذا حدث.

وهذه المعارك كانت نقلة نوعية في وعي أفراد المجموعة، ما زاد اصرارهم على تأسيس حركة سياسية يسارية ديمقراطية قائمة على موضوع أساسي في السياسة هو رفض الوجود السوري، وتربط القضية الاقتصادية والاجتماعية بالسيادة، فـ"اطلقوا شعاراً هزّ البلد، هو خبز وعلم وحرية وسيادة وطنية"، وفق مراد.


ما بعد المجموعة
وفي أيلول 2004 أخذت المجموعة قراراً بحل نفسها، وهو ما يعتبره أفرادها اليوم قراراً واعياً طالما أن دورها قد انتهى، في وقت اتيح الدخول فردياً إلى "اليسار الديمقراطي". ويقول مراد إن "الحركة تمكنت من مراكمة وعي مسؤول بسبب عملها على الأرض، فهناك أشخاص عادوا إلى مواقف اتخذناها (في 14 آذار، 7 أيار ولاحقاً في الثورة السورية، وفي الموقف من حزب الله والسلاح)، ما يؤكد أن هذه الحركة كانت قادرة على فتح هذه النقاشات في وقت مبكر. وهذا ليس مرتبطاً بكفاءة الأشخاص فقط إنما باللحظة السياسية"، يضيف مراد.


إنجازات
تميزت هذه المجموعة بأمور عديدة، وفق مراد، فهي "لم تدّعِ أنها مجموعة يسارية مستقلة وقطعت علاقاتها نهائياً بالحزب الشيوعي وخلافاته الداخلية التنظيمية، وأقرت بأنها تريد العمل في السياسة مع الناس، معلنة انحيازها إلى القضية الأساس بالنسبة اليها، أي رفض الوجود السوري، وقامت بتقديم نقد ذاتي لتجربة اليسار في الحرب الأهلية، إن كان على مستوى ضرب مفهوم الدولة واستسهال الدخول في حرب أهلية أو تسليم البلد للفلسطينيين. وهذا ما سمح لها بأن تكون ناشطة وفعالة على الأرض وأن يكون دورها السياسي وتأثيرها أقوى بكثير من عددها التتنظيمي".

وأفراد المجموعة هم من عائلات حزبية في الأساس، وتربطهم علاقة رومانسية بالحزب، فلم يكن سهلاً ابداً عندهم ترك الحزب وتشكيل غيره. "ليس لدينا صورة مع آيباد، لكن عندنا صوراً مع كلاشينكوف وسلاح، وفعلاً كان إنجازاً أن نرفض الواقع الذي وجدنا أنفسنا فيه ولم يكن يمثلنا"، وفق يعقوب. هكذا، جاء تشكيل "اليسار الديمقراطي" في وقت الذروة، و"قد كان جزءاً من حراك 2005 نتيجة جهود المجموعة". على أن "انهيار اليسار الديمقراطي يرجع في جزء منه إلى السياسات السيئة في آلية عمل الحركة نفسها، والصراع على حب الظهور إلى حد ما، بالإضافة إلى حياتنا الشخصية كأفراد، فقد كان أغلبنا في مرحلة التأسيس لحياته المهنية والمستقبلية"، وفقه.


المجموعة اليوم
اليوم، لا تزال هذه المجموعة تعمل في السياسة ولكن كأفراد وليس كمجموعة. ويشير يعقوب إلى أنهم لن يعودوا كما عادت "حركة طانيوس شاهين"، لكنه يؤكد أيضاً على وجودهم كأفراد في السياسة، بشكل دوري ويومي. ويلمح إلى احتمال إنشاء مجموعة جديدة تدعى "نبض" للمساهمة في الحراك الحالي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب