الجمعة 2018/04/20

آخر تحديث: 09:27 (بيروت)

زحلة: من قال إن الماكينات الانتخابية تشتري الأصوات بالدولار؟

الجمعة 2018/04/20
زحلة: من قال إن الماكينات الانتخابية تشتري الأصوات بالدولار؟
لم تتخل الكتلة الشعبية عن سلاح "بيت الياس سكاف" (لوسي بارسخيان)
increase حجم الخط decrease

يعتقد من يستمع إلى الشارع الزحلي، في هذه الأيام، أن المال هو العنوان الوحيد للمعركة الانتخابية، وإن لم يجر "تقريشه" حتى الآن. فالتعويل على "صرفه" يزداد كلما اقترب موعد الاستحقاق.

ليس هذا المال طارئاً على المعارك الانتخابية في زحلة، بل يعيده البعض تاريخياً إلى أربعينيات القرن الماضي، عندما ترشح هنري فرعون من خارج الدائرة عن مقعدها الكاثوليكي، وفاز به بشراء أصوات الناخبين. فيما يشير العميد إبراهيم براك، وهو رئيس ماكينة الكتلة الشعبية، إلى أن "القانون اللبناني سمح بالمال الانتخابي منذ العام 1945 عندما أعطى المرشح حق انفاق مبلغ 5 آلاف ليرة على كل ناخب. وعندما لم يبطل مجلس شورى الدولة نيابة أي شخص بسبب شراء الأصوات".

إلا أن دخول أصحاب الرساميل السباق إلى المجلس النيابي، زاد أطماع "الكتلة" الناخبة باغراء "الدولار" في زحلة، وسط تنافس على الأصوات التفضيلية أرساه القانون حتى ضمن اللائحة الواحدة. وإن بقيت كل الماكينات الانتخابية تتنصل من تهمة شراء الأصوات، وأظهرت عدم اقتناع بفعاليته في تغيير المعادلات في ظل القانون الحالي، وفي ظل حسابات مبنية على وقائع سياسية وديمغرافية ثابتة ضمن دائرة زحلة تحديداً، ترفع حظوظ مرشحين مقارنة بآخرين وتجعل الجو العام مائلاً إلى مصلحتها.

تيار المستقبل
قد يبدو تيار المستقبل الأكثر استفادة من هذا الجو، قياساً إلى عدد الناخبين السنة الذي يصل في دائرة زحلة إلى 48 ألفاً، ويتوقع أن ينتخب نحو 20 ألفاً منهم لمصلحته. مع ذلك، ليست معركة ماكينة المستقبل سهلة في هذه الدائرة، حيث عليها توزيع الصوت التفضيلي لقاعدتها على مرشحيها الثلاثة في القضاء، عاصم عراجي، نزار دلول وماريجان بلازيكجيان.

تعمل ماكينة المستقبل بكتلة مندوبين تصل إلى 3 آلاف شخص معظمهم من السيدات، كما يشير رئيس الماكينة محمد البسط لـ"المدن"، نافياً أي وجود لعامل المال في شراء أصوات الناخبين، بل يقول إن جمهور المستقبل ينتخب الرئيس سعد الحريري أياً كانت أسماء مرشحيه، وهو معني بفوز كل منهم، بصرف النظر عن أرقام الحواصل الانتخابية. فيما يرتبط توزيع الأصوات التفضيلية بقرار مركزي يتخذه المستقبل في الوقت المناسب.

لا يبدو المستقبل في المقابل معنياً بفوز مرشحي حلفائه في اللائحة، أي مرشح التيار الوطني الحر سليم عون وحلفائه ميشال سكاف، ميشال ضاهر وأسعد نكد، الذين تعمل ماكينة كل واحد منهم بشكل منفرد، رغم محاولات التنسيق التي يرى رئيس ماكينة التيار الوطني الياس عطالله حاجة إلى تفعيلها بشكل أكبر.

ورغم خوض التيار وحلفائه معركة المقاعد الأربعة تحت شعار "دعم العهد"، فإن التحدي الأكبر الذي لا يزال يواجه ماكينته هو "البقاء على علاقة جيدة مع الحلفاء المنافسين في اللائحة، ورفع نسبة التصويت للائحة من أجل تأمين نجاح أكبر عدد من مرشحيها"، وفق عطالله، خصوصاً أن أي تقصير في رفع نسبة التصويت يهدد مقعد التيار الماروني في هذه اللائحة، إذا لم ينجح بتحسين مرتبته فيها حتى لو كانت نسبة التصويت لسليم عون الأعلى بين المرشحين الموارنة.

شراء الأصوات يعتبر منافسة غير مشروعة بالنسبة إلى التيار، فيما يرى عطالله أنه من "المؤسف أن تُذكر زحلة في كل مرة يجري الحديث فيها عن شراء الأصوات، مع أن استخدام المال موجود في كل الدوائر"، مؤكداً أن "كثيراً من الكلام عن سعر الصوت يندرج في إطار الشائعات التي تغذى بنشرها".

حزب الله.. وفتوش
التنافس على الصوت التفضيلي الذي يبدو أقل حدة في اللوائح الثلاث الأساسية الأخرى، لا يعفيها من تهمة استخدام المال أيضاً. حتى لو ظهرت المعركة أسهل، وأكثر ايديولوجية بالنسبة إلى المرشح عن المقعد الشيعي في لائحة "زحلة الخيار والقرار"، التي يرأسها الوزير نقولا فتوش.

فقد رشح حزب الله للمرة الأولى في زحلة حزبياً ملتزماً هو أنور جمعة. ويعتبر علي الموسوي، رئيس ماكينته الانتخابية، هذا الترشيح "التقاء مع مزاج جمهور الناخبين الشيعة في زحلة. بالتالي، صار مطلوباً من هؤلاء التصويت له بكثافة". إلا أن سهولة المعركة لا تعني أن حزب الله لن يعمل على زيادة نسبة الاقتراع بهدف توزيع صوته التفضيلي داخل اللائحة، بل يقول الموسوي "إننا معنيون باللائحة بقدر ما يعنينا المرشح أنور".

واذ يشير الموسوي إلى أن "امكانية دعم غير مرشح الحزب بالأصوات التفضيلية متروكة للتطورات الانتخابية"، فإن المعلومات تؤكد وجود توجه غير معلن لدى حزب الله وحركة أمل، حتى الآن، لدعم النائب نقولا فتوش بأصوات تفضيلية.

يدير ماكينة فتوش شقيقه بيار. وهي إذ تصنف الأولى من حيث قدراتها المالية، يلاحظ أيضاً ديناميكيتها العملانية وجهدها الذي تبذله لزحلنة هوية اللائحة، خصوصاً من خلال التواصل المباشر مع الناخب الزحلي عبر دعوات شخصية وجهت إلى مختلف أبناء الأحياء إلى سلسلة مآدب تكريمية، يردد خلالها فتوش الخطاب نفسه عن ضرورة ابقاء قرار زحلة في زحلة.

أما في الجهد الإعلامي الذي تبذله، فتبدو جلية محاولاتها الحثيثة لإضعاف كل مرشح كاثوليكي منافس. ويعتقد كثيرون أن ماكينة فتوش هي وراء تعريض المنافسين لخضات إعلامية. إلا أنها، في المقابل، تتعاطى بحذر مع الحساسية الزحلية تجاه تحالفاته السياسية مع حزب الله، وتسعى إلى عدم وضع التحالف تحت الضوء. وقد نجحت في ذلك حتى خلال إطلاق لائحة تحالفهما في مهرجان شعبي أقامته أخيراً.

بيت سكاف
لا شك أن الكتلتين السنية والشيعية تشكلان الرافعتين الأساسيتين لكل من اللائحتين السابقتين، خصوصاً في ظل الجهود المبذولة عند الطرفين لرفع نسبة التصويت وسط جمهورهما إلى ما يفوق 60%، فيما لا يزال المراقبون يتوقعون نسبة تصويت قد لا تتعدى 40% في الأوساط المسيحية. وهذه النسبة، وفقاً لتحليلات العاملين بالماكينات، ستتوزع في معظمها على 9 مرشحين من صقور اللوائح على الأقل. ما يخفض من حجم كتلة الصوت التفضيلي التي تحتاج إليها. هذا إذا لم تقع واحدة من اللوائح على الأقل في دائرة خطورة عدم تأمين الحاصل الانتخابي الكافي.

أما منطقة الخطر الأكبر، فتبدو عند ماكينة ميريم سكاف، التي لم تؤمن أي رافعة من خارج القضاء. حتى لو كانت سكاف الأوفر حظاً بالصوت التفضيلي بين المرشحين الكاثوليك، وفقاً لماكينات خصومها.

تقارع ماكينة سكاف الماكينات الأخرى بعناوين زحلية. وتتمسك في معركتها بعنوان "ابقاء قرار زحلة في زحلة"، بالنسبة إلى كل ما يتعلق بها، كما يشير العميد براك، على أن يتم الالتقاء مع الأحزاب المركزية على الخطوط الوطنية العريضة، من دون أن يعني ذلك أن الكتلة الشعبية تخلت عن سلاحها الأكثر تأثيراً. وهو اللعب على وتر "بيت الياس سكاف واستمراره مفتوحاً".

المعركة تبدو أصعب بالقانون الجديد لماكينة سكاف، التي كانت تعد من أقوى الماكينات في الدائرة. وليست الصعوبة، وفقاً لبراك، في تأمين المندوبين، الذين لم تعد كثرة أعدادهم قاعدة للنجاح، إنما في التنافس الداخلي الذي فرضه القانون.

القوات اللبنانية
في رأي ماكينات اللوائح المتنافسة في زحلة، فإن القوات اللبنانية هي الوحيدة التي لها مصلحة بتوتير الأجواء الانتخابية لشد العصب المسيحي، واضعة في هذا الإطار العنوان الذي اختاره رئيسها سمير جعجع لمعركتها لدى سؤاله عنه خلال مشاركته في إحياء الذكرى السنوية لشهداء المدينة. فقد أشار إلى أن القوات تخوض معركة بقاء زحلة حرة من دون نفوذ سوري ولا ما يمثل النفوذ السوري.

وضعت مشاركة جعجع في القداس في إطار تبديد "الشكوك" القواتية بشأن مرشحها المفضل جورج عقيص، ولشد عصب جمهورها في المدينة. ويؤكد رئيس ماكينة القوات ربيع فرنجي لـ"المدن" أن القوات لم تخطئ يوماً في تقدير حجمها.

لكن، رغم الجهد الذي تطلبه طرح إسم عقيص من الماكينة حتى تتقبله القاعدة القواتية تحديداً، كما تؤكد المصادر، يجزم فرنجي "أننا حاصلون على الحاصل الانتخابي حكماً. ولدينا دراسات تؤكد ذلك. ونعرف الأرض بشكل جيد. فماكينتنا شغالة ولم نقدّر يوماً حجمنا أكثر مما نحن عليه الآن". ويشير إلى أن "صعوبات القوات في شأن الصوت التفضيلي أقل من غيرها لأننا حددنا وجهة واضحة له. ونعلم أن أرضيتنا ممسوكة بشكل جيد. ولدينا خريطتنا لادارة الصوت التفضيلي وسيصل إلى حيث يجب". ويجزم أن "غياب الرافعتين السنية والشيعية في هذه اللائحة لن يشكل عائقاً لنجاحها، لأن القانون ألغى فكرة المحادل. بالتالي، بات يمكن لكل فريق أن يتمثل بحجمه. ونحن حاضرون في الوجدان السني والشيعي، وسيكون لنا أصوات في الجهتين، أكثر مما يعتقده المنافسون". ويقلل فرنجي من أهمية المال الانتخابي، الذي يقول إنه أثبت في الانتخابات البلدية الماضية أنه غير قادر على تغيير النتائج وارادة الناس.

ثمة لائحة خامسة في زحلة للمجتمع المدني، يضيع صوتها وسط ضجيج الماكينات الضخمة التي تدير معارك المتنافسين الأساسيين، والتي لا تخترقها سوى قرقعات المعارك الجانبية ولكن الأساسية التي تدور على المقعد الأرثوذكسي، الذي يكتسب أهمية خاصة، للمرة الأولى في تاريخ انتخابات زحلة، خصوصاً أن كل من المرشحين الأساسيين على لائحة تحالف التيارين ولائحة القوات، يتمتع بنفوذ خدماتي وملاءة مالية، تشكل عوامل إضافية تزيد أطماع المتاجرين بأصواتهم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها