الخميس 2018/01/11

آخر تحديث: 00:10 (بيروت)

أين القوى المدنية من الانتخابات؟

الخميس 2018/01/11
أين القوى المدنية من الانتخابات؟
يحاول البعض المسارعة إلى اطلاق التحالف لجعله أمراً واقعاً (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

تتّجه بعض القوى المدنية إلى إطلاق حملاتها الانتخابية تحضيراً للانتخابات المقبلة. وعلمت "المدن" أنّ بعض مجموعات الحراك المدني توصّلت إلى وضع برنامج سياسي ستطلقه، الجمعة في 19 كانون الثاني 2018. ويضمّ هذا التحالف إلى الساعة مجموعات عدّة، سياسية ومدنية وجمعيات من المجتمع المدني ومستقلّين.

ما زالت الأجواء ايجابية لجهة الاستمرار في هذا التحالف بغية العمل على تشكيل لوائح انتخابية في جميع المناطق اللبنانية. وقد استطاعت هذه المجموعات المختلفة التوصّل إلى تفاهمات سياسية بشأن العديد من القضايا المطروحة في البلد ليس أقلّها مسألة الدفاع الوطني، الحفاظ على السيادة الوطنية، الحريات العامة، احترام الدستور والعدالة الاجتماعية، رغم التناقض السياسي الذي كان يعوق التوصل إلى هكذا نوع من التفاهمات. فهذا التحالف يضمّ مجموعات متناقضة مثل بدنا نحاسب وطلعت ريحتكم وأفراداً من بيروت مدينتي (لم تحسم الأخيرة خيار المشاركة في الانتخابات) ومجموعة شوفنا والحركة البيئية وطاولة المجتمع المدني ولقاء الدولة المدنية، إلى جانب أحزاب مثل سبعة والخضر وبعض العونيين السابقين. وهناك انفتاح على بعض الأحزاب السياسية غير الممثلة في السلطة للانضمام لاحقاً.

رغم هذه الايجابية ما زالت اشكاليات أساسية تعترض هذا التحالف، لعلّ أبرزها "الهرولة" إلى الترشيحات. ليس هذا فحسب، بل إن البعض يشكو من وجود مجموعات لا تمثل إلا بعض الأفراد المرشحين. وقد أدى الخلاف على كثرة "المسترشحين" إلى ابتعاد البعض عن هذا التحالف أو الوقوف على الحياد في انتظار اتضاح الصورة. وقد علمت "المدن" أنه تم أخيراً الاتفاق على "آلية للترشيحات" سيلتزم بها جميع المنضوين في هذا التحالف.

تتخوف بعض المصادر من داخل هذا التحالف وخارجه من فشله في كيفية ادارة موضوع الترشيحات، ومن كون التوافق على البرنامج السياسي الذي حصل سينتهي مع بدء عملية الترشح. فالتوافق الذي حصل ما زال حبراً على ورق، ولم يتمّ العمل على تشكيل جبهة سياسية تحمل شعارات سياسية متجانسة لمواجهة أحزاب السلطة. ويشكو البعض من كون هذا الحراك الانتخابي المدني ما زال مركزياً وليس له امتداد في المناطق. هذا فضلاً عن وجود محاولات لحصر التحالف بـ"المجتمع المدني". ما يجعل التحالف نقيضاً للأحزاب السياسية. وتلفت المصادر إلى كون المجتمع المدني في لبنان شديد التنوع. ما يجعل الجميع يتحدثون باسمه. بالتالي، سيكون من السهل التصويب عليه واصابة مقتل فيه.

وتشكو المصادر من كون بعض المجموعات قليلة التمثيل ستتخذ من بعض المجموعات ذات التمثيل الواسع مطية للفوز بمقعد نيابي، بمعنى تأمين الحاصل الانتخابي للائحة. فبسبب وجود نظام نسبي وصوت تفضيلي، ولكون الترشح سيكون فردياً وعلى المقعد المحدد، قد تخسر المجموعات الكبيرة على اللائحة لمصلحة المجموعات الصغيرة والمرشحين المستقلين. بالتالي، يتخوف البعض ممّا ستؤول إليه الأوضاع بعد الانتخابات وكيف سيتصرف الفائزون في الندوة البرلمانية. هل سيكون هناك التزام سياسي على الثوابت التي سيتفق عليها قبل الانتخابات، أم سيذهبون إلى خيارات سياسية تناقض التفاهمات الحالية؟ هذه الخلافات ليست شكلية بل تكمن في صلب التحالف الانتخابي والتحالفات المستقبلية التي سيقوم بها التحالف مع أطراف غير ممثلة حالياً فيه. بالتالي، على آلية الترشيح أن تلحظ هذا الأمر في عملية تشكيل اللوائح مستقبلاً، إذ لا يكفي التوقيع على ميثاق الشرف لتبديد الهواجس الحالية.

يحاول البعض المسارعة إلى اطلاق التحالف لجعله أمراً واقعاً، يُصار بعده إلى التفاوض مع المعترضين أو مع الترشيحات المستقلة. فالمفاوضات السابقة لم تكن جيدة وأدت إلى ابتعاد البعض للعمل على تشكيل حالات مستقلة. وقد أدت عملية شد الحبال إلى مسارعة البعض إلى إعلان الترشح لايجاد جو تفاوضي جديد. بالتالي، بدا الأمر كأن "المجتمع المدني" يختلف على الطريدة قبل اصطيادها. فعوضاً عن الذهاب إلى تفاهمات سياسية تكون منطلقاً للتحالف الانتخابي لمواجهة لوائح السلطة، سادت أنانية الترشح وكثرة "المسترشحين". فهل ستنجح القوى المدنية والمستقلة في تشكيل تحالف وطني يبني على الحراك المدني السابق؟ هذا يتوقف على كيفية ادارة التحالف لهذه الاشكاليات. وثمة حرص من الجميع على انجاح التجربة رغم الأجواء السلبية والتناقضات السياسية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها