الخميس 2024/04/25

آخر تحديث: 14:09 (بيروت)

جلسة التمديد للمجالس البلديّة والاختياريّة: تشريع الفشل وتمديد الفراغ

الخميس 2024/04/25
جلسة التمديد للمجالس البلديّة والاختياريّة: تشريع الفشل وتمديد الفراغ
التمديد الحاصل يُعارض أحد أهم المبادئ الدستوريّة (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

مُجدّدًا وللمرة الثالثة على التوالي، تمّ التمديد للمجالس البلديّة والاختياريّة، التمديد الصفيق للفراغ والشغور. مُجدّدًا طُرحت الأعذار وتناحرت الكُتل النيابيّة وتهافتت البيانات الاستنكاريّة والأخرى التبريريّة لتشريع الفشل مرةً أخرى. مُجدّدًا، خرج النواب بالكلام الملتويّ، لإقناع المواطنين بـ"نواياهم السّليمة" في إجهاض العمليّة الديمقراطيّة والمبدأ الدستوريّ مرةً تلو الأخرى، مبقين بذلك على الستاتيكو الجاف، المتربص بالمشهد اللّبنانيّ العام.

من وقائع الجلسة
صباح اليوم الخميس، عقد البرلمان جلسةً تشريعيّة، لمناقشة مشروع قانون معجّل مكرّر للتمديد للمجالس البلديّة والاختياريّة، الذي سبق وتقدم به رئيس لجنة الدفاع والداخليّة والبلديات في المجلس النائب جهاد الصمد (راجع "المدن"). وانتهت الجلسة إلى إقرار مشروع القانون، الرامي إلى تمديد ولاية المجالس البلديّة والاختياريّة حتّى تاريخٍ أقصاه 31 نيسان 2025، تحت ذريعة التشنج الأمنيّ والاشتباكات المسلّحة الدائرة جنوب لبنان، وعلى اعتبار أنه يجوز إقامة انتخابات في مختلف الأراضي اللّبنانيّة باستثناء القرى الحدوديّة.. رغم واقع هذه المجالس، الّتي تتمّم في هذا الوقت عامها الثامن، من التدهور والتحلّل والتوقف القسريّ والانحلال والإفلاس (قرابة 134 بلديّة منحلة من أصل 1064، يديرها المحافظ أو القائمقام)، ويُتوقع زيادة أعداد المجالس المنحلة والمستقيلة بعيد القرار هذا.

والجلسة الّتي عُقدت تحت بند تشريع الضروة، نسبةً للتشكيك بدستوريتها بظلّ الشغور الرئاسيّ، اكتملت بحضور 72 نائبًا (انسحب النائب ملحم خلف منها)، وقد اتخذ عدد من القوى السّياسيّة والكُتل قرار المقاطعة، وأخرى شاركت مع عدم التصويت على قرار التمديد. وفور انطلاق الجلسة، طالب نواب "الاشتراكيّ" تعديل مشروع قانون التمديد للمجالس البلدية ليكون في مدّة أقصاها 30 أيلول 2024. هذا فيما رأى رئيس "التيار الوطني الحر"، النائب جبران باسيل، أن "نيّة وزير الداخلية بسام مولوي إجراء الانتخابات البلدية لكن الواقع غير ذلك"! مشدداً على القول "إنني ضد التمديد الشعبوي لأشهر". واقترح أن يُصار إلى إعطاء اعتمادات للبلديّات. واقترح آخرون إقامة الانتخابات باستثناء البلدات الحدوديّة الجنوبيّة (الاقتراع لمجالسها في مراكز خارج البلدات)، ومنهم رئيس حزب "القوات اللّبنانيّة" سمير جعجع. أما كتلة "التنمية والتحرير" فوافقت على التمديد لسنة وإلى حين تسمح الظروف بإجرائها.

وتنوعت مواقف الكتل السّياسيّة المعارضة للتمديد، ومنهم حزب الكتائب اللّبنانيّة، الذي سبق وأعلن عدم مشاركة كتلة نواب الكتائب في جلسة مجلس النواب المخصّصة للتمديد للمجالس البلديّة والاختياريّة، على اعتبار أنها ضرب للدور الأساسيّ الذي تلعبه المجالس المحليّة في الاستجابة لاحتياجات المواطنين، حفاظًا "على ما تبقى من هيبة الدستور والقانون اللّبنانيّ".

