السبت 2016/07/30

آخر تحديث: 00:17 (بيروت)

عين الحلوة: خريطة المجموعات الإسلامية و"علاقاتها" بـ"داعش" و"النصرة"

السبت 2016/07/30
increase حجم الخط decrease
تغصّ شوارع مخيم عين الحلوة بالأطفال. يلعبون غير آبهين بما يُقال في الخارج. الحركة طبيعية في كل المخيم، من البركسات إلى الشارع الفوقاني، إلى أحياء الطيرة، الطوارئ، والتعمير. كل شيء طبيعي، ولا شيء يوحي بأن ثمة معركة أو تحضير لعمل أمني ما. إنتشار حواجز القوة الأمنية الفلسطينية كثيف في ثنايا المخيم كلها. يخاف الأطفال بمجرد مشاهدتهم أي حركة غريبة، أو لدى مرور أي عنصر من اللجان الأمنية بجانبهم، فيسارعون إلى السؤال بأصوات مرتجفة: "عمّو في شي، نطلع عالبيت؟" يجيب العنصر الأمني: "لا ما في إشي". كلمة واحدة تكفي ليعود الأطفال إلى ألعابهم.

منذ فترة، والأخبار متوترة عن المخيم، على عكس ما هو الواقع في الداخل. كل ما يُحكى عن وجود تنظيمات إرهابية، كـ"جبهة النصرة" أو "تنظيم داعش" غير واقعي. لا شك أن في المخيم مطلوبين كثراً. وكثر هم الذين يعتبرون أن فكر "النصرة" أو "داعش" يمثّلهم، لكن هذا لا يصل إلى الارتباط التنظيمي الواسع، والتنظيمات كلها تؤكد أن لا أحد يريد افتعال أي إشكال. أسماء عديدة تم التداول بها وباستعدادها لإعلان الولاء لأي من التنظيمن، "داعش" أو "النصرة"، لكن لا شيء على الأرض واضحاً وقائماً. يقول اللواء منير المقدح: "كل ما يُحكى هو مضخم. ونحن كقوة أمنية لدينا سطوة كبيرة وقادرون على فرض الأمن وإجهاض أي محاولة. نسيطر على الوضع بشكل كامل، ولا داعي للقلق".
يرتاح المقدح، لدى تعاطيه مع هذا الموضوع. فيما تبقى تلك الأسماء عالقة في أذهان الجميع. عماد ياسين، شاغل الناس ووسائل الإعلام. شاب أربعيني، كان أحد كوادر "عصبة الأنصار"، قبل انشقاقه منذ سنوات ليؤسس "جند الشام"، حينها وتحديداً في أيلول العام ٢٠٠٤، تدخّلت "حركة فتح" لتصفية التنظيم الوليد. خلال اشتباكات استمرت أكثر من أربع وعشرين ساعة خلصت إلى الإعلان عن حلّ "الجند". وُصف بأنه بايع "داعش"، ولديه مجموعة لا بأس بها، يسارع إلى نفي ذلك، علماً أنه وحيد، ولا يحيط به أحد، لديه فقط أربع أو خمس أصدقاء يلتقيهم. حائز الصيت من أيام سابقة. اليوم هو بلا أي مفاعيل أو تأثيرات.
بعد ما عادت "جند الشام" إلى الضوء، عبر بعض المجموعات المتفرقة، لم يكن ياسين من بينهم، في العام ٢٠٠٧ بعض مجموعات "الجند"، توحدت واطلقت على نفسها اسم "فتح الإسلام"، لكن هذا التنظيم أيضاً ما لبث أن أُعلن حلّه بعيد انتهاء معركة نهر البارد، والقضاء على ظاهرة "فتح الإسلام" هناك.

هلال هلال، إسم آخر يطلق عليه أنه بايع "داعش". هو شاب ثلاثيني موجود في حيّ المنشية، تقول أجواؤه إنه مقرّب من "داعش"، لكنه يؤكد أنه لا ينتمي إلى التنظيم. وينفى أن تكون مجموعته مرتبطة بالتنظيم أو تعلن الولاء له. قد يكون هناك بعض التلاقي الفكري مع التنظيم، لكن لا يوجد أي ارتباط عضوي.

عملياً، هم مجموعة من الهواة، ملتزمون دينياً، يجدون في أي حركة جديدة قريبة من توجهاتهم متنفساً لهم أو للتعبير عن ذواتهم. منهم من هو "منبوذ"، والبعض يجد نفسه معزولاً فيبحث عن حيثية ودور على الساحة الفلسطينية، فلا يجدون إلا هذا المنفذ.

معظم أولئك موجود في حي التعمير. هذا الحيّ الذي يعتبر معقل للمجموعات المتطرفة. أبرزها "عصبة الأنصار" و"الحركة الإسلامية المجاهدة"، هاتان الحركتان تعتبران الأوسع تمثيلاً، ولهما امتداد خارج التعمير، كحي الصفصاف، حيّ المنشية، والطوارئ. أما بقية المجموعات في التعمير فهي محدودة جداً، وترى في وجودها هناك اثباتاً للوجود عبر تكريس أمر واقع معين.
من بين تلك المجموعات، مجموعة بلال بدر. هو ينفي أي ارتباط بالمجموعات الإرهابية، أو بـ"داعش" و"جبهة النصرة"، رغم التوصيفات التي تطلق عليها بأنها بايعت "النصرة" أو "داعش". تتمركز هذه المجموعة في حيّ الطيرة، نشاطها يقتصر على المكوث في منزل يتخذونه مقرّاً. في حيّ الطوارئ مجموعة هيثم الشعبي، قريبة من "النصرة"، لكنها لم تبايعها. كان أيضاً في العصبة وفي جند الشام. وفي حيّ عرب زبيد القريب من حيّ الطيرة مجموعة أسامة الشهابي القريب أيضاً من "النصرة". هذه المجموعات الثلاث متقاربة في ما بينها، وعلى تنسيق دائم. لكن "الحركة الإسلامية المجاهدة" و"عصبة الأنصار" بقيادة كل من الشيخين جمال خطاب وأبو شريف عقل تتواصلان مع هذه المجموعات للحفاظ على أمن المخيم، ولعدم القيام بما يهدد الإستقرار فيه أو في الجوار اللبناني.
الأكيد أن لا وجود لـ"داعش" و"النصرة"، على شكل مجموعات أو تنظيمات، لكن هذا لا ينفي وجود بعض الأشخاص الذين يتمثلون بفكرهما وتوجّهاتهما. يبقى الخوف من أي كلمة سرّ قد تأتي من الخارج لبعض هؤلاء الأشخاص، الذين قد يعلنون حينها وجود أحد هذين التنظيمين. وحينها ستكون الطامة الكبرى والارباك للجميع، وفق عضو لجنة التنسيق اللبنانية الفلسطينية صلاح اليوسف.
من جهته، يؤكد أبو أحمد فضل، مسؤول "حركة حماس" في المخيم، أن لا شيء يدعو إلى القلق، خصوصاً أن الدولة اللبنانية لا ترضى بوجود أي مجموعة تهدد الأمن على أراضيها، وأن القرار الفلسطيني ثابت برفض أي شكل من هذه الاشكال التنظيمية، لأنها ستهدد أمن المخيم. كذلك التنسيق دائم بين الفصائل والأجهزة الأمنية اللبنانية، لمواجهة أي سيناريو من هذا النوع، لأن لدى الفصائل قراراً برفض تهديد الجوار اللبناني. وفي حال حصل هذا الأمر، فحينها يعني اجراء عملية أمنية كبرى ضد هذا التنظيم أو ذاك للقضاء عليه.
الهجمة الإعلامية كبيرة جداً، ومن شأنها أن تؤجج الصراع أو تُشعل فتيل الفتنة. لذلك، في اجتماع عقد بين ممثل عن الجيش اللبناني والفصائل قبل يومين جرى التأكيد على وجوب وقف الحملات الإعلامية بحق المخيم، لأن من شأن ذلك أن يوتر الأجواء. الأمور تتجه إلى الحلحلة، وقريباً سيعلن ياسين وغيره أن لا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعد بـ"داعش" أو بغيره من التنظيمات. فيما الإتصالات ستبقى مستمرة لتسليم المطلوبين.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها