زحلة اول مختبر مسيحي للتوافق "البلدي"

نهاية اسبوع ناشطة سياسياً شهدته زحلة، بمناسبة إحياء ذكرى شهداء المدينة الذين سقطوا في محاولة فك الحصار عنها في العام 1981، الذي فرضه الجيش السوري، وجاء الأسبوع مفعماً بدعوات الى التوافق الإنتخابي، بدأت مع رئيس حزب "الكتائب اللبنانية" سامي الجميل الذي زار المدينة للمناسبة، ولتترجم لاحقاً خطوط التوافق العملية في القداس التذكاري الجامع الذي أحيته "القوات اللبنانية"، ولفت فيه مشاركة رئيسة "الكتلة الشعبية" ميريم سكاف، جنبا الى جنب مع ممثلي "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، ونواب المنطقة بإستثناء نائب "الكتائب" ايلي الماروني، على ان ترد "القوات اللبنانية" من خلال مشاركتها بالإحتفال الذي تقيمه الكتلة الشعبية تكريما لذوي الشهداء، والذي يتوقع ان يتضمن كلمة لسكاف تحدد فيها موقفها من المعركة الانتخابية المقبلة.

لذكرى شهداء زحلة نكهة خاصة هذه السنة. فهي تأتي على أبواب استحقاق الانتخابات البلدية الذي اكد وزير الداخلية إجراءه. وستشكل المدينة المختبر العملي الأول لتفاهم "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، بعدما أعلن أمين سر تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ابرهيم كنعان من زحلة أيضا ان "اعلان النوايا" مع "القوات" سينسحب تحالفا انتخابيا، "ولكن من دون ان يعني ذلك محاولة  لإلغاء الآخرين".

ويتوقع ان يجرف تحالف "القوات" – "التيار" اذا ما أرسي، معظم الأطراف السياسية المعنية بإنتخابات زحلة، والتي كررت دعواتها في الاسابيع الماضية إلى لمّ الشمل، عبر مجلس بلدي موحد. فإجتمع كوادر "القوات" في زحلة مع سكاف أكثر من مرة، ولمسوا منها انفتاحا على مبدأ التوافق لتجنيب الاستحقاق البلدي معركة سياسية كما أكدت مصادر المدينة لـ"المدن". وكذلك صدرت أكثر من دعوة من الوزير السابق سليم ورده ونواب زحلة لـ"الالتفاف حول الروحية التوافقية كمطلب للسياسيين والشارع والعائلات الزحلية معا". ووضع المطران عصام درويش "كل قدرات "سيدة النجاة" لتكون زحلة وقضاؤها المدخل الى السلام والوفاق". كما قال خلال استضافته الجميل على مائدته.  

الا ان الترحيب العلني بالتوافق السياسي يعكره الدخول في زواريب الانقسام الزحلي والدخول في تسمية المرشحين، وخصوصا لرئاسة البلدية، والتي يبدو ان "الشيطان" يسكن في تفاصيلها. وفي غياب اي تسميات صريحة لأي من المرشحين ورئاسة المجلس تشير المعلومات الى أن "القوات" حسمت رأيها بترشيح رئيس بلدية زحلة السابق أسعد زغيب الذي فاز وحيدا مع شقيقة النائب جوزف المعلوف، مهى قاصوف، على لائحة "القوات" في الإنتخابات الماضية، وكان حاضرا في القداس الذي اقامته "القوات". ووفقا للمعلومات فإن زغيب اجتمع أكثر من مرة مع جعجع الذي دعم ترشيحه تاركاً له حرية تشكيل المجلس من الاسماء التي يراها مناسبة.  الا ان قيادة "القوات" ستتجنب تسمية زغيب مباشرة وفقا لمصادرها، وبحسب السيناريو المقترح فإنه يفترض ان يعلن زغيب ترشحه خلال الايام المقبلة فيعقب ذلك إعلان تأييده من قبل الأطراف السياسية المتوافقة.

ولكن هذا السيناريو تعكره حسابات سياسية عديدة، أبرزها تمسك "التيار الوطني الحر" بضرورة إشراك النائب نقولا فتوش في اي مساع توافقية، الامر الذي تتحفظ عليه "القوات" وتبدي انفتاحا اكبر على التحالف مع "الكتلة الشعبية". علما ان مثل هذا التوافق مع فتوش يحرج "الكتلة الشعبية" بعد ان شنت معظم حملاتها عليه. إضافة الى الفيتو الذي قد تضعه سكاف على اسم أسعد زغيب، بعد ان إنقلبت عليه في انتخابات العام 2010 وخاضت بوجهه معركة مباشرة. في وقت تنظر اوساطها الى إنفتاح المطران درويش على زغيب ودعوته الى المائدة التي اقامها على شرف الجميل، كوضع للعصي في دواليب العربة التي يمكن ان تقود زغيب الى دارة سكاف مجددا.

ومع ذلك يلفت المعنيون الى ان الجهود المبذولة للتوافق تحتمها ظروف المحيط المشتعل، وما سماه الجميل "إجتياح" أعداد النازحين الكبيرة لمنطقة البقاع. ويشير هؤلاء الى ان "المصلحة السياسية الأشمل لكل الأطراف قد تفرض هذا التوافق الزحلي على "علاته"، وخصوصا بالنسبة لسكاف التي قد تحتاج للانتخابات البلدية كرافعة لها للإستحقاقات المقبلة ومنها الإنتخابات النيايية". ولا تستبعد الأوساط ان تضع هذه الحسابات خلافات وريثة الزعامة السكافية جانبا، حتى مع  النائب ماروني، وفقا لسيناريو قد يكون كشف عنه الجميل جزئيا عندما أشار ردا على سؤال حول استثنائه سكاف من زيارته الزحلاوية إلى ان "كل شيء في وقته جيد والاتصالات قائمة والنوايا حسنة"، محملا ماروني نفسه ادارة دفة التوافق في زحلة.