أما نواب المعارضة "التغييريين"، فرفضوا تأجيل الانتخابات، ودعوا حكومة تصريف الأعمال الى إجرائها في موعدها، واستثناء المناطق الحدودّية، لتوافر ظروف القوة القاهرة القانونيّة فيها، من جراء الحرب الدائرة فيها حاليًّا.

وهكذا كان قرار عدم مشاركة كتل تجدد، الجمهورية القوية، تحالف التغيير، الكتائب اللّبنانيّة، والنائب بلال حشيمي في جلسة الهيئة العامة يوم الخميس 25 نيسان 2024، المخصصة لتمديد ولاية المجالس البلدية، رفضاً لتأجيل الاستحقاقات الدستورية الانتخابية. وبعد حضورهم اليوم، أعلن النواب نجاة صليبا وبولا يعقوبيان وياسين ياسين وابراهيم منيمنة، وفراس حمدان وملحم خلف، انسحابهم من الجلسة التشريعية، معتبرين أنها غير دستوريّة.

هذا ويُذكر أنّه تمّ إقرار قانون معجّل مكرّر الرامي إلى تحديد القانون الواجب التطبيق على المتطوعين المثبتين في الدفاع المدني، سندًا لأحكام القانون رقم 2014 على 289 والقانون 2017 على 59، المقدم من النواب جهاد الصمد، علي حسن خليل، إبراهيم كنعان، أمين شري، طوني فرنجية وحسن مراد.

ما المصلحة "الخفيّة" من تأجيل الانتخابات؟
والتمديد المُشرع مؤخرًا، يحمل بعدًا آخر يتعدى ذلك المرتبط بعرقلة العمليّة الديمقراطيّة ومبدأ تداول السّلطات بصورةٍ سلميّة أو محاولة إنقاذ ما بقى من المؤسسات العامة المهترئة والمتحلّلة.. ليطال بعداً سياسيّاً في الصميم، باعتبار أن قوّة الضغط الكبرى الّتي دفعت نحو التمديد الحالي، كان ثنائي حزب الله وحركة أمل، وحلفاءهم من المسيحيين. وطفت على السّطح بعض التساؤلات حول السّبب الأساسيّ في هذا التأجيل (ناهيك عن غياب الاعتمادات الماليّة الّتي خصصت في موازنة عام 2024 للانتخابات هذه)، وخصوصًا أن الثنائيّ قادر على حشد الأصوات الانتخابيّة في البلديات (هذا ما شهدناه في الانتخابات النيابيّة الأخيرة)، بحكم الالتفاف الشعبيّ المقرون بجبهة "المساندة" لغزّة، وعوامل أخرى.. هذه التساؤلات الّتي تحولت للظنّ بكون حالة الالتفاف لم تعد كالسابق، خصوصًا بتراكم الخسائر الإنسانيّة والماديّة والاقتصاديّة، المستنزفة لموارد الجنوب وأهله.

دستوريّة التمديد وانعكاساته
حكمًا، فإن التمديد الحاصل، يُعارض أحد أهم المبادئ الدستوريّة وهي انتظام الانتخابات ومبدأ تداول السّلطة، وقد سبق وعبّر عنه المجلس الدستوري، الذي يمكنه النظر في أي طعن بقانون تمديد ولاية مجالس البلديّة والاختياريّة، وأشار نفسه إلى مواقفه المُشكّكة بدستوريّة التمديد بظروفه السّابقة (في السنتين الأخيرتين). وبحكم مخالفته للاتفاقيات الدوليّة للحقوق المدنيّة والسّياسيّة الّتي التزمها لبنان في مقدمة دستوره، أكان في الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان (1948)، والعهد الدوليّ الخاص بالحقوق المدنيّة والسّياسيّة (1972). أما الانعكاسات، فهي فرضيات لا حصر لها. والأسوأ هو شلّل وتبدّد مفهوم الديمقراطيّة في الحكم، لصالح العجز والمصالح السّياسيّة الخاصة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها