الأحد 2015/06/21

آخر تحديث: 16:10 (بيروت)

إنتهاكات رومية .. أسباب للتطرف و"الدعشنة"

الأحد 2015/06/21
increase حجم الخط decrease
صور غوانتانامو وأبو غريب لاحت بصمت، في تسجيلات مصورة سربت من سجن رومية، تتحرك فيها الصور مع مؤثراتها الصوتية والبصرية التي يولّدها تعذيب سجناء مكبلي اليدين، عراة كما حال عري سجانيهم وجلاديهم من أدنى صفات المسؤولية أو حتى من ادنى شعور بالإنسانية.

حكي كثيراً عن انتهاكات بحق السجناء في سجن رومية، الآن دحض الحديث بالوثائق، بالصوت والصورة، تجسّد إنقلاب دور الجلاد إلى الضحية والضحية إلى جلاد، في المشهد تجلّت نظرية عبادة "البوط" العسكري في أبهى حللها، عنصر من المفترض أن يكون تابعاً لمؤسسة أمنية رسمية، يركل معتقلاً خاوياً إلّا من صوت يملكه للصراخ تعبير عن ألم، يركله بما أوتي من قوة على وجهه، يخاطبه آمراً بتقبيل "البوط"..

عدا عن الركل، ضرب بالسوط، تعرّض للعرض، وشتم الأمهات، عشرات المعتقلين، رصّوا عراة بتلاحم، وانهالت عليهم أسواط جلّاديهم، وجلّادي ما تبقى من أدنى حقوق للإنسان في لبنان، هي مشهدية العار، ربما بدافع التباهي أو بدافع الحقد، لكن الحقد لن يولّد إلّا حقداً، وإنتحاريين في هذا الزمن، هكذا تمّت صناعة الإرهاب وتنميته في السجون، إن في سوريا أو العراق، وما جرى في سجن رومية قد يكون مدخلاً لتكرار تجربة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي مع السجون، تلك الإنتهاكات التي شجعت نمو عصابات داعش.

قد تشكّل هذه الفيديوهات المسرّبة من سجن رومية، قنبلة موقوتة في نفس أي شخص يشعر بمظلومية، أو يرى نموذج التعاطي في مؤسسات الدولة مع أناس من أطياف مختلفة، لاسيما أن فئة من المساجين وهم محسوبون على "حزب الله" والنظام السوري يطلق سراحهم من قبل القضاء أو تصدر بحقهم احكام مخففة كالوزير السابق ميشال سماحة مثلاً،  فيما المعتقلون المحسوبون على فريق منهاض لـ"حزب الله" والنظام السوري، قابعون في السجون تحت التعذيب منذ سنوات ومن دون محاكمات.

ليس في الأمر لبس، هناك أبناء طائفة يشعرون بالظلم على مرور سنين، فيما قياداتهم يحدثونهم عن الإعتدال من دون توفّر أي ظروف من شأنها إلغاء أسباب التطرف، فمشهدية رومية قد تجمع أكثر من أبو غريب وغوانتانامو ومعتقلات النظام السوري.

سارعت وزارة العدل إلى طلب التحقيق لكشف ملابسات هذه الأشرطة، إذ يعتبر وزير العدل أشرف ريفي عبر "المدن" أنه "لا يمكن السكوت عن هذه الفضيحة، ولا يمكننا أن نقبل بإهانة أي إنسان"، مشيراً إلى أن "الإجراءات اللازمة ستتخذ بحق كل العناصر المرتكبين، وستتم إحالتهم إلى المجلس العدلي"، كاشفاً أن "هناك مشروعاً كان معداً سابقاً وتعمل عليه وزارة العدل الآن، من أجل وضع السجون تحت سلطة وصايتها لتلافي هكذا إنتهاكات مستقبلية"، لكنه يعتبر أن "الأمر يحتاج إلى الكثير من التحضيرات لنضوجه".

وزارة الداخلية من ناحيتها اعتبرت أن هذه الأشرطة صوّرت في مرحلة مواجهة التمرد الأخير في السجن، ودعت إلى تحقيق شفاف في هذه القضية، وقد أحال وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق المرتكبين إلى القضاء لإنزال أشد العقوبات بحقهم.

هي ممارسات تتنامى كل يوم، وتدفع ببيئة معينة إلى التطرف، خاصة وانها تأتي في وقت افرج القضاء عن مجموعة مرتبطة بـ"حزب الله" والنظام السوري كانت مهمتها اختطاف السوريين المعارضين للنظام وتسليمهم إليه.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها