تفرض بداهة السؤال نفسها: هل اليوم هو التوقيت المناسب، ونحن في معمعمة حرب في الجنوب، وفراغ في رئاسة الجمهورية، وأزمات متناسلة في كل الملفات؟
يجيب رئيس "لقاء الهوية والسيادة" الوزير السابق يوسف سلامة "المدن" قائلاً: "إنه التوقيت الأنسب وسط انسداد الأفق. هو لقاء حواري ينطلق من وثيقة وُضعت بين أيدي جميع الأحزاب والقوى السياسية. واختيار بكركي لرمزيتها الجامعة". ويضيف "عندما اجتمعنا كلقاء وطني مع ممثلين عن كل الأحزاب والقوى السياسية، أبدوا ترحيبهم بالفكرة واستعدادهم للمشاركة في الحوار لنخرج بجوامع مشتركة يمكن البناء عليها وتطويرها. ومعروف أن البطريرك من دعاة الحوار للوصول إلى حلول".
لامركزية وليس فيدرالية
يؤكد سلامة أن "لبنان لم يعد قادراً على الاستمرار بالصيغ والسياسات المتوارثة التي أنتجت استعصاء على كل المستويات، حتى صار التشبث بها يعني نهاية الكيان اللبناني. ومثل هذه المشاكل الجذرية تستدعي تغييرات وتطوراً جذرياً. ونحن منفتحون على كل تطوير وأي أفكار جديدة يلتقي عليها اللبنانيون". نافياً أن يكون لهذا الطرح أي ارتباط بطرح فيدرالي إنما طرح موسّع للامركزية الادارية والمالية تحد من الفساد وتزيد من الشفافية".
عنوان الوثيقة "رؤية جديدة للبنان الغد.. دولة مدنية لامركزية حياديّة". العنوان جاذب لبكركي ويعكس خطابها المتمسكة به. فالوثيقة تشدّد على "عدم الدخول في سياسة المحاور الإقليمية والدولية حيث يعتمد لبنان مبدأ الحياد، فلا يُحارِب ولا يحارَب". فهل تشمل "بركتها" كل ما ورد في الوثيقة؟
يشار إلى أن الوثيقة، التي أعاد صياغتها واختصارها محمد السمّاك، تفصّل في بعض المقترحات الدستورية كإنشاء مجلس الشيوخ وإقرار قانون انتخاب جديد لمجلس النواب وصلاحيات رئيس الجمهورية وانتخابه من الشعب، وتحدد عدداً من "الإصلاحات" المطلوبة في كلّ من رئاستي مجلس النواب والحكومة.
وصل تحت عباءة بكركي
يؤكد سلامة إلى سعي اللقاء "لإنشاء أكاديمية سياسية تعمل على تطوير الدراسات العلمية وتجيب على التساؤلات المطروحة وتبلورها في اقتراحات قوانين". مؤكداً على ما انتهت إليه الوثيقة من أن "التمادي في التغاضي عن اهتراء مؤسسات الدولة اللبنانية سيؤدي إلى تفكك الدولة وانهيارها، والعودة بلبنان مجدداً إلى وصاية ما نجهل عنوانها وهويتها، من شأنها أن تعمّق عذابات شعبنا وتبقي عوامل الانفجار مغروسة في مجتمعنا، وشبح دورات العنف حائماً فوق رؤوسنا".
يراهن اللقاء على كونه "جسر عبور" أو "صلة وصل" تجمع الأحزاب والقوى السياسية تحت عباءة بكركي للحوار حول مستقبل لبنان، طالما الحوار في أي مكان آخر يبدو متعذّراً. و"أكدت معظم الأحزاب إيفادها ممثلين عنها للمشاركة في اللقاء"، على ما يشير سلامة.
ومع ذلك، تبقى الأسئلة ملحة: هل يستطيع لقاء يضم ناشطين سياسيين أو "حواريين" أن يحقق خرقاً سياسياً، ولو تحت عباءة بكركي؟ هل الظروف مؤاتية لمثل هذه التغييرات الجوهرية في البنية الدستورية اللبنانية التي تطال بعضاً من أسس النظام؟ هل من هو مستعد من "آلهة" القوى السياسية الموجودة، التنازل في الشكل والمضمون، للتوافق على حلول من طبيعة جذرية؟
قد تبدو الإجابات سلبية، إلا أن بعض المتفائلين في اللقاء يرددون "كل الحادثات إذا تناهت فموصول بها الفرج القريب".
فرج قد يأتي من إرادة داخلية أو من فرض خارجي، وشتّان ما بينهما وفق ما اختبر اللبنانيون.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها