الأربعاء 2014/07/23

آخر تحديث: 15:05 (بيروت)

حزب الله.. بين أرق البقاع وإرهاق القلمون

الأربعاء 2014/07/23
حزب الله.. بين أرق البقاع وإرهاق القلمون
جبهة البقاع الشمالي: من القلمون إلى العريضة
increase حجم الخط decrease

تشير مجموعة الأزمات الدولية في آخر تقرير لها، إلى أن تورط "حزب الله" في سوريا، يعتبر بمثابة دخوله الثقب الأسود. هي إشارة إلى الفترة الزمنية الطويلة التي ما زال يمضيها حزب الله متورطاً في الصراع الداخلي السوري. يذهب التقرير أبعد من ذلك، حول أعداد خسائر الحزب في المعارك المتحرّكة على الأراضي السورية، يشير إلى سقوط ما يقارب الألف مقاتل فضلاً عن أعداد الجرحى الذين تخطوا الآلاف بحسب ما يورد التقرير، جزء كبير منهم أصيب بإعاقات تمنع عودته إلى ساحات القتال وتخرجه من إطار القوة الضاربة للحزب.

هي حرب استنزاف يتعرّض لها حزب الله في حمص وريف دمشق والقلمون ومناطق أخرى حيث راح يوسّع من إنتشاره نحو الشمال السوري وتحديداً حلب وحماه وإدلب. أكلاف باهظة يتكبدها الحزب في معركته الدفاعية عن نظام بشار الأسد، كل الطاقات الشبابية التي تدور في فلك الحزب، أُشعلت وقوداً في حرب لا علاقة لهم بها، والذريعة الأساس لشحذ همم مقاتليه هي الدفاع عن مقام السيدة زينب والأماكن المقدّسة.

من ريف حمص وتحديداً منطقة القصير، بدأ الحزب يتكبد الخسائر الفعلية والموجعة، ارتفعت في ما بعد في مناطق القلمون، يبرود، رنكوس، فليطا، رأس المعرّة، النبك، ودير عطية، مناطق كلّفت الحزب أكبر ضرائبه في هذه المعركة الإستنزافية الطويلة. وجع قرى البقاع التي كانت تستقبل جثث القتلى تضاعف مع ازدياد منسوب الخوف، بعد إمساك مجموعات المعارضة السورية المقاتلة بدفّة القتال، حيث انتقلت إلى الجرود المتاخمة للقرى الحدودية كنحلة، ويونين. أصبحت جرود المناطق اللبنانية الحدودية على السلسلة الشرقية ميدان حرب.

في المعطيات المتوفّرة لـ"المدن"، فإن الحزب يدرس خيارات مواجهة المسلّحين في هذه الجرود، ويبذل أقصى جهوده "لتطهيرها"، وإعادتها مناطق آمنة، لكن على ما يبدو فإن الأمور بالغة الصعوبة. في قراءة الحزب لما يجري في جرود القلمون، هناك خلاصة مفادها "إن مشروع جبهة النصرة في المرحلة الحالية هو التوقّف عن قتال النظام السوري، والتوجّه إلى صبّ كل جهد عناصرها لقتال حزب الله". يتسرّب بعض الكلام المستند إلى معلومات عسكرية، حول تحسّب لفتح جبهة واسعة ضد الحزب وعناصره، تمتدّ من الزبداني إلى العريضة.

الحزب، يقرأ ما يحصل بطريقته الخاصة ومن وجهة نظره المرتبطة بالصراع الإقليمي، إذ تشير مصادر سياسية مقربة منه لـ"المدن" إلى أن ما يجري يأتي نتيجة قرار لداعمي النصرة بضرورة فتح هذه الجبهات بشراسة ولذلك اشتعلت جبهات السلسلة الشرقية، وهي مرشّحة لأن تتوسّع أكثر. وهنا لا يمكن فصل المناطق اللبنانية حيث ينظر حزب الله بجديّة أكثر من أي وقت مضى، أن هناك تهديداً فعلياً للقرى الشيعية اللبنانية على طول الخط الحدودي مع سورية". الحزب أصبح في وضع لا يحسد عليه، يقول المصدر: "همّه دفاعي وغير هجومي، لا يستطيع التقدم ولا يستطيع الإنسحاب". من الناحية العسكرية فإن المجموعات المقاتلة هي العليمة بتضاريس هذه المنطقة وهي التي أخذت تحرّك الجبهات وتوجه الضربات.

البعض يتوقّع تكرار ما حصل في الإشتباكات التي وقعت في الثاني عشر من تموز وأدت إلى تكبد الحزب خسائر فادحة. خصوصاً أن المجموعات المقاتلة ما زالت تتحرك، وهناك استحالة لتحويل منطقة القلمون إلى منطقة آمنة. بالنسبة للقلمونيين تحوّل حزب الله إلى قوة إحتلال لذلك، فإن واجب مقاتلته بالنسبة للمعارضين السوريين يتقدّم على أي قتال آخر.

القتال مستمرّ وعلى أشدّه، تسمع أصوات الإشتباكات والقذائف والصواريخ في كلّ قرى البقاع الشمالي، وإن كانت نحلة ويونين ومناطق أخرى تعيش هاجس دخول المسلحين السوريين إليها، فهذا الواقع لا يختلف عن عرسال، التي تترقّب ما يجري بحذر أكبر من جاراتها، إذ يعتبر العراسلة أن القرى المجاورة تجد من يدافع عنها، أما هم فمتروكون وحيدين، ليس من يدافع عن تلك البلدة التي تضم خمسين ألف نسمة ومئة ألف لاجئ سوري، وهي في عين العاصفة منذ بدء الثورة السورية، يشير أبناء عرسال لـ"المدن" إلى أنهم وبلدتهم ضحايا غياب الدولة والتحرّكات التي تقوم بها جبهة النصرة في الجرود. حول مجريات القتال، يؤكد العراسلة أن بعض الأخبار تصلهم حول التحركات التي تعتزم جبهة النصرة القيام بها، كإقتحام بعض المناطق اللبنانية وتوجيه ضربات معيّنة، وهنا يشيرون إلى أن جبهة النصرة منذ أيام كانت تنوي القيام بعمليات في الداخل اللبناني لكن عناصر الجيش الحرّ منعوهم من القيام بذلك. لكن لا أحد يعلم ما قد يحدث في الأيام المقبلة.

هي أزمة حزب الله القلمونية، فبعد أن انتهت المعارضة من فكرة التمترس في القرى والمناطق، اتجهت إلى المكوث في الجبال الوعرة وحوّلت الحرب إلى حرب عصابات وهي نقطة تسجّل في صالحها كونها تتحكّم بسير المعارك.

 

increase حجم الخط decrease