الأحد 2017/05/28

آخر تحديث: 01:10 (بيروت)

قانون انتخابي أو استفتاء: دستوريّون يجيبون

الأحد 2017/05/28
قانون انتخابي أو استفتاء: دستوريّون يجيبون
هناك نوعان من الاستفتاء: الملزم والاستشاري (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

في خطوةٍ جريئة تطرح أزمة النظام السياسي اللبناني، وسط العطل الدائم الذي يضرب المؤسسات الدستورية عند كل معضلة سياسية تطرأ، لوّح رئيس الجمهورية ميشال عون باللجوء إلى استفتاء شعبي، في حال سد الأفق أمام قانون انتخاب جديد يمثّل فئات الشعب كافة، ضمن المهل القليلة المتبقّية.

صحيح أنّه لم يسبق للبنان أن شهد استفتاءً، إلا أنّ هذا الطرح ليس مفاجئاً أن يصدر عن الرئيس عون، الذي سبق أن طالب باجراء استفتاء لانتخاب رئيس الجمهورية من الشعب مباشرة. غير أنّ السؤال البديهي الذي يطرح نفسه اليوم: هل يسمح نظامنا الدستوري باللجوء إلى الاستفتاء في حال الفراغ النيابي؟

يقصد بالاستفتاء الشعبي من الناحية الاصطلاحية عرض موضوع ما على الشعب ليقول كلمته فيه. وهو يعدّ من أهم مظاهر الديمقراطية شبه المباشرة، بحيث تتجلّى مشاركة الشعب في شؤون الحكم بصورة جليّة، فيشعر بأهمية دوره في رسم المنهج السياسي لدولته . "في حين أنّ ذلك لا يجوز في لبنان"، يقول المرجع الدستوري المحامي حسن الرفاعي لـ"المدن"، إذ إن "نظامنا هو نظام الديمقراطية التمثيلية (النيابية)، بحيث يقتصر دور الشعب على اختيار ممثلين يتولّون الحكم باسمه ونيابة عنه، وذلك وفق المادة 27 من الدستور التي تنص على أن عضو مجلس النواب يمثّل الأمة جمعاء ولا يجوز أن تربط وكالته بقيد أو شرط من قبل منتخبيه".

وهذا ما يؤيّده رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس مجلس شورى الدولة سابقاً القاضي الدكتور غالب غانم، في حديث إلى "المدن". وإذ يؤكد أنّ "الأولوية هي دائماً للشعب الذي تبقى له الكلمة- الفصل لأنه مصدر السلطات، وباسمه تنشأ المؤسسات وباسمه يحكم القضاء"، يلفت إلى أنّ "الدستور اللبناني لا يذكر الاستفتاء الشعبي إطلاقاً. بالتالي، فإنّ اللجوء إليه لا يمكن أن يحصل إلا في الحالات الطارئة والتي تكون خارج ما تصوّره المشترع والدستور. أي تلك التي تنتج عن أزمات متفاقمة تؤول إلى هاوية الفراغ".

وفي وقتٍ يعتبر غانم "أننا لم نصل بعد إلى مرحلة الفراغ"، لا يوافقه رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني الرأي، مؤكداً لـ"المدن"، أن "الفراغ يسيطر على المجلس النيابي منذ لحظة انتخابه، في العام 2009، وفق قانون الستين غير الشرعي، والذي يتضمّن مواد مخالفة للدستور، فسقط مع سقوط شرعيّته، ليعود أعضاء المجلس في العام 2013 ويمدّدوا لأنفسهم مرة جديدة مكرّسين اللاشرعية. بالتالي، نحن اليوم في فراغ".

وإذ يشير الحسيني إلى أنّ "الدستور لا يذكر الاستفتاء لا سلباً ولا ايجاباً، وبالتالي، يتطلّب إقراره مجرّد قانون عادي يصدر عن مجلس النواب بالأكثرية العادية"، يرى أن "الحل الوحيد المتاح اليوم هو إقرار مشروع قانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في جلسة 29 أيار، كخطوة استثنائية في سبيل استعادة الشرعية، وإلا فلن يكون أمام الرئيس عون سوى اللجوء إلى استفتاء الشعب لأنه مصدر السلطات والمؤسسة الشرعية الوحيدة الباقية، بعدما استولت السلطة السياسية على إرادة شعب برمّته وأبسط حقوقه، ومدّدت لنفسها رغماً عنه لأكثر من 8 سنوات".

من جهته، يعتبر وزير الداخلية والبلديات السابق المحامي زياد بارود أن "الاستفتاء الشعبي بشأن القضايا الأساسية كقانون الانتخابات، فكرة جيّدة من حيث المبدأ، خصوصاً في ظل ما تشهده الحياة السياسية والدستورية من معوّقات". ويلفت، في حديث مع "المدن"، بـ"نوعين من الاستفتاء: الملزم والاستشاري"، موضحاً أنّه "إذا أردنا أن تكون نتيجة الاستفتاء ملزمة، فإنّ ذلك يحتاج إلى تعديل دستوري، وإلّا فيكون الاستفتاء مجرّد تعبير عن توجّه الرأي العام في مسألة معيّنة، علماً أن ذلك لا يقلل من أهمية هذا الحدث من الناحية السياسية كون الشرعية التي تنجم من مواقفة الشعب على نص محدد تشكل ضغطاً سياسياً كبيراً على النواب كي يحولوا الرأي الذي أبداه الشعب في الاستفتاء إلى نص يتمتع بقوة القانون".

ويلفت بارود إلى أنّ "اللجوء إلى أي نوع من الاستفتاء، يتطلّب آلية دستورية لتنظيمه، من خلال قانون صادر عن مجلس النواب، لأنّه يحتاج إلى تحضيرات مماثلة لتلك التي تجريها الحكومة للانتخابات النيابية مثلاً"، من دون أن ينفي "صعوبة التعويل على موافقة هذه الطبقة السياسية بالأكثرية على قانون الاستفتاء، في ظلّ غياب الاجماع على أي قانون انتخابي جديد".

ويعتبر الرفاعي أن "الاستفتاء الذي يتكلمون عنه يفترض أن يكون بشأن قانون انتخاب واضح ومتكامل يتيح للمواطنين الاجابة بنعم أو كلا. وهذا المشروع غير موجود حتى تاريخه، ولو توافق عليه مجلس الوزراء اليوم لكان بوسعه ارساله إلى المجلس النيابي الذي له أن يقرّه أو يعدله. بالتالي، تنتفي الحاجة إلى الاستفتاء".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها