السبت 2017/07/29

آخر تحديث: 00:55 (بيروت)

"المدن" تدخل عشوائيّات القاع: حياة كاملة خارج الحياة

السبت 2017/07/29
"المدن" تدخل عشوائيّات القاع: حياة كاملة خارج الحياة
لا يملك معظم أصحاب هذه المصالح ما يسمح لهم بمزاولة أعمالهم (لوسي بارسخيان)
increase حجم الخط decrease
كلما جرى الحديث عن معركة مقبلة مع بقايا عناصر داعش في جردي القاع ورأس بعلبك، تتوجه الانظار إلى مشاريع القاع. المنطقة، التي كانت تشكل امتداداً لعرسال في أراضي القاع الجغرافية، الممتدة حتى معبر جوسيه عند الحدود السورية، طغى عليها اكتظاظ السوريين منذ أحداث القلمون والقصير. فكانت وجهتهم الأقرب إلى ما خسروه من بيوت وممتلكات في بلدهم، لتتحول لاحقاً خياراً وحيداً لهم، رغم القيود التي حبست حريتهم، وحدت من هامش تحركهم، مرة بذريعة حماية أمنهم، ومرة أخرى بذرائع الوقاية الأمنية من وجودهم.

هذه المرة يترافق قرع طبول الحرب في القاع ومشاريعها مع قرار اتخذته بلديتها بمنع تجوال السوريين ليلاً ونهاراً. وحصر نقاط وجودهم في محيط منطقة المشاريع التي تجمعوا فيها، بعد فرض تراجع تجمعات الخيم كلمترات عن الطرق العامة التي تجتازها دوريات الجيش اللبناني المؤللة منذ أشهر. 



عملياً، لا تنطبق صفة النزوح بشكل كامل على المقيمين في هذه التجمعات، بل معظمهم من العمال، الذين اعتادوا التردد على المنطقة في كل موسم زراعي، إلى أن فرضت عليهم ظروف الحرب اصطحاب عائلاتهم لملازمتهم بشكل دائم في المنطقة. بالتالي، صار لهذه العائلات احتياجات تتخطى "القسيمة الغذائية" التي استحصلوا عليها من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. فعمدوا إلى تأمين كفايتهم الذاتية بأنفسهم، من خلال التوسع في الاستثمارات، التي لم تعد مقتصرة على "دكاكين السمانة"، بل شملت توفير كل الحاجات، من المدرسة للأولاد إلى الدراجة النارية للرجال وفستان العرس للصبايا.

على طول الخط بين المعبرين الحدودين، يمكن رصد أعداد المتاجر العشوائية التي نشأت. بعضها تنوعت خدماته بين توفير الفروج مع البراد والغسالة في آن، وبعضها صالون تجميل وورشة ميكانيك، ومتاجر للأدوات المنزلية والألعاب والمكياج والعطورات. حتى مركز المعاينة الطبي صار له دكان إلى جانب محل لتصليح الاطارات، فيما اللافت أعداد أطباء الأسنان الذين بادروا إلى مزاولة مهنتهم وفي الدكاكين أيضاً.


من الناحية القانونية، لا يملك معظم أصحاب هذه المصالح ما يسمح لهم بمزاولة أعمالهم، خصوصاً من يتعاطون منهم الشأن الطبي. إلا أن حالة الفوضى الأبعد من مشكلة النزوح في المنطقة فرضت أمراً واقعاً جديداً يصعب على كثيرين اكتشافه، خصوصاً أن المنطقة محظورة على الصحافيين، الذين لا يسمح لهم كغيرهم من اللبنانيين دخولها إلا بإذن مسبق من قبل مديرية الأمن العام. عليه، يكاد التردد إلى المنطقة يقتصر على أصحاب المشاريع الزراعية الواسعة في مشاريع القاع، والتجار الذين يوفرون للمحال الناشئة بعض احتياجاتها.

بينما كانت المنطقة قبل الأحداث مفتوحة للجميع، وكان للعراسلة فيها استثمارات بسيطة، أمنوا من خلالها احتياجات الامتداد السكني لقريتهم، وقد تحوّل المكان إلى حي سمي بحي العراسلة، جميع بيوته منشأة عن طريق وضع اليد على الأراضي، وهي موضوع ملاحقة قانونية وسياسية من قبل بلدية القاع.

أما مع توسع الوجود السوري في المنطقة، فقد صار حي عرسال أصغر مشاكل البلدية مع المستولين على أرضها في هذه المنطقة، وصار هم البلدية الحرص على عدم تحول هؤلاء إلى أمر واقع دائم على مشارف بلدتها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها