السبت 2017/02/18

آخر تحديث: 07:40 (بيروت)

النفط: الجامعات اللبنانية غير متفائلة بالشركات الأجنبية

السبت 2017/02/18
النفط: الجامعات اللبنانية غير متفائلة بالشركات الأجنبية
وجود النفط في لبنان لن يزيد فرص العمل في هندسة البترول (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
قد يظن البعض أن وجود البترول في المياه الإقليمية اللبنانية واحتمال البدء بالتنقيب عنه واستخراجه في وقت قريب سيخلق فرص عمل للبنانيين كثر، خصوصاً المتخصصين في هندسة البترول. لكن هذه الفرضية تعترضها حقيقة أن الشركات المُلّزّمة للتنقيب عن النفط واستخراجه هي شركات أجنبية. ما يرجّح احتمال أن تستعين هذه الشركات بموظفين أجانب، خصوصاً المهندسين منهم.


رغم هذه الاشكالية، بدأت جامعات لبنانية عدة طرح برامج هندسة البترول كاختصاص قائم بحد ذاته أو كبرنامج ماجستير يلي برنامج الهندسة الكيميائية. ومن أبرز الجامعات التي تقدم هذا البرنامج جامعة القديس يوسف (اليسوعية)، الجامعة الأميركية في بيروت، جامعة بيروت العربية وجامعة البلمند.

استباق الاستخراج
بادرت جامعة البلمند منذ العام 2008 إلى إطلاق برنامج ماجستير في هندسة البترول "قبل الحديث عن ثروات لبنان النفطية في العام 2011"، وفق رئيس قسم الهندسة الكيميائية في الجامعة هنري الزاخم. في المقابل، أطلقت جامعتا اليسوعية والعربية اختصاص هندسة البترول في العام 2013. وهذا البرنامج، الذي يأخذ شكلاً مستقلاً في الجامعة العربية، تلاه إطلاق الجامعة برنامج الهندسة الكيميائية في العام الدراسي 2016-1017. ما أدى إلى تأسيس قسم مشترك لهندسة البترول والهندسة الكيميائية حديثاً. وتطرح اليسوعية برنامج ماجستير في النفط والغاز، بالإضافة إلى تدريسها اختصاصي الهندسة الكيميائية والبتروكيميائية. 


أما الجامعة الأميركية فقد نالت موافقة مكتب نيويورك على برنامج هندسة البترول منذ شهرين فحسب. لذلك، ستبدأ طرح اختصاص ثانوي (Minor) في هندسة البترول ابتداءً من العام المقبل. أما إطلاق برنامج هندسة البترول كاختصاص بحد ذاته، فـ"لن تقوم به الجامعة قبل انشاء المختبرات الخمسة الضرورية لتمكين الطلاب من المهارات والمعارف المطلوبة قبل تخرجهم. وهذا ما تبلغ كلفته مليوني دولار"، وفق رئيس قسم الهندسة الكيميائية وهندسة البترول محمد أحمد.

ولا تسعى الجامعة الأميركية، وفق أحمد، لاستقبال أكثر من نحو 25 طالباً عند إطلاقها البرنامج بشكل رسمي، فيما تستقبل حالياً نحو 40 طالباً في اختصاص الهندسة الكيميائية سنوياً. أما اليسوعية فيراوح عدد طلابها المقبلين على هذا التخصص بين 10 و25 طالباً سنوياً. وتستقبل البلمند نحو 70 طالباً سنوياً في برنامجيها، فيما "تتفاوت نسبة الانتساب السنوي إلى هذا البرنامج في الجامعة العربية"، وفق رئيس برنامج هندسة البترول هادي أبو شقرا.

الدور المفقود
رغم تنوع البرامج المطروحة لتدريس اختصاص هندسة البترول وتخرّج عدد كبير نسبياً من المتخصصين في هندسة البترول، لم تلعب هذه الجامعات دوراً بارزاً خلال الفترة السابقة على الصعيد البحثي. لكن استطاعت أقسام الجيولوجيا في بعض الجامعات، مثل الأميركية، من لعب دور بحثي بهدف تحديد موقع النفط وطبيعة الصخور المحيطة به. ويلعب تلزيم الشركات الأجنبية دوراً في الحد من دور الجامعات اللبنانية، باستثناء تلك التي تجد لها طريقاً للتعاقد أو التشبيك مع إحدى هذه الشركات. وهو أمر تسعى إليه الجامعات بطرق مختلفة.

لكن هذا الواقع لا يعطل سعي الجامعات إلى تنفيذ الأبحاث اللازمة، بالإضافة إلى توفير الخبراء في مختلف مراحل استخراج النفط واستخدامه. وهو أمر تراه هذه الجامعات طبيعياً وبديهياً. لكن أبو شقرا يرى في "صعوبة الحصول على المعلومات اللازمة لإنجاز الدراسات" معرقلاً لقيام قسمه بالأبحاث والدراسات. ومن جهته، يبدو أحمد أقل تفاؤلاً من غيره من رؤساء الأقسام في الجامعات الأخرى لناحية تزويد المشاريع بالخبرات اللازمة وتحديداً مهندسي البترول، إذ إن "الشركات الأجنبية ستلجأ إلى خبرات أجنبية. أما اللبنانيون فقد تترك لهم المهن البسيطة". وهو من أجل ذلك، لا يعتبر أن وجود النفط في لبنان سيزيد من فرص العمل في هندسة البترول، خصوصاً أن فرص عمل مهندسي البترول بشكل عام تبقى محدودة لأنها تقتصر على مرحلة الاستخراج. فيما يتولى المراحل الأخرى مهندسون آخرون، أبرزهم المهندسون الكيميائيون. بالتالي، "مقابل كل مهندس بترول نحتاج إلى نحو 20 مهندساً كيميائياً".

أما دعم الأبحاث التي قامت بها هذه الجامعات سابقاً فلم يكن من جهات حكومية. فجامعة البلمند مثلاً استطاعت الحصول على تمويلين أوروبيين بنحو مليون وخمسمئة ألف يورو، خلال العام 2016، بالشراكة مع جامعات فرنسية، رومانية، سويدية، إيطالية، إسبانية وبرتغالية. كما أنفقت الجامعة نحو 9 ملايين دولار لتجهيز 10 مختبرات ضرورية لتخصص هندسة البترول. بالإضافة إلى تبرع الأستاذ مارون سمعان بـ4 ملايين دولار لبناء مبنى الهندسة الكيميائية وهندسة البترول. وبالتعاون مع المعهد الفرنسي للبترول وعدد من شركات النفط العالمية، مثل توتال، أعدت اليسوعية أبحاثاً تتعلق بمختلف مراحل استخراج النفط وطرقه ومواضيع أخرى.

أما في المستقبل، فلا يبدو واضحاً إذا كانت هذه الجامعات ستلعب أي دور بحثي، أو إذا كانت ستستطيع توفير فرص عمل محلية لخريجيها من برامج هندسة البترول. لكن الأمل يبدو ضعيفاً. إذ، مرة أخرى، يعيق تلزيم شركات أجنبية تحقيق الجامعات اللبنانية وطلابها أي منافع محتملة من النفط اللبناني.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها