الأربعاء 2018/04/04

آخر تحديث: 10:00 (بيروت)

هذه السياسة الجديدة للسعودية في لبنان: الحلفاء والسياحة

الأربعاء 2018/04/04
هذه السياسة الجديدة للسعودية في لبنان: الحلفاء والسياحة
عملت السعودية لمصالحة الحريري وجنبلاط وجعجع (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease
خطت العلاقات السعودية اللبنانية خطوة متقدّمة. المساعي لإعادة العلاقات إلى سابق عهدها مستمّرة. فبعد تصريح القائم بالأعمال السعودي وليد البخاري عن تحسّن العلاقات، استكمل رئيس البعثة الدبلوماسية السعودية في بيروت جولاته على المسؤولين، وأبرزها إلى قصر بعبدا حيث التقى الرئيس ميشال عون وسلّمه دعوة المملكة للمشاركة في القمة العربية في منتصف الشهر الجاري. مشاركة عون في القمّة ستكسر ما تبقى من الجليد بين البلدين على خلفية أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري، وستشكّل محطّة للبحث في أفق التعاون السعودي اللبناني في المرحلة المقبلة.

وقد تجلّت العودة السعودية بقوة إلى خطّ العلاقات مع لبنان، في الحضور الرسمي الحاشد لتدشين جادة الملك سلمان بن عبد العزيز في واجهة بيروت البحرية، وفي اللقاءات التي أعقبت ذلك، لا سيما الخلوة التي جمعت البخاري والدبلوماسي السعودي نزار العلولا وهو المكلف بإدارة الملف اللبناني سعودياً، بكل من الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. وتكشف مصادر متابعة عن أن اللقاء جرى الإعداد له سعودياً لإجراء مصالحة بين حلفاء المملكة، ولتأكيد أن العلاقات يجب أن تستمر في ما بينهم، ومعها، خصوصاً في مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، لأن السعودية ستعيد الاهتمام بشكل أساسي بالملف اللبناني، ولن تتخلى عنه كما لن تتخلى عن حلفائها.

وكان قد سبق ذلك، الزيارة التي أجراها البخاري إلى كليمنصو ولقاء جنبلاط، بعد قطيعة سعودية له على خلفية مواقف متعددة اتخذها، أولها النصائح التي وجهها إلى القيادة السعودية في خصوص حرب اليمن، وثانيها انتقاد تخصيص شركة أرامكو التي اعتبر جنبلاط أنها تخص كل العرب. ما اعتبرته السعودية تدخّلاً في شؤونها. ليست هذه المواقف وحدها هي ما فرض القطيعة السعودية تجاه جنبلاط، فالرجل رفض سابقاً تلبية دعوة وجهتها إليه المملكة معتبراً أن ذلك يسهم في إرساء اصطفافات تؤدي إلى اهتزاز الاستقرار السياسي في البلد. ولذلك فضّل البقاء في لبنان وعدم الدخول في لعبة التصعيد. كما أنه عمل على التأثير على خيار الحريري بهذا الشأن، وأقنعه بتأجيل زيارته التي كان من المفترض أن تتزامن مع زيارة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل إلى المملكة.

يوضح المسار السعودي الجديد الاستعداد لفتح صفحة جديدة في العلاقات مع لبنان. وهذا يتلاقى مع كلام كل من الحريري والبخاري اللذين اعتبرا أن دول الخليج سترفع الحظر عن مجيء مواطنيها إلى لبنان. بالتالي، إعادة رفد الحركة السياحية، بالإضافة إلى المشاركة في مؤتمرات الدعم الدولية. وعن العلاقة مع المملكة وتطورها الإيجابين يؤكد النائب غازي العريضي لـ"المدن" أن اللقاء جاء في سياق ودّي وإيجابي، ولا يخرج عن الثوابت الأساسية لعلاقة المملكة مع لبنان ومع المختارة تحديداً. ويؤكد العريضي أن الاتصالات ستبقى مفتوحة واللقاءات ستتوالى على هذا الصعيد. والأساس يبقى في إبعاد الغيمة التي ظلّلت العلاقة في مرحلة معينة.

لم يكن اللقاء فرصة للتباحث في الشؤون السياسية والانتخابية، وفق المصادر، بل كان فرصة لإعادة وصل ما انقطع، وتصحيح مسار العلاقة. وتشير مصادر متابعة إلى أن السعودية قد توجه دعوة لجنبلاط في المرحلة المقبلة لزيارتها، لتبادل وجهات النظر بشأن التطورات في المنطقة. ولم يتطرق اللقاء إلى العلاقة المتردية بعض الشيء بين جنبلاط والحريري على خلفية الحسابات الانتخابية، والتي دفعت رئيس التقدمي إلى توجيه انتقادات لرئيس الحكومة وبعض خياراته.

وتكشف المصادر عن مساع لتنشط خطّ كليمنصو بيت الوسط، لإزالة الآثار السلبية التي نجمت عما حصل في البقاع الغربي، وتحضّر لعقد لقاء بين الحريري وجنبلاط لمعالجة الأمر وعدم انعكاسه على الصعيد الانتخابي وتصويت المواطنين. وهنا يقول العريضي: "يجري العمل بشكل حثيث لتجنّب كل تلك الآثار السلبية التي نجمت منذ إقرار القانون وصولاً إلى البقاع الغربي". ويسجّل العريضي ملاحظات عدة على ما أنتجه القانون من تحالفات غريبة وتناقضات مفجعة انعكست في عملية تشكيل اللوائح، مشيراً إلى أنهم أول من كان يثير سلبية هذا القانون وآثاره. أبرزها فرض الصراع بين المرشحين داخل اللائحة الواحدة، والخروج عن الثوابت السياسية التي حتّمت خروج الأفرقاء عن مواقفهم المبدئية.

ويعتبر العريضي أن كل الأفرقاء، باستثناء حزب الله وحركة أمل، الذين اندفعوا إلى هذا القانون وصلوا إلى حالة صعبة جداً، إلى درجة أنهم شعروا بأن القانون انقلب عليهم أو دفعهم إلى الإنقلاب على أنفسهم. لكن هذا الكلام، يجب أن يكون قد أصبح في الخلفية، لأن الأساس الآن هو الإعداد للمعركة الانتخابية، التي يتعرّض فيها الحزب الاشتراكي لمحاولات حصار عديدة من قبل أفرقاء آخرين. وفي مواجهة كل هذه المساع يقول العريضي: "نتعاطى مع هذه المحاولات بهدوء وروية، وقادرون على امتصاص كل الصدمات، ولكن إذا ما كان هناك من يفكّر في استعادة نموذج 1958 فهذه لن تمرّ".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها