الأحد 2017/11/26

آخر تحديث: 00:26 (بيروت)

الحريري وجعجع: من يخون من؟

الأحد 2017/11/26
الحريري وجعجع: من يخون من؟
من منهما لم "يقعد عاقلاً"؟ (الأرشيف)
increase حجم الخط decrease

هي أكثر الفترات التي تمرّ بها العلاقة بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية، في هذا النوع من السوء. يسود وجوم في معراب، حول صمت بيت الوسط عن كل الاتهامات التي تطلق من قبل مستقبليين مقربين من الحريري تجاه القوات، وتجاه الدكتور سمير جعجع بالذات. تستغرب دوائر معراب الصمت المستقبلي المطبق على التهشيم الذي يتعرّض له جعجع، وتهمة الخيانة التي اتهم بها، فيما الحريري صامت ولم يلجأ إلى لجم هذه الحملة الآخذة في التوسع. ثمة ما يجعل القواتيين يرتابون، بأن الحملة مدبّرة، ولأهداف أكثر بعداً من الظرف الحالي.

في الحسابات القواتية لما يحصل، عودة بالذاكرة إلى الزيارة التي اجراها الرئيس الحريري إلى معراب قبل أشهر. حينها سئل الرجلان عن التحضير للتحالفات الانتخابية، وإذا ما كانا سيشاركان في لوائح مشتركة. أجاب جعجع في حينها: "بالتأكيد، إذا بيقعد عاقل". ضحك الحريري فيما تولّى الردّ مدير مكتبه نادر الحريري، الذي توجه إلى جعجع في اليوم التالي، بأنه لا يسمح لمخاطبة رئيس حكومة ورئيس تيار المستقبل بهذا الشكل. كان جعجع في حينها، يرمي إلى ما يراه ويتخوف منه، بأن يعزز الحريري تحالفه مع التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية ميشال عون، وفي خوض الانتخابات النيابية معاً لتترك القوات وحيدة.

اليوم، هذا اكثر الأسباب التي تثير ارتياب القواتيين، ويعتبرون أن هدف الحملة المبرمجة ضدهم هو تعميق التحالف مع التيار الوطني الحر، تمهيداً للشراكة الانتخابية على حساب القوات. ليست المرة الأولى التي تتصدع الجرّة بين الحليفين. بينهما ماضٍ طويل من الاتهامات والتخوينات المضادة. لكن انفجارها اليوم دليل على مدى توسّعها. يستذكر القواتيون حجم الطعنات التي تلقوها من تيار المستقبل، منذ تشكيل الحكومات في حقبة الإنقسام العمودي بين 8 و14 آذار، إذ كان المستقبل يمنح القوات حقيبة وزارية واحدة، إلى الترشيحات للانتخابات النيابية، إذ لم يوافق الحريري على التنازل عن نواب مسيحيين لمصلحة تعزيز حصة القوات.

يستعيد القواتيون "خيانة" المستقبل لهم في محطات عديدة، يستذكرون ذهاب الحريري إلى سوريا في العام 2009، بدون إبلاغهم. ويستعيدون الحوار السري بين المسقبل والتيار الوطني الحر، قبل الفراغ الرئاسي، ثم مع تيار المردة، وصولاً إلى الحوار مجدداً مع عون، والذي أوصل إلى انتخابه رئيساً للجمهورية.

في المقابل، يردّ المستقبليون بأن جعجع هو من دفع الحريري إلى السير بانتخاب عون، لأنه أبرم معه ورقة إعلان النوايا، رداً على ترشيح الحريري للنائب سليمان فرنجية. فيرد القواتيون بأن هذا هراء، وذرّ للرماد في العيون، وبأن المسقبل يريد التستير على عيوبه وأخطائه، برميها على الآخرين، معتبرين أن ما فعلته القوات في تبنّي ترشيح عون، كان رداً على ترشيح الحريري فرنجية بلا مشاورة حلفائه.

وكانت استقالة الحريري من الرياض، هي ما هدم جدران الثقة بين الطرفين، سارع المستقبليون وأقرب المقربين إلى الحريري، بالقاء اللوم على جعجع بتحريض السعودية على رئيس الحكومة. ويعتبرون أن ما قاله جعجع في حق الحريري لدى لقائه الأمير محمد بن سلمان، هو ما دفع السعوديين إلى التصرف بقسوة مع الحريري وإجباره على تقديم استقالته. وأكثر من ذلك، فبعد عودة الحريري، أصبح المستقبليون، يصفون جعجع بالخائن، فيما عون بالرجل القوي والشهم الذي أنقذ الحريري، وذلك وسط صمت الحريري. وهذا أكثر ما يسيء إلى القواتيين.

ليست الأزمة بنت ساعتها، واجتماعات كثيرة عقدت بين الرجلين، كان يقال بعدها إنها أعادت ترتيب الأمور وازالت الالتباسات، ولم يختلف الاجتماع الذي عقد أخيراً بين الحريري وجعجع عن الاجتماعات السابقة، وما يصدر عنها من كلام منمّق يشير إلى عمق العلاقة بينهما، لكن الواقع على الأرض مختلف تماماً. وهو ما يدفع القواتيين إلى القول إن كل رجل يتحمّل مسؤولية أفعاله، ولا يمكن للمستقبليين تحميل مسؤولية سوء علاقة الحريري بالسعودية للقوات، بل سبب ذلك هو أداء الحريري الذي أحجم عن أي مواجهة تفرض استمرار التوازن السياسي في البلد.

يعود القواتيون إلى أسابيع خلت، ويعتبرون أنه حين استدعي جعجع إلى السعودية، استدعي الحريري أيضاً لكنه وجد ذريعة لتأجيل زيارته، وتكشف مصادر متابعة أن ما سمعه جعجع من المسؤولين السعوديين، كان أقسى ربما مما سمعه الحريري، إذ وجهت إليه أسئلة كثيرة، عما يفعلونه في لبنان، وعن الأخطاء التي ارتكبت، وفشل التسوية الرئاسية، وترجيح كفة عون وحزب الله والمحور الإيراني. وتقول المصادر إن مضمون ما سمعه جعجع هو نفسه الذي سمعه الحريري، ولكن الفرق أن جعجع تجاوب مع الطروحات السعودية، وعاد إلى لبنان، وطرح الاستقالة، لكن الحريري هو الذي منعه، وأقنعه بأن الوضع سيتحسن، وهو سيقنع السعودية بذلك.

وهنا، يرى القواتيون أن الحريري هو من اخلّ بالاتفاق، وقال إنه أقنع السعوديين بالاستمرار، ليتبين أن الوضع مغاير تماماً. في المقابل، يرد المستقبليون أن جعجع اعتبر أن لا أحد يحترم نفسه يستمر في الحكومة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها