الثلاثاء 2018/01/09

آخر تحديث: 00:06 (بيروت)

أبو عبد البيروتي: شعبية الحريري تتراجع

الثلاثاء 2018/01/09
أبو عبد البيروتي: شعبية الحريري تتراجع
في بيروت تتغير الأصوات في الأيام القليلة التي تسبق يوم الاقتراع (Getty)
increase حجم الخط decrease
ممّا لا شك فيه أن حضور تيار المستقبل على المستوى الشعبي في العاصمة بيروت كان كبيراً، وقد تُرجم ذلك في الانتخابات النيابية في العام 2009، بحصوله على 8 نواب من أصل 19 في الدوائر الثلاث. أما كتلة لبنان أولا بزعامة المستقبل، فحصلت على 15 نائباً من أصل 19. لكن كيف سيصبح الوضع مع القانون الانتخابي النسبي ومع تقسيم بيروت إلى دائرتين؟ هل سيحافظ المستقبل على مقاعده؟ وهل التعاطف الشعبي مع الرئيس سعد الحريري بعد الاستقالة سيترجم في الانتخابات تعويضاً له عن المقاعد التي قد يفقدها جراء اعتماد النظام النسبي؟


يؤكد الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، لـ"المدن"، أنّ حضور المستقبل محدود جداً في دائرة بيروت الأولى التي باتت مع القانون الجديد "دائرة مسيحية"، يبلغ عدد الناخبين السُّنة فيها 13 الفاً فقط، يتوزّعون بين عائلات غير منتمية لأي طرف سياسي، وأخرى توالي آل فرعون، وأخرى توالي جمعية المشاريع الاسلامية (الأحباش). أما المستقبل فيمون على نحو 2000 صوت من مجموع المقترعين السنّة في هذه الدائرة الذين يُرجّح أن لا تتخطى نسبة الاقتراع بينهم أكثر من 50%، أي نحو 6 آلاف سنّي.

أما في دائرة بيروت الثانية، التي باتت في ظل القانون الجديد دائرة إسلامية، فيصل عدد الناخبين السنة إلى 215 ألفاً، أي نحو 62% من الناخبين. ويراوح عدد الناخبين للائحة التي يتزعمها تيار المستقبل بين 70 و80 الف صوت. ليس هناك معلومات دقيقة في شأن عدد ناخبي المستقبل منفرداً، لكنهم لا يتخطوا 50 ألف ناخب. بالتالي، في حال وصل عدد الناخبين في بيروت الثانية إلى 140 ألفاً، ستكون سيطرة لائحة المستقبل على 50% من الأصوات فقط، وسيترجم ذلك بعدد مقاعد يراوح بين 5 و6 كحد أقصى من أصل 11 مقعداً مخصّصاً للدائرة.

بقية المقاعد في هذه الدائرة ستكون رهن التحالفات. فالثنائي الشيعي هو ثاني الاقوياء في الدائرة، حيث يصل عدد الناخبين الشيعية إلى نحو 71 ألفاً، أي نحو 28%. ومن المتوقع أن يكون الحاصل الانتخابي في هذه الدائرة نحو 14 ألف صوت. بالتالي، سيكون، مثلاً، من السهل على بعض الشخصيات ذات التمثيل الفوز بمقاعد.

وعلى عكس شمس الدين، يؤكّد أحد المفاتيح الانتخابية، الذي عايش انتخابات بيروت منذ ستينيّات القرن الماضي، والمعروف بأبي عبد البيروتي، أن تيار المستقبل لا يملك أكثر من 25 ألف صوت. أما بقية الأصوات التي حصلت عليها اللائحة العام 2009 فكانت نتيجة التحالفات السياسية. ويكشف عن أن هناك لقاءات للعديد من العائلات البيروتيّة بغية تشكيل لائحة في الانتخابات المقبلة. فهذه العائلات تعتبر أنّ الحريري ألغى دورها وجعلها هامشية. فمن أصل أكثر من 850 عائلة بيروتية يوجد 75 عائلة فقط تشكل اتحاد جمعيات العائلات البيروتية. يضيف أبو عبد أن "ما يحكى عن تزايد شعبية الحريري بعد أزمة الاستقالة ليس دقيقاً، بل هي إلى تراجع. فجميع من حضر إلى بيت الوسط غداة عودته إلى بيروت، أتوا من البقاع والشمال والجنوب ولم نرَ إلا قلة قليلة من البيارته".

ويشير أبو عبد المطّلع على البيوتات السياسية في بيروت إلى أن هناك أحاديث عن عزوف الرئيس تمام سلام عن الترشح في الدورة المقبلة. ما سينعكس تراجعاً في التصويت للائحة الحريري. ويتابع بأن وجود الصوت التفضيلي سيعقّد المسألة أمام الناخبين، فالاقتراع للشخص المفضّل يعني الاقتراع للائحة كاملة. وهذا يجعل الناخب البيروتي في حيرة من أمره بين العزوف عن الانتخابات أو الاقتراع اعتراضاً للّوائح المقابلة للائحة السلطة. وفي حال شكل المستقبل لائحة واحدة مع الثنائي الشيعي، سيرتد الأمر سلباً على الحريري، لا سيما أن البيارته لم ينسوا بعد أحداث العام 2008. بالتالي، ربما يتكرر مشهد الانتخابات البلدية ويكون حظ المجتمع المدني كبيراً في حصد مقاعد عدة.

أما مرشح حركة الشعب عمر واكيم، فيشير إلى أن الأمور تتجه في بيروت إلى تشكيل لائحة للسلطة ولائحة للمعارضة، حيث تسعى الحركة، رغم انتقاداتها الكثيرة للقانون، إلى تشكيل تحالف يضم لقاء "الاحزاب العشرة" بالإضافة إلى المجتمع المدني والمستقلين. فمعدل الاقتراع للائحة التي نزلت عليها الحركة في العام 2009 كان جيداً، إذ وصلت النسبة إلى 21% من الأصوات.

وعن ارتفاع شعبية الحريري بعد الأزمة الأخيرة يشير وكيم إلى أن العاطفة الشعبية لم تكن للحريري بشخصه، الناس شعروا بأن لبنان أهين باحتجاز رئيس حكومته. بالتالي، وقفوا مع لبنان وليس مع الشخص. وموقف البيارتة في الانتخابات المقبلة سيكون مثل موقف بقية مكونات المجتمع اللبناني التي ستقف في صفّ المعارضة في حال استطاعت الأخيرة التوحد لتشكيل لوائح بديلة من لوائح السلطة. فالمواطن، كما يعتقد واكيم، لا يقف إلى جانب احزاب السلطة، إلا إذا شعر بأنّ قوى الاعتراض ضعيفة ومشتتة وليس لديها برنامج بديل.

في المقابل، يعتبر النائب في كتلة المستقبل محمد قباني أن الحديث عن تراجع شعبية الحريري هرطقات. قبل الاستقالة كان يحكى عن تراجع شعبية الحريري، لكن بعد عودته من السعودية عادت وارتفعت كثيراً. أما الحديث عن الارقام المتدنية للناخبين فلا يعدو كونه كلاماً في الهواء. ففي بيروت، غير كل المدن، تتغير الأصوات في الأيام القليلة التي تسبق يوم الاقتراع. بالتالي، من الصعب التكهن بعدد الناخبين. والعائلات في بيروت هي في الأساس غير مقفلة لطرف سياسي معين كما كان في السابق أيام المد الناصري. والمزاج البيروتي يتأثر بالأحداث السياسية. فعلى سبيل المثال، عندما أراد السوريون محاصرة الرئيس رفيق الحريري في انتخابات العام 2000، تفاعل أهل بيروت معه واستطاع أن يكتسح المقاعد الـ19 المخصصة للعاصمة. ويشير قباني إلى أن الوقت ما زال باكراً للحديث عن عدد المقاعد التي تستطيع اللائحة الحصول عليها، لا سيما أنه لا توجد استطلاعات حديثة، والمسألة تتوقف على طبيعة التحالفات والشخصيات التي ستكون في اللائحة، كون الصوت التفضيلي يحتسب صوتاً للائحة أيضاً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها