الثلاثاء 2014/10/14

آخر تحديث: 14:12 (بيروت)

أكراد لبنان: تطوّع "فردي" مع البشمركة

الثلاثاء 2014/10/14
أكراد لبنان: تطوّع "فردي" مع البشمركة
بإنتظار فتح الحدود التركية مع كوباني (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

في بيروت التي تحتضن العدد الأكبر من اللبنانيين – الأكراد، تختصر المسافة مع كوباني وأبعد مع أربيل. يعيش اللبنانيون – الأكراد منذ الهجوم الداعشي على العراق وسيطرته على الموصل قلقاً واضحاً على إخوانهم في العراق، وسوريا وحتى تركيا. قلق ممزوج بحسرة على شعب يتنقل من إضطهاد إلى آخر، في صراع مفتوح منذ عقود لتحصيل ما أمكن من حقوق وعيش كريم.

في برج ابي حيدر وزقاق البلاط والملا وصولاً إلى برج حمود والكرنتينا مروراً بخلدة وغيرها من الأحياء التي ينتشر فيها اللبنانيون الأكراد الذين يقدرون بنحو 120 ألف نسمة - إضافة إلى نحو 30 ألف من مكتومي القيد و50 ألف نازح كردي من سوريا – يتابعون بإهتمام بالغ تطورات الأوضاع في كوباني. يحتدون ويعتبرون أن ما يحصل يمسهم كما يمس أخوانهم هناك. بعضهم قرر جمع التبرعات، بعض آخر، يحاول إغاثة النازحين في لبنان بما تيسر، رغم أن هذه التحركات تبقى في إطارها الضيق. بعض آخر قرر القتال فعلياً وحزم حقائبه مغادراً صوب أربيل للإنضمام إلى البشمركة.

يقول رئيس حزب "الولاء الوطني"، الذي يعتبر تقريباً الحزب الوحيد الناشط على الأرض، محمد عميرات لـ"المدن" إن الإهتمام من قبل اللبنانيين – الأكراد بما يحصل في سوريا والعراق بدأ منذ أن تحولت داعش إلى العراق ولم يتصد لها سوى الأكراد في معارك طاحنة ومن دون دعم واسناد فدافعوا عن كل الشعب العراقي لأن المدن والقرى التي هاجمتها داعش كانت مختلطة وتضم سنة وشيعة وأكراد وغيرهم. يشرح عميرات طبيعة الشعب الكردي عموماً بأنه "طيب لكن لديه عزماً وكرامة وعزة نفس وهو ما برز للجميع في المعارك التي استبسل فيها الرجال والنساء دفاعاً عن أرضهم وعرضهم في وجه "داعش" التي تتلطى خلف اسم الدين ليرتكبوا افظع الجرائم".

هذه الطبيعة التي يتحدث عنها عميرات تنسحب بسلاسة على اللبنانيين – الأكراد الذين يشعرون بالحسرة والازدواجية واضحة في ما هو مطلوب من أجل دعم أخوانهم واشقائهم وأهلهم في سوريا والعراق خصوصاً بعد الهجوم على كوباني التي تحتاج الى كل اشكال الدعم المادي والعسكري لأن أكراد الجزيرة السورية مدعومون نسبياً، فيما اكراد العراق تدعمهم اميركا والغرب من جهة الحزب الديمقراطي الكردستاني (KDP) وايران من جهة الاتحاد الوطني الكردستاني (PUK).

هذه الحماسة اللبنانية – الكردية دفعت كثراً من الشباب الى التفكير جدياً في مغادرة لبنان والتوجه الى ساحات القتال. قبل معركة كوباني غادر منهم فعلياً إلى أربيل وفق ما تقول المصادر نحو 30 شخصاً، إنضموا إلى قوات "البشمركة"، وإنتقلوا الى القتال على الحدود السورية – العربية في نقطة قريبة من جبل سنجار.

يسترسل بعض الأكراد في لبنان في الحديث عن أمجادهم الثورية. يفتخرون بأن حزب العمال الكردستاني الذي يتزعمه عبدالله أوجلان (PKK) إنطلق في الأصل من لبنان كحركة مقاومة ضد إسرائيل إلى جانب الفصائل الأخرى، قبل أن ينتقل إلى تركيا.

خلال معركة كوباني زادت حماسة الشباب اللبناني – الكردي، واللافت أن معظمهم من طلاب الجامعات، لأن نصرة الأكراد بنظرهم قضية قومية توازي القضية الفلسطينية بالنسبة للعرب، وفق ما تقول المصادر، لكن إلى اليوم لم يسجل أي حالة غادرت للقتال في كوباني لأنهم يدركون أن تركيا أغلقت الحدود وتمنع دخول المقاتلين الأكراد لحماية كوباني، وهو ما يعتبرونه تواطؤاً واضحاً مع "داعش"، من دون أن تستبعد مغادرة العشرات في حال تأمين طريق إلى كوباني أو فتحت الحدود التركية.

من جهته، لا ينكر عميرات ذهاب "عشرات" الشباب إلى إربيل لقتال "داعش" لكنه يضعها في إطارها الفردي. يقول إن اقليم كردستان غني بالنفط وليس بحاجة للدعم المالي أو العسكري وهو يساعد السوريين الأكراد بالمال والرجال ونحن بطبيعة الحال نؤيد مصلحة الأكراد العامة ونتعاطف معهم وندعمهم في اطار الموقف والتضامن والإعتصام والضغط السياسي والديبلوماسي وهناك تواصل دائم مع الأحزاب الفاعلة والناشطة في تركيا وسوريا والعراق، لكنه في المقابل يشير إلى أن أرض المعركة تبرز حاجة وحيدة هي السلاح. يضيف: "نحن كأكراد في لبنان ليس بإستطاعتنا تقديم سوى الدعم المعنوي خصوصاً أننا دوماً ملتزمون الدستور اللبناني ولا نخرج عنه".

يجلس اللبنانيون – الأكراد يشاهدون محطات البث العربية والأجنبية، ليس أمامهم عملياً سوى التحسر. كما كل الفئات في المنطقة والأقليات والأكثريات، تدب الحماسة والعصبية بسرعة، لكنهم سريعاً يدركون، رغم الحالات الفردية، أنهم لن يقدموا ولن يؤخروا في معركة أكبر بكثير من المنطقة بإثنياتها ومذاهبها، أقليات أو أكثريات.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها