الإثنين 2016/12/19

آخر تحديث: 02:50 (بيروت)

تاريخ تأليف الحكومات: سعد الحريري الأسرع

الإثنين 2016/12/19
تاريخ تأليف الحكومات: سعد الحريري الأسرع
منذ اغتيال ال ئيس رفيق الحريري تغير تأليف الحكومات (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
هي الحكومة رقم 74 في تاريخ لبنان المستقل، وقد أريد لها أن تتشكل على وجه السرعة كي لا يصاب "العهد" بنكسة التأخير في أوج انطلاقته. فالسرعة في التشكيل كانت المعيار الأساسي لإثبات مدى نجاح العهد وبدء مسيرة الاصلاح واقتلاع الفساد من مؤسسات الدولة، على ما روّج المندفعون لترئيس ميشال عون للرئاسة الأولى. فالوقوع في التجارب السابقة لتشكل الحكومات سيؤدي إلى "فرملة" العهد في مهده. وإذا كان رئيس المجلس النيابي قد بدا متريثاً في مسألة التشكيلة العتيدة، فهذا ليس حال الثنائي المسيحي والرئيس المكلف سعد الحريري الطامح إلى استعادة وهج تياره من بوابة الحكومة تحضيراً للانتخابات النيابية المقبلة.

بين أخذ ورد و"كباش" سياسي على توزيع المناصب والوزارات تولد الحكومة الجديدة التي سيكون على جدول أعمالها، بشكل أساسي، إقرار قانون انتخابي جديد.

إذاً، هي الحكومة الأسرع من حيث التكليف والتأليف بعد مرحلة خروج الجيش السوري من لبنان العام 2005. فالحكومة الأولى للرئيس نجيب ميقاتي تشكلت بعد نحو شهرين من تكليفه إثر إستقالة حكومة عمر كرامي بعد اغتيال الرئيس السابق رفيق الحريري. وإذا كانت الحكومة الأولى للرئيس فؤاد السنيورة قد تشكلت بعد أقل من شهرين على تكليفه بعد الانتخابات النيابية العام 2005، فقد عانت حكومته من "عدم ميثاقيتها" بعد خروج الوزراء الشيعة منها. استمرت الحكومة كأن شيئاً لم يكن وتصاعد الخلاف بين القوى "الآذرية" الذي لم ينته إلا بتوقيع إتفاق الدوحة في أيار 2008 وانتخاب ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. كُلّف السنيورة للمرة الثانية بتشكيل الحكومة فاستغرقت عملية تأليفها نحو ثلاثة أشهر.

بعد الانتخابات النيابية العام 2009 تمّ تكليف سعد الحريري الذي لم يستطع تشكيل حكومته إلا بعد مضيّ أكثر من أربعة أشهر، ما دفع الأخير إلى تقديم الاعتذار عن التأليف. ثم أعيد تكليفه من جديد ليشكل حكومته بعد أكثر من شهر.

وإذا كانت حكومة الحريري قد تشكّلت بعد نحو خمسة أشهر من التكليف، فحكومة ميقاتي الثانية استغرق تأليفها نحو ستة أشهر وأتت من لون واحد. وعلى أثر استقالة حكومة ميقاتي في شهر آذار 2013 تمّ تكليف تمّام سلام، ولم يستطع الأخير تشكيل حكومته إلا بعد مضيّ نحو سنة على تكليفه.

اليوم، وقياساً بالخلافات السياسية القائمة تعتبر فترة الشهر ونصف قليلة نسبياً لتشكيل الحكومة. فبالإضافة إلى حماسة "العهد" لضرورة انطلاقة ولايته دون عراقيل اختبرها تياره السياسي جيداً في تشكيل الحكومات بعد العام 2005، عمل حزب الله على الضغط على حلفائه وحلفاء حلفائه، للإسراع في التشكيل. وعