الجمعة 2015/04/24

آخر تحديث: 20:41 (بيروت)

في ذكرى الإنسحاب السوري من لبنان .. مات رستم

الجمعة 2015/04/24
في ذكرى الإنسحاب السوري من لبنان .. مات رستم
موت "أبو عبدو" يترك فرحاً في لبنان
increase حجم الخط decrease

مات رستم غزالة. لا يهم كيف ومتى. رحل من حكم لبنان بالحديد والنار، وللصدفة، مات قبل يومين من الذكرى العاشرة لإنسحاب الجيش السوري من لبنان في العام 2005، غداة إغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري.

في العام 2005 عندما خرج الجيش السوري من لبنان، إنتشرت صور لبعض اللبنانيين على قنوات التلفزة المحلية والأجنبية، يكسرون جرار الفخار، خلف أخر الدبابات السورية، المغادرة من نقطة المصنع بإتجاه نقطة جديدة يابوس. في العام 2015 وبعد عشرة أعوام، يتذكر اللبنانيون ما عانوه من الوصاية السورية ورجالاتها، وأبرزهم غزالة.

صاحب اليد الطولى في لبنان، حكم البلاد بطولها وعرضها. تدخّل في كل الإستحقاقات وكانت له الكلمة الفصل، من الرئاسة إلى أصغر موظف في إدارة رسمية في لبنان. نعت بأكثر من صفة، كلها تشير إلى أن "أبو عبدو" كان حاكماً بأمره في لبنان، ونفوذه لا يفوقه نفوذ، عسكري، أو سياسي.

على مدار الأشهر المنصرمة، تعرف اللبنانيون أكثر على "أبو عبدو" من خلال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تنظر في قضية الحريري. بدا رستم عن حق رجلاً حديداً. يهدد، يتوعد، ويمارس سطوة ممنوحة بقوة السلاح، على الطبقة السياسية اللبنانية. وتحت قوس المحكمة أجمعت الإفادات على دور رجل سوريا الأول في لبنان، وعلاقته بالحريري المتوترة، وطريقة تعاطيه مع الملفّ اللبناني، القائم على الإبتزاز المادي، والتهديد الأمني.

يرى البعض في لبنان أن مقتل غزالي حصل بهدف قتل كل من لهم علاقة بجريمة اغتيال الحريري، وذلك لتجنّب المحاكمة، فيما يعتبر البعض الآخر أن دور غزالي في هذا الأمر هو دور هامشي، لا سيما أن علاقته مع الحريري كانت قائمة على مبدأ النفعية وتلقي الأموال، وبالتالي لا مصلحة له بذلك، وحتى من قرّر ذلك لا يحتاج إلى إعلام رئيس شعبة الأمن والإستطلاع في لبنان آنذاك، بذلك، على الرغم من أمره بالضغط على الحريري والتضييق عليه وهو كان يستثمر ذلك لتحقيق مصالح مادية.

مات رستم غزالة. قد لا يجد الخبر صداه في سوريا التي تعاني من آل الأسد، أما في لبنان فللخبر ألف معنى. لا يمكن لأي لبناني أن ينسى غزالة، من الطبقة السياسية الحليفة التي نسقت معه حتى ما قبل إقصاءه، إلى الخصوم، الذين تعاملوا معه، قبل العام 2005، مكرهين أو لتحقيق مصالح فردية. حتى الشعب، سيذكر غزالة ومآثره التي ذاع صيتها. البعض سيذكره عند كل ألم يلم به، بوصفه أخبر رجال سوريا في أساليب التعذيب، وبعض آخر سيذكره، عند كل إهانة سيتعرض لها، حتى الأمكنة ستذكر "أبو عبدو"، من البوريفاج إلى عنجر.

الشماتة في الموت عيب، لكن في حالة غزالة الأمر مختلف، خصوصاً أن في رقبته آلاف من اللبنانيين والسوريين. مات "أبو عبدو". في أحاديث اللبنانيين، لا خبر آخر. في وجوههم ضحكات، تدل على الفرح. قد يكون غزالة، أكثر الشخصيات، التي ترحل، وتترك كل هذا الفرح، بموتها. تبادل البعض في لبنان التهاني، وبعض آخر سخر من القدر الذي حول مارد العسكر وسجون التعذيب والصفقات والرشاوى، إلى مجرد ضعيف، ينتظر مصيره، الذي حدد في سوريا، وبعض شغلته أخبار غزالة منذ أن سرت تفاصيل تعرضه للضرب، والإشكال مع رئيس شعبة الأمن العسكري السابق رفيق شحادة.

حتى من يؤيد "حزب الله" اليوم، والمعاصر للحقبة السورية في لبنان، طالته أيادي رستم عندما كان في لبنان، لكنه قبيل إنسحاب الجيش السوري من لبنان، خرج الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله مكرّماً غزالي، ومهدياً إياه في حينها بندقية المقاومة، بوصفه رجل سوريا، و"رفيق السلاح"، تماماً كخلية الأمن القومي التي أغتيلت في إنفجار دمشق في العام 2012.

السخرية أبعد. ثمة في الأخبار والشائعات التي تتردد أن غزالة "إنتحروه"، في إعادة للتعبير الذي إستخدم بعيد إعلان خبر إنتحار وزير الداخلية السوري غازي كنعان في العام 2005، كتشكيك في الرواية التي أعلن عنها النظام السوري يومها، خصوصاً أن موت كنعان أتى في العام 2005 وبعد أشهر من إغتيال الحريري.

والسخرية أيضاً، تتجلى في أحاديث وأخبار متداولة عن إحتمال أن يكون قرار تصفية غزالة، يعود إلى التباين الواضح منذ أشهر بينه وبين إيران، نظراً الى دورها وسطوتها، وإن كان كل ذلك سيبقى في دائرة "الضرب في الرمال"، لكن يبقى لافتاً إن صح ما يقال، ويطرح سؤالاً عن "بندقية المقاومة" وورثتها.

مات غزالي ومات الكثير من الأسرار معه، اللبنانية والسورية، لكن بعضاً آخر سيبقى يطارد غزالة في قبره، كلما خرج أحد ليكشف مزيداً من التفاصيل أو الجرائم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها