الخميس 2017/02/02

آخر تحديث: 02:17 (بيروت)

ماذا يريد اللبنانيون من القانون الانتخابي؟

الخميس 2017/02/02
ماذا يريد اللبنانيون من القانون الانتخابي؟
النسبية النظام الانتخابي الأمثل للبنان؟ (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

مشكلة لبنان مع قوانين الانتخابات مزمنة، ذلك أنّ القوى السياسيّة تحسب الربح والخسارة على الورقة والقلم وتريد نتائجَ محسومة سلفاً. في السابق حسبوا أنّ أفضل تمثيل لهم هو النظام القائم في "قانون الستين"، فاعتمدوه. وعندما اكتشفوا أن ليس في مقدوره تصحيح الخلل القائم، لجأوا إلى طروحات راوحت بين النسبية والدائرة الفردية، وصولاً إلى قانون اللقاء الارثوذوكسي. على أنّ الخلل في لبنان لا يمكن تصحيحه عبر اتباع هذا النظام الانتخابي أو ذاك، على أهمية الأخير، أو في تعديل حجم الدوائر وتوزيعها، ذلك أن المشكلة الأساسية التي يتغاضى عنها الجميع تكمن في منطق "العدّ"، وحساب الربح والخسارة وفق منطق العدد في واقع لا تستوي فيه هذه المعادلة. فترجمة المناصفة انتخابيا لا يمكن أن تقوم إلا على قاعدة تضخيم الصوت المسيحي الذي يشكّل نسبة 37% من عدد الناخبين على لوائح الشطب (3 ملايين و200 ألف ناخب) وتحجيم الصوت المسلم الذي يشكّل 63% منها.

اللبنانيون لا يعرفون ماذا يريدون
في حديثه لـ"المدن" اعتبر الباحث والأستاذ الجامعي الدكتور حسن كريّم أنّ "اللبنانيين لا يعرفون ماذا يريدون من النظام الانتخابي. لم يحدّدوا بعد ماذا يريدون. المحافظة على النظام الطائفي، وبالتالي التمثيل الطائفي والمذهبي والمناطقي، أم الانتقال للقبول بالتمثيل على مستوى المحافظات على أساس المناصفة مسلم- مسيحي دون لحظ المذهب؟

لذا، علينا الإنطلاق لدى البحث في النظام الانتخابي من الواقع الحالي، ومن الدستور المعتمد. ماذا يريد المشرّع من النظام الانتخابي، تعزيز الهوية الطائفية والتمثيل الطائفي، أم تجاوز الطائفي إلى الوطني؟ في حال اختار الهدف الأول فسيختار قانوناً مثل اللقاء الارثوذوكسي، أما في حال اختار الثاني فالمطلوب إيجاد طريقة لا تؤدي إلى أسر الناس داخل طوائفها؟

نسبي أم أكثري؟
يعتقد كريّم أنّه "منهجياً، في حال أصرّ اللبنانيون على اعتماد النظام الأكثري البسيط عليهم اختيار دوائر صغيرة مؤلفة من ثلاثة مقاعد كحد أقصى لتخفيف عيوب هذا النظام على مستوى التمثيل. لأنّ النظام الأكثري البسيط ينتج عنه فوز تكتّل سياسي بكل المقاعد رغم حصوله على 30% من الأصوات مقابل خسارة بقية اللوائح التي تشكّل مجتمعة أغلبية 70% من الأصوات. أمّا في حال أرادوا اتّباع النظام النسبي فالدوائر التي تؤمّن التمثيل الصحيح يجب أن تكون كبيرة بحجم المحافظة، غير ذلك سينتج عنه خللٌ كبيرٌ لجهة توزيع المقاعد وفق كوتا الطوائف والمناطق".

إشكاليات القوانين المطروحة
يعتقد كريّم أنّ قانون الستّين هو "الأكثر استقراراً في تاريخ لبنان"، لكن "إشكاليّته تكمن في نظام التصويت لأنه قائم على نظام أكثري بسيط لعدد كبير من المقاعد على مستوى القضاء. أما "النظام المختلط فقائم على نوع من المساومة بين النظام الأكثري والنسبي. لكن مشكلته في لبنان تكمن في تفاصيله الصغيرة لجهة كيفية وضع معايير توزيع المقاعد على القضاء وعلى المحافظات بحسب الطوائف". تؤدي هذه التفاصيل إلى خلافات كثيرة تجعل من الصعب التوافق عليه.

أما نظام الدائرة الفردية رغم كونه يؤمّن صحة التمثيل لناحية اختيار الناخب الممثلين المعروفين له، ولناحية عدم سيطرة الكتل الحزبية على جميع المقاعد، لكنه يسهم في تعزيز الانتماء المحلي وتسيّد منطق الخدمات.

يبقى أنّ طرح "الدائرة الواحدة وخارج القيد الطائفي مستحيل في الوضع الحالي، ومن يطرحه ربما لم ينتبه إلى أنّ تطبيقه يحتّم أن يكون لبنان قد حقق الانتقال إلى مرحلة إلغاء الطائفية السياسية. بالتالي، في ظل الظروف الواقعية، يعني هذا الطرح تغليب منطق العدد، ومنطق أن القرار لمن يملك العدد الأكبر، ويترجم بأن هناك من يقول للمسيحيين إنّ المسلمين يريدون إلغاءكم. هذا منطق حرب وليس منطق انتخابات".

النسبية هي الحل
على العكس مما يعتقد البعض، النسبية سهلة التطبيق وتسهم في تطوير الحياة السياسية. بالتالي، يرى كريّم أنه في حال أراد اللبنانيون أن تكون الانتخابات قائمة على أساس صراع البرامج والأفكار وليس على أساس الانتماء الأولي، فالنظام الأفضل للبنان هو اعتماد النسبية على أساس دوائر كبرى مع الحفاظ على المبادئ الدستورية في المناصفة، والعمل على الغاء الطائفية السياسية تدريجاً. هذا فضلاً عن أن النظام النسبي يقوم على مبدأ صحة تمثيل جميع المكونات السياسية".

وبمعزل عما إذا كانت النسبية تشكل الدواء الناجع للمعضلة اللبنانية أم لا، لماذا لا يتمّ اعتمادها طالما معظم القوى السياسية، مسلمين ومسيحيين، يريدونها، أقله في العلن؟ فهل طرحها حالياً يعتبر جدياً أم مجرد مزايدة سياسية؟ الجواب الشافي يأتي في الأيام المقبلة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها