الإثنين 2017/04/24

آخر تحديث: 00:32 (بيروت)

ماراثون صيدا: الشلة تسلب المدينة

الإثنين 2017/04/24
ماراثون صيدا: الشلة تسلب المدينة
هذه المجموعة تعامل سكان المدينة كوسائل وأصوات انتخابية (خالد الغربي)
increase حجم الخط decrease
سادت في صيدا منذ يوم السبت، في 22 نيسان، حالة ارتباك وتساؤل سبّبها تنظيم "ماراثون صيدا الدولي"، الأحد في 23 نيسان، الذي ترافق مع اقفال مبكر للطرق، أدى إلى بقاء السيارات الداخلة إلى المدينة لساعات عند مدخلها الشمالي، وتعطل حركة التجارة في المدينة، يومي السبت والأحد. وظهرت حالة الفوضى، في طلب الجهة المنظمة من سكان المدينة إزالة سياراتهم من الطرق في وقت متأخر من ليل السبت، أي قبل ساعات من بدء الماراثون.

لكن المفارقة تكمن في أن التحضير للماراثون بدأ منذ بداية العام 2017، أي منذ تأسيس جمعية وظيفتها تنظيم هذا الحدث تحت اسم "جمعية ماراثون صيدا الدولي"، بدعم من النائبين بهية الحريري وفؤاد السنيورة. تتألف هذه الجمعية، التي يرأسها المنسق العام لتيار المستقبل في صيدا والجنوب وعضو المجلس البلدي ناصر حمود، من مجموعة وجوه متجانسة، رغم اختلافاتها، في نخبويتها الاجتماعية والسياسية والمالية. فهي تدير المدينة بنفوذها أو تشارك في اتخاذ القرارات فيها أو توالي من يديرها.

والمفارق أن بعض هذه الوجوه تتكرر في كل الأنشطة والمشاريع الترفيهية والثقافية، التي تنظمها هذه المجموعة، حتى باتت أشبه بـ"شلّة" تأخذ من المدينة مسرحاً لها وتظهرها بالصورة التي تريدها. ولا يمكن فهم هذه الفوقية في تنفيذ الأنشطة بمعزل عن المشهد العام لإدارة المدينة وتنفيذ المشاريع فيها.

والحال أن هذه المجموعة تبدو مهووسة بكل ما هو "دولي"، فتبحث من دون كلل عن طرق لإخراج المدينة من محليتها. فالماراثون، في تجربته الأولى، يجب أن يكون بالضرورة دولياً، وليس محلياً. ومن أجل ذلك استعانت الجمعية بمسّاح "دولي"، مغربي الجنسية، معتمد من الاتحاد الدولي لسباقات الماراثون. أما نتيجة هذا التوجه فتأكيد الفوضى والاستهتار. فالمساح الدولي وسّع نطاق الماراثون إلى مساحة تفوق طاقة المدينة. ما أدى إلى تعطيل الحركة فيها.

من المؤسف أن هذه المجموعة تستمر في التعامل مع سكان المدينة كوسائل وأصوات انتخابية، من دون أن ترى فيهم أصحاب حق أو قرار. هكذا، أبعد السكان عن هذا الحدث، الدولي، عوضاً من جعلهم جزءاً منه. وبدلاً من تشكيل مجموعات تطوعية مؤلفة من أهالي الأحياء التي سيمر فيها الماراثون وتشكيل لجان شبابية محلية مهمتها التحضير له وتهيئة تنفيذ اجراءاته مع الناس ومساعدتهم على ايجاد مواقف بديلة لسياراتهم، أو طرق لعبورهم اليومي، فرضت الجمعية هذه الاجراءات، التي تنتهك الروتين اليومي للسكان، في اللحظة الأخيرة، مستعينة بالسلطات المحلية، أو جمهورها المُمأسس، من أعضاء نادي "روتاراكت" والكشاف اللبناني والمدارس التابعة لها لتشجيعهم على التطوع أو المشاركة في الماراثون.

في اليومين الماضيين بدت المدينة مسلوبة من سكانها. ولم يشعر كثير منهم أنهم ينظمون نشاطاً جماعياً وعاماً في مدينتهم، بل كان ما يربطهم بما يحدث اقفال الطرق عليهم، أو بدل اشتراك في الماراثون غير متناسب مع فروقاتهم الاجتماعية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها