السبت 2017/08/19

آخر تحديث: 00:20 (بيروت)

10 مليارات دولار كلفة الفساد سنوياً

السبت 2017/08/19
10 مليارات دولار كلفة الفساد سنوياً
قطاع الكهرباء يُعد من أبرز مسببات العجز في الميزانيّة العامّة (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

"كلفة الفساد في لبنان 10 مليارات دولار سنويّاً، وفق دراسة للبنك الدولي"، كما ينقل المستشار في جمعيّة الشفافيّة اللبنانيّة سعيد عيسى، في حديث إلى "المدن". بينها "5 مليارات دولار على شكل خسائر مباشرة وداخليّة في الإدارات العامّة". وتشمل هذه الفئة من الخسائر تحديداً الأموال التي يخسرها القطاع العام جرّاء الهدر والتهرّب الضريبي داخل هذه الإدارات.

والمستفيد من هذه الخسائر المباشرة هم أفراد من المسؤولين والسياسيّين. وهذا ما يؤدّي إلى توسّع الهوّة الاجتماعيّة بين أشخاص تتكتّل الثروات في أيديهم، وآخرين تتراجع قدراتهم الشرائيّة ومستواهم المعيشي. والنتيجة الطبيعيّة هنا هي تزايد تركّز الثروة التي نعاني منها أصلاً.

أمّا الـ5 مليارات الأخرى، فهي خسائر غير مباشرة (أو خارجيّة) مرتبطة بالاستثمارات وفرص العمل التي يؤدّي الفساد في لبنان إلى فقدانها. وتتشكّل هذه الفئة من الخسائر من الضرائب التي كان يمكن أن تجنيها الدولة من الإنتاج والرواتب والمبيعات من هذه الاستثمارات لو كانت موجودة.

ويعطي عيسى أمثلة عن الخسائر غير المباشرة المتعلّقة بعدد كبير من الشركات الكبرى التي تحجم عن الاستثمار في لبنان، وتلجأ إلى أسواق بديلة، نظراً لانعدام الشفافيّة في السوق اللبنانية، وعدم موافقة هذه الشركات على دفع أموال لا يمكن تسجيلها بشكل مشروع في دفاترها.

قطاع الكهرباء: إفشاله لبيعه
يدخل عيسى في تفاصيل مكامن الهدر. فيبدأ بقطاع الكهرباء، الذي يُعد من أبرز مسببات العجز في الميزانيّة العامّة. وبالنسبة إلى عيسى، الهدر يبدأ بالجباية وعدم التأهيل الصحيح للمنشآت وطريقة اجراء المناقصات الخاصّة بها. ومن خلال جزء كبير من الأموال التي تم رصدها لمشاريع لم يتم استكمالها بالطريقة الصحيحة نتيجة الخلافات بشأنها.

من جهة أخرى، ثمّة جانب كبير من الفساد في هذا القطاع يتعلّق بطبيعة عقود الصيانة التي تقوم بها شركة كهرباء لبنان، بالإضافة إلى عقود شراء الفيول الخاص بمنشآت توليد الكهرباء.

والمطلوب، في رأي عيسى، الوصول إلى فشل الدولة الكلّي في إدارة القطاع، وصولاً إلى خصخصته في كل منطقة على قاعدة المحاصصة، كما جرى في قطاعات أخرى. وبطبيعة الحال سيسهم وضع القطاع المتردّي ببيعه بثمن أقل بكثير من ثمنه لو كان من القطاعات الرابحة.

الدوائر العقاريّة: فساد مقونن
يتطرّق عيسى إلى الفساد في القطاع العقاري، ويصف الفساد فيه بالفساد المقونن. فالدولة أساساً تمنح الموظّف في تلك الدوائر الحق بتخمين العقار ضمن هامش معيّن. وبما أنّ الرسوم العقاريّة تُدفع على أساس هذا التخمين، فالدولة تمنح الموظّف القدرة على تقليل أو زيادة الرسم المدفوع من خلال التحكّم بقيمة التخمين. ما يفتح باب الاستفادة الماديّة مقابل تقليص الرسم المفروض على المواطن.

أمّا الشكل الآخر من الفساد في الدوائر العقاريّة فيتم، وفق عيسى، عند حدوث التخطيطات للطرق الرئيسيّة والمشاريع. فالموظّفون يستفيدون في هذه الدوائر من وصولهم إلى المعلومة قبل المواطنين، وذلك عبر التعاون مع مستثمرين لشراء عقارات محاذية لهذه المشاريع قبل الإعلان عنها. وتحدث عمليّات شراء العقارات هذه بأسعار زهيدة مقارنةً بالأسعار التي ستكون عليها بعد إعلان المشاريع للعموم لاحقاً. ما يحرم الدولة رسومها ويغبن أصحاب العقارات الحاليين.

كلّ هذا يُضاف إلى الأموال التي يتم دفعها يوميّاً ولآلاف المعاملات العقاريّة لمصلحة السماسرة، وذلك من أجل القيام بعمليّات بسيطة. والسبب التعقيد غير المبرّر في اجراءات انجاز هذه المعاملات ومتابعتها من قبل المواطن العادي. أمّا عقوبة الموظّف عند إنكشاف أي تلاعب، فهي نقله إلى دائرة أخرى ليتابع أسلوب العمل نفسه. بينما تتم ممارسة أصعب الضغوط على الموظّفين غير المنخرطين في هذا النوع من الأعمال.

الهدر في كل زاوية
يذكر عيسى الفساد في ملف اللاجئين السوريين، حيث أصرّت الدولة اللبنانيّة على استعمال نسبة كبيرة من هذه المساعدات على شكل رواتب لاستشاريين مموّلين من الأمم المتحدة في الوزارات اللبنانيّة. وهي المسألة التي تم استعمالها كباب من أبواب الزبائنيّة وتوظيف المناصرين والمقرّبين.

ويشير عيسى إلى تحوّل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلى مؤسسة تشبه غيرها من ناحية الهدر الذي يتم من أكثر من جهة. فهناك أوّلاً تهرّب أرباب العمل بشكل منظّم من تسجيل جميع العاملين لديهم في الصندوق، حيث لا توجد رقابة فعليّة على هذا الموضوع.

ومن ناحية ثانية هناك عمليّات منظّمة تنشط في تقديم فواتير وهميّة للاستفادة من تقديمات الصندوق من غير وجه حق. ويساعد على هذا الموضوع غياب الربط بين بيانات وزارة الماليّة للأطباء والصيادلة من جهة، والفواتير المقدّمة إلى الصندوق من جهة أخرى.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها