الخميس 2017/02/23

آخر تحديث: 06:42 (بيروت)

تابت لـ"المدن": تحولت نقابة المهندسين إلى وسيلة للانتفاع

الخميس 2017/02/23
تابت لـ"المدن": تحولت نقابة المهندسين إلى وسيلة للانتفاع
مازالت المعركة الانتخابية غامضة المعالم (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
تسييس نقابة المهندسين خلال السنوات الـ12 الماضية، أدى إلى تعطيلها واقتصار دورها على تمثيل الوجود السياسي والطائفي لأحزاب معينة. اليوم، ومع اقتراب الانتخابات في النقابة، يترشح المهندس المعماري جاد تابت لموقع النقيب، ضمن لائحة "نقابتي"، جاعلاً هموم الشباب، بالإضافة إلى قضايا الشأن العام، أبرز أولوياته وسائراً على مبدأ "استعادة الإرث النقابي لبناء المجتمع والدولة"، على حد قوله في مقابلة مع "المدن".

فالنقابة التي شارك والد تابت، المهندس المعماري أنطوان تابت، في تأسيسها في العام 1952 وترأسها بين العامين 1955 و1956، أدت دوراً أساسياً في تناول القضايا العامة، خصوصاً على صعيد التخطيط ووضع الخطط الانمائية خلال الخمسينات والستينات. وبرز دور النقابة في الفترة اللاحقة للحرب الأهلية في عهد النقيب الأسبق عاصم سلام، كمساحة ثقافية للحوار في شأن إعادة اعمار بيروت ومدن أخرى وعن الشاطئ ومدينة القدس. وقد كان لجاد تابت دور بارز خلال هذه الفترة في معاونة سلام، وتحفيز النقاش العام.

اليوم، يقتصر دور نقابة المهندسين على "تسجيل معاملات البناء والوساطة بين المهندس وشركة التأمين"، وفق تابت. وهذا تراجع في الدور العام. وهو يترافق مع تراجع مشاركة المهندسين في الأعمال النقابية، ومنها الاقتراع. ففي حين تضُم النقابة نحو 40 ألف مهندس لم يقترع سوى 5 آلاف منهم تقريباً في الانتخابات السابقة أو 10 آلاف كحد أقصى، وفي حال احتدام المعركة الانتخابية. "المهندسون الحزبيون أيضاً بات دورهم مقتصراً على إيصال حزبهم إلى رئاسة النقابة"، يقول تابت. مع ذلك، لا ينتقد تابت انتماء النقيب إلى حزب معين، لكنه ينتقد اتخاذ أي حزب النقابة وسيلة لـ"الانتفاع".

يترشح تابت اليوم إلى منصب نقيب المهندسين بنفس إصلاحي معاصر مبني على 3 أهداف أساسية. أولها إرجاع الدور الفعال للنقابة في الشأن العام من خلال مناقشة المشاكل واقتراح حلول لها والضغط من أجل تنفيذها. لذلك، يقترح "تشكيل لجان متخصصة علمية وقانونية" لتناول مختلف القضايا. ومن أكثر القضايا إلحاحاً، وفق تابت، ازدحام السير في بيروت وبين المدن الكبرى. ووبصفته مخططاً مدنياً، يرى تابت أن الحل الأجدى لهذه المشكلة هو "تطوير شبكة نقل مشترك".

ويشكل الشاطئ اللبناني ملفاً ملحاً أيضاً، يقترح تابت من أجله "وضع المناطق الحساسة مثل بيروت وأنفة والمينا والجية وغيرها تحت الدرس. ما يعني قانوناً تجميد كل المشاريع فيها لمدة سنة قابلة للتجديد. وخلال هذه الفترة، يمكننا وضع خطط لكيفية تطوير هذه المناطق والمشاريع التي يسمح بها فيها".

أما على مستوى هيكلية النقابة، فيسعى تابت إلى تفعيل دور مجلس المندوبين في النقابة لتعزيز الديمقراطية فيها. ينتخب هذا المجلس على أساس نسبي بحسب الفروع (الاختصاصات) والفئات العمرية فيمثل مندوب واحد كل 100 مهندس. فضخامة هذا المجلس، المؤلف اليوم من نحو 370 مندوباً، تعرقل عمله. ويقترح تابت تحديد عدد المندوبين في المجلس بـ200 مندوب، مثلاً، مع الحفاظ على التوزيع النسبي فيه وتشكيل لجان متخصصة تجتمع على مدار السنة لمتابعة ملفات تتماشى مع تخصصاتها، بالإضافة إلى تأسيس مكتب للجنة المندوبين ينتخبها مجلس المندوبين. ويمكن تشكيل لجان في المناطق من أجل تسهيل عملية اجتماع المجلس بحيث يتولى المكتب التنسيق في ما بينها.

لكن تركيبة الفروع، وفق تابت، "لم تعد ملائمة لتطور الاختصاصات". ففي حين يبلغ عدد مهندسي الاتصالات نحو 13 ألف مهندس، وهو أكبر تجمع للمهندسين في النقابة، مازالت هندسة الاتصالات مدرجة تحت فرع هندسة الكهرباء. ما يشي بنظرة قديمة إلى الهندسة. وهذا ما ينطبق على التنظيم المدني، هندسة المشاهد، وهندسة البترول والكيمياء وغيرها من الاختصاصات غير الملحوظة كفروع مستقلة حتى اليوم.

أما القضية الثالثة التي يريد تابت مقاربتها فتتعلق بصندوق التعويض. إذ قد يتسبب تزايد أعداد المهندسين بنفاذ صندوق التعويضات بعد سنوات. ما قد يحرم المهندسين الشباب من التعويض مستقبلاً، "لذلك، يجب البحث عن طرق لتغذية الصندوق". ويولي تابت مصالح المهندسين المباشرة أهمية كبيرة في برنامجه، خصوصاً المتخرجين الجدد. فمن ناحية أولى، يواجه هؤلاء ضيقاً في فرص العمل في لبنان والمنطقة، "ما قد يتفاقم مستقبلاً". لكن يمكن للنقابة أن تضغط من أجل تأسيس مكتب هندسي في كل بلدية بهدف خلق فرص عمل من ناحية والمساهمة في مواضيع تتعلق بالتنمية المستدامة والتخطيط المدني من ناحية أخرى.

ويقترح تابت تخفيض رسم الإنتساب إلى النقابة للمتخرجين الجدد مراعاة لظروفهم المادية من خلال جعل هذا الرسم تصاعدياً. ومن أجل حماية المتخرجين الجدد من ظروف العمل المجحفة، التي "باتت سائدة"، وفق تابت. ويقترح صوغ عقد نموذجي "بمثابة إطار عام يرتكز عليه الشاب حين يتقدم إلى أي عمل، ثم يناقش مع رب العمل المسائل القابلة للنقاش".

ويقول تابت إنه سيسعى إلى رفع مستوى المهندس اللبناني من خلال تنظيم دورات تدريبية مجانية تضمن مواكبة المهندسين اللبنانيين للتطورات الحاصلة في اختصاصاتهم. في السياق نفسه، يقترح تشكيل لجنة مهمتها دراسة وضع اختصاصات الهندسة في مختلف الجامعات اللبنانية، وأن تضع شروطاً على برامج الاختصاص والجسم الأكاديمي والبنى التحتية في الجامعة. وبالنتيجة، فإن الجامعة التي لا توفر هذه الشروط ضمن المهل المحددة لن يُقبل خريجوها في النقابة.

فوضى المهنة
يفسر تابت الفوضى في ممارسة المهنة، وتحديداً في قطاع البناء، بـ"القانون الذي وضع أساساً لمساعدة تجار البناء". كما أن المنافسة الشديدة بين المهندسين تجبرهم على تحصيل أكبر منفعة للمالك. ما يفرض "ضرورة نسف القانون من أساسه" من أجل المضي في الحد من الفساد في ممارسة مهنة الهندسة، على ما يقول تابت.

المعركة الانتخابية
ما زالت المعركة الانتخابية غامضة المعالم في ظل عدم وضوح الأسماء المرشحة. لكن تحرير النقابة في هذا التوقيت من الإنقسام السياسي يمكن أن يؤدي إلى نتائج إيجابية في ظل تزايد الوعي العام، بعد ما شهده لبنان من تحركات مطلبية خلال السنوات الماضية. في الواقع، بإمكان النقابة أن تحقق إنجازات كثيرة لا لامتلاكها الخبرات الضرورية فحسب، بل لما لديها من سلطة تستمدها من عضوية نقيب المهندسين في المجلس الأعلى للتنظيم المدني والقدرات المالية التي تمتلكها أيضاً.


* درس جاد تابت هندسة العمارة لسنة واحدة في ألمانيا، ثم عاد إلى بيروت بسبب وفاة والده في العام 1964، لينتسب إلى الجامعة الأميركية في بيروت ويتخرج منها. بعدها، سافر إلى فرنسا لعامين حيث تخصص في التنظيم المدني. أصبح تابت أستاذاً في الجامعة اللبنانية في العام 1976 ثم في الأميركية بين العامين 1982 و1986 ليسافر من بعدها إلى فرنسا لأسباب تتعلق بالحرب. من أبرز كتبه "الاعمار والمصلحة العامة، في التراث والحداثة: مدينة الحرب وذاكرة المستقبل".

** تنظم نقابتي لقاءً مع جاد تابت، الخميس في 23 شباط، في أشكال ألوان.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها