الأربعاء 2015/06/24

آخر تحديث: 16:31 (بيروت)

"حزب الله" تفاوض مع "النصرة": الشروط المضادة تعرقل الصفقة!

الأربعاء 2015/06/24
"حزب الله" تفاوض مع "النصرة": الشروط المضادة تعرقل الصفقة!
تغيير ديمغرافي عقاري يرافق التغيير العسكري
increase حجم الخط decrease
قبل يومين عادت معارك الكرّ والفرّ إلى جرود القلمون السوري. الهدنة بين مقاتلي "حزب الله" و"جيش الفتح" انتهت بعد عشرة أيام من سريانها، تخللتها صولات وجولات من المفاوضات بين الطرفين، لا سيما أن لديهما قناعة بأن أحداً منهما قادر على الحسم أو هزيمة الطرف الآخر، ولذلك فبالنسبة إليهما لا بد من التفاوض من أجل التوصل إلى إتفاق يجنبهما عناء الخسائر الكبرى التي يتكبدانها في معارك الجرود الوعرة.
 
تتنامى وتيرة هذه المفاوضات حيناً، على الرغم من عودة الكرّ والفرّ، وتصطدم، وفق معلومات "المدن"، بجدران مسدودة أحياناً أخرى، وحتى الآن لم يتم التوصل إلى أي اتفاق.
 
قبل فترة خفتت الأجواء الإعلامية الحربية التي كان يضخها "حزب الله". آخر الأخبار البارزة التي وردت من هناك هي زيارات قيادات من "حزب الله" باللباس العسكري للوقوف إلى جانب المقاتلين، أبرزهم نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم ورئيس الهيئة الشرعية في الحزب الشيخ محمد يزبك. هذه الزيارات وحدها كفيلة بتأكيد وجود هدنة.
 
وبعد فشل المفاوضات وتعثرها، عادت الإشتباكات، إذ شنت جبهة "النصرة" هجومين متزامنين على موقعين لـ"حزب الله" في جرود فليطا، ما أدى إلى تدميرهما، فيما عاود الحزب عملياته في جرود الجراجير، التي قال سابقاً أنه سيطر عليها.
 
لم يعد إحصاء الخسائر أمراً مجدياً بالنسبة إلى الطرفين، فهي كبيرة، والمحاولات الحثيثة هي لخفضها، ولكن من دون تقديم تنازل من قبل أي طرف، أو صرف النظر عن هدفه الإستراتيجي الذي يريده من تلك المنطقة.
 
وتؤكد مصادر "المدن" أنه مع بدء المفاوضات وضع كل طرف شروطه، اذ اشترطت جبهة "النصرة" الإنسحاب من القلمون عبر تأمين ممرّ آمن لها إلى الغوطة مع كامل أسلحتها، بالإضافة إلى الإحتفاظ ببقعة معينة في تلك الجرود مع خط لها إلى الغوطة، هذا الأمر رفضه الحزب، واضعاً شروط مقابلة، وهي إما إنسحاب المقاتلين مع أسلحتهم إلى الشمال السوري، أو تجريدهم من الأسلحة ودخولهم إلى عرسال، بالإضافة إلى إطلاق سراح العسكريين المخطوفين. وهذا ما رفضته "النصرة".
 
ووفق ما تؤكد مصادر مطّلعة لـ"المدن" أنه على الرغم من فشل المفاوضات إلّا أنها نجحت في تحقيق بعض الخروق، أي بمجرد حصول تفاوض يعني كسر حدة الإشتباك، وقد سجّلت نقاط إيجابية استطاع "حزب الله"خلالها، استعادة جثامين عدد من قتلاه الذين سقطوا في المعارك الأخيرة، واحتفظ بهم مقاتلو المعارضة، ووفق ما تشير المصادر فإن إستعادة الجثامين حصل لقاء مبالغ مالية كبيرة.
 
الجميع يؤكد أن الهدف من معارك القلمون أبعد من مجرّد السيطرة على تلك البقعة الجغرافية، على الرغم من أهميتها الإستراتيجية، فهي قريبة من دمشق، وبعض تلالها مشرفة عليها، كما أنها صلة الوصل بين دمشق والساحل، وتعتبر بالنسبة لـ"حزب الله" والنظام السوري خط الدفاع الأول عن دمشق وحمص التي شهدت قبل سنتين عملية تهجير ممنهج على أساس مذهبي بهدف التغيير الديمغرافي، وهذا ينسجم مع التقارير التي تتحدث عن إنتقال إيران والنظام السوري و"حزب الله" إلى الخطة (ب)، وهي حماية دمشق مع الخط الذي يوصلها بالساحل لتأمين حدود الدولة العلوية أو "سوريا المفيدة"، كما اصطلح على تسميتها، في ظل تنامي الحديث عن إقتسام المناطق في سوريا.
 
وعلى الرغم من فشل المفاوضات حالياً، إلّا أن خطوط التواصل ما زالت مفتوحة عبر وسطاء غير مباشرين من أجل التوصل إلى حلّ، فمقاتلو المعارضة موجودون في بقعة ليس لها خطوط إمداد، ويريدون البقاء فيها، أو الإنسحاب منها لصالح التقدم إلى مناطق أكثر إستراتيجية بالنسبة إليهم، فيما "حزب الله" يريد السيطرة الكلية على هذه البقعة، ويسعى إلى ذلك منذ سنوات.
 
وتؤكد معلومات "المدن" أنه في سياق منطق الحزب ومن خلفه الإيراني فإن عرسال مشمولة من ضمن مشروع السيطرة من أجل ضمان بيئة موالية صرفة، تتناغم مع مفهوم الخطة (ب)، وعليه فإنه في حال لم يحصل التهجير عسكرياً، فإنه سيحصل من خلال دخول المسلحين مجردين من السلاح إليها، لأن هذا من شانه أن ينتج إشكالات مع الجيش أو مع أهل البلدة، قد يؤدي إلى ما يريده الحزب، لكن هناك إصراراً دولياً رافضاً لأي توريط لعرسال في هذه المعمعة.
 
وإلى جانب التغيير الديمغرافي عسكرياً الذي يحصل في القلمون، هناك تغيير ديمغرافي على أساس عقاري، وعلى غرار ما حصل في حمص قبل سنتين، إذ تؤكد مصادر "المدن" أن النظام السوري ينقل ملكية منازل مهجّري تلك المناطق والقرى إلى عناصر من "حزب الله" ومقاتلي قوات الدفاع الوطني، في إطار استمرار المساعي إلى تأمين دويلة الساحل.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها