الخميس 2014/12/18

آخر تحديث: 16:10 (بيروت)

حزب الله يصالح سليمان: إعلان بعبدا ضرورة!

الخميس 2014/12/18
حزب الله يصالح سليمان: إعلان بعبدا ضرورة!
الحديث عن إعادة انتخاب سليمان حقيقة؟! (تصوير: دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease

 

منذ مغادرته قصر بعبدا بعد إنتهاء ولايته الرئاسية، بقي الرئيس ميشال سليمان رئيساً بالنسبة لبعض الأفرقاء اللبنانيين. التعاطي معه خارج ولايته كأنه ما زال على الكرسي الأول، في زيارات الديبلوماسيين إلى لبنان يكون أول المدرجين على برامج لقاءاتهم، حتى وسائل الإعلام أغلبها لا تزال تستخدم لقب الرئيس ميشال سليمان وليس الرئيس السابق، هناك من يعتبر في قرارة نفسه أنه لا يزال أمام سليمان دور ما ليلعبه على الساحة الداخلية، لا سيما في ظل العقم الرئاسي الذي يضرب بعبدا.

 

لماذا الكلام عن رئيس سابق الآن؟ لم يعتد لبنان من قبل أن تتذكّر صحافته الرؤساء السابقين، لكن مع سليمان هناك شيء ما يتغيّر، ربما يؤدي فشل إنتخاب رئيس جديد إلى إعادة تعويمه، ومن يدري ربما إنتخابه مجدداً للخروج من مآزق البحث عن رئيس توافقي في ظل الفيتوات والفيتوات المقابلة التي يضعها الأفرقاء المختلفين على الأسماء المطروحة.

 

لو لم يحصل الخلاف على إعلان بعبدا لكان ميشال سليمان اليوم في القصر رئيساً ممدداً له، إلّا أن الخلاف بينه وبين حزب الله، والإختلاف في الرؤى والتوجّهات حال دون ذلك التمديد، لكن وعلى ما يبدو فإن الحزب اليوم هو من أكبر النادمين على عدم الإلتزام والتمسّك لا بل الحفاظ على إعلان بعبدا. بإختصار، انقلبت الآية.

 

بعد طول جفاء وتخاصم، قام وفد من حزب الله برئاسة النائب محمد رعد والنائبين علي عمّار ونوار الساحلي بزيارة تعزية للرئيس سليمان في منزله في اليرزة، إضافة إلى تقديم واجب العزاء، فقد غسلت هذه الزيارة القلوب المحتقنة، والنفوس المشحونة بين الطرفين. وتقول مصادر مطّلعة على مجريات اللقاء لـ"المدن" إنه حصل في خلاله توضيح لبعض النقاط التي كان ينظر إليها كنقاط سلبية أو عالقة، وتم البحث في مختلف الأمور التي يجتمع عليها الطرفان، كأهمية الحفاظ على الهدوء والإستقرار في الداخل، كما صون الحدود ومنع تسرّب أي إرهاب من الخارج إلى الداخل. وتضيف المصادر أن النائب محمد رعد أكد لسليمان فتح صفحة جديدة وسيكون هناك المزيد من التواصل لا سيما أن الزمن زمن حوار، وأكد وفد حزب الله احترامه وتفهّمه لمواقف سليمان وخصوصاً إعلان بعبدا. واعتبرت المصادر أن هذا اللقاء أسقط المقولة التي أطلقها حزب الله سابقاً حول إعلان بعبدا "بلّها واشرب ميّتها"، بالإضافة إلى إسقاط معادلة الرئيس الخشبي.

 

لماذا هذا التغيّر؟
بداية، تأتي الزيارة التي اختارها حزب الله إلى منزل سليمان وليس إلى الكنيسة حاملة رسائل عدّة، فالمنزل يعبّر عن ودّ في العلاقات لنزع الطابع الرسمي عن هذه الزيارة، وإضفاء المزيد من الأجواء الإيجابية، كما تأتي الزيارة بعد عزم حزب الله تطبيق إعلان بعبدا على طريقته على الحدود الشرقية للبنان. أي بعد أن كان الخلاف بين الحزب وسليمان على القتال في سوريا، فإن الحزب يريد منذ أحداث عرسال في آب الماضي أن يمسك الجيش اللبناني زمام الأمور العسكرية على الحدود اللبنانية السورية، وهذا هو جوهر إعلان بعبدا.

 

القراءة مختلفة، يُجمع أكثر من مصدر على أن الأحداث التي تدور خلف الحدود الشرقية وتحديداً في القلمون السوري أفضت إلى رؤية أساسية لدى حزب الله الذي استنزف إلى درجة عالية في حرب الجرود، فهو يريد تخفيف خسائره في مقابل إستدراج أطراف اخرى للقتال مكانه، وهو كان يسعى منذ البدء إلى إدخال الجيش اللبناني في قلب الصراع، الآن وبعد وصول داعش إلى القلمون ومحاولته السيطرة عليها، يعلم الحزب أن التنظيم الزاحف لن يقف عند الحدود السورية بل سيتوجه إلى لبنان، وهنا يعيد إحياء إعلان بعبدا لتولي الجيش مهمة القتال هناك.

 

سياسياً، لا شيء جدّياً حتّى الآن على صعيد إنتخاب رئيس للجمهورية، وفي ظل المراوحة التي يشهدها هذا الملف يسعى جميع الأفرقاء إلى الإستثمار في الوقت الضائع والتلهي بأمور جانبية، كالحوار بين الخصوم أولاً ومحاربة الإرهاب ثانياً، وإحياء إعلان بعبدا وما يمثّله من إعادة تعويم ميشال سليمان ثالثاً، وهنا يجوز طرح السؤال الخيالي عن إمكانية اختصار كل هذه الأمور في حلّ واحد هو إعادة إنتخاب سليمان رئيساً للجمهورية، لا سيما أن علاقاته جيدة مع الجميع بإستثناء النائب ميشال عون، الذي قد يخضع للأمر الواقع إذا ما وعد بالرئاسة بعد حين، أو بترئيس من يريد بالإضافة إلى اللعب على وتر الشعبوية المعتاد.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها