الأحد 2016/05/08

آخر تحديث: 23:56 (بيروت)

"البيارتة" يتململون

الأحد 2016/05/08
"البيارتة" يتململون
الصوت الشيعي أقلق "المستقبل" (محمود الطويل)
increase حجم الخط decrease

يجلس ثلاثة أشقاء "بيارتة" في عقدهم السادس أمام "ميني ماركت" في أحد أزقة طريق الجديدة. كان النهار انتصف. هذا العام لم يتوجه الأشقاء كعادتهم منذ عهد الرئيس رفيق الحريري باكراً إلى صناديق الأقتراع. التردد سمة أساسية في تحديد خياراتهم.

قبل سنوات كان الحريري الأب يخاطب "البيارتة" بلغتهم: بعد "الأرجيلة" توجهوا الى صناديق الأقتراع عند تمام الساعة السابعة. بعد الإغتيال مارس "البيارتة" في كل استحقاق انتخابي هذا الإلتزام. لكن هذا العام دقت الساعة السابعة والمراكز الانتخابية بدت خالية.

تردد الأشقاء الثلاثة ولم يقصدوا قلم الإقتراع. "ما طلعنا شي" هي العبارة التي تختصر حالهم، ولا تعبر عن مطالب منفعية مباشرة، بل عن حقوق. يتحدثون عن تقصير كل الطبقة السياسية التي تمثلهم من نواب ووزراء ومجلس بلدي. واقعهم هو سبب تأخرهم وترددهم. أحدهم كان قراره قد اتخذ: "لن انتخب أحداً"، فيما اختار الآخرون التشطيب، وللمرة الأولى لم ينتخبوا "زي ما هي".

لم تكن بالنسبة إلى "البيارتة" الثلاثة الخيارات الأخرى متاحة. حتى "بيروت مدينتي" سمعوا بها عرضياً، ولم تقدم لهم صورة يمكن أن تدفعهم إلى تسجيل موقف بسقف أعلى ضد كل ما يعتبرون أنه همشهم سياسياً وإقتصادياً واجتماعياً لحساب بعض المنتفعين في تيار "المستقبل".

يلخص الأشقاء "البيارتة" واقعاً بدا واضحاً في اليوم الانتخابي، بغض النظر عن النتائج والأرقام، وكل ما ستحمله الساعات المقبلة. من الساعة السابعة تحديداً كان يمكن رصد المزاج البيروتي، حتى لو حاول البعض في تيار "المستقبل" إنكاره أو التغاضي عنه، بما أن "المعركة" سياسية بامتياز، وتحت شعار تأكيد استمرار حضور التيار وقوته الشعبية.

كل محاولات "التيار" لرفع نسبة المشاركة لدى الأوساط السنية تحديداً لم تخطب ودهم. اللغة التي استخدمت استعملت لغة "الماضي"، فيما "البيارتة" كانوا يتطلعون إلى "المستقبل"، بعدما فقد التيار ورقة مشروع رفيق الحريري، المتمحور حول الإنماء والإعمار والتعليم وغيرها من العناوين التي لم يعد لـ"المستقبل" دور في تأمينها أو تحقيقها.

منذ الصباح اجتاح القمصان الحُمر شوارع بيروت. اختارت الماكينة الانتخابية التخلي عن الأزرق، وجهدت في التسويق للائحتها، بدت كأنها تشحذ الأصوات بعدما كانت الجماهير تتدافع، حاولت أن تتحدث مع الناخبين بشعارات وأحاديث لا تخلو من العناوين التي اختارتها القيادة السياسية. هكذا، كان يستعمل البعض لغة "نحن" و"الوفاء" و"الإلتزام" في محاولة إقناع المقترعين بالتصويت، في مواجهة لوائح أخرى تحدثت عن "المستقبل" والمشاريع وما يمكن أن يتغير.

قبل المعركة قرأ "المستقبل" المستقبل. كان الحديث في المجالس الخاصة حاضر بقوة عن إنعدام الحماسة وغضب الشارع وتراجع الشعبية، لكن هذا الكلام كان محرّماً في العلن. لهذا تحديداً ومنعاً لأي مفاجأت تحول "التيار" إلى ماكينة انتخابية ضخمة على رأسها بيت الوسط. ساهم في ذلك تراجع المعركة إلى بيروت، واجراء الانتخابات على دفعات مناطقية.

واقع الصوت السني، هو أيضاً ما حتم التحالف مع "مؤسسة مخزومي"، و"الجماعة الإسلامية" والأكراد. لعبت "مخزومي" دوراً إيجابياً على صعيد التمويل، رغم بعض الإتهامات بتسويق مرشحتها هدى قصقص، لكنها فشلت في تأمين الأصوات الـ5 آلاف التي وعدت بها، واكتفت بـ1700 صوت فقط.

حتى الأصوات الكردية التي وعد بها "حزب الولاء" لم تدعم لائحة "البيارتة"، "زي ما هي"، خصوصاً أن هذا الحزب على علاقة قوية بـ"جميعة المشاريع"، وبالتالي عمد كثر إلى شطب أحد الأسماء السنية لمصلحة مرشح "الأحباش" محمد مشاقة.

وعند "الجماعة الإسلامية"، وإن حاولت الإلتزام باللائحة، إلا أن ثمة خطاباً طائفياً برز في الفئات المحسوبة على مختلف التيارات الإسلامية دعت إلى عدم الإلتزام باللائحة والتصويت لمجموعة من المرشحين عن الطائفة السنية حصراً، وتشطيب المرشيحن المحسوبين على بقية الطوائف.

بلوك شيعي

وإن كان التراجع في الساحة السنية واضحاً، إلا أن الساحة الشيعية بدت محط أنظار "المستقبل"، خصوصاً أنه كان قلقاً من احتمال دخول "حزب الله" على خط الإقتراع من تحت الطاولة للوائح المنافسة.

ورغم أن الحزب قرر البقاء على الحياد، خصوصاً أن نسبة الإقبال في الأقلام الشيعية بدت منخفضة، إلا أنه لوحظ تعاطف واضح مع اللائحة المدعومة من قبل الوزير السابق شربل نحاس، ومع لائحة "بيروت مدينتي"، ومع المرشح المستقل محمد هاشم الذي حقق خروقات لافتة شعبياً في الأسبوع الماضي، على أكثر من جبهة معارضة أو متضررة من "تيار المستقبل" تحديداً من خلال إقامة شبكة من التحالفات.

وحتى صباح اليوم الانتخابي، كان "حزب الله" وجمهوره يتعاملان بهدوء مع الاستحقاق الانتخابي، غير أن تصريح الرئيس سعد الحريري واعتباره أن "غياب الحزب عن لائحة البيارتة إضافة لها" لقي أصداءً منددة، وأعاد تفعيل شبكة الاتصالات بهدف تعزيز التصويت لمصلحة المستقلين.

غموض الأصوات المحسوبة على "حزب الله" وتوجهاتها، قابله محاولات لدى "حركة أمل" كادت أن تطيح بالتحالف خلال إجراء الانتخابات، خصوصاً بعدما تبين أن هناك ميلاً إلى تشطيب إسم مرشح "المستقبل" خليل شقير. وهو ما دفع "المستقبل" إلى توجيه تهديد بتشطيب مضاد لمرشحها فادي شحرور. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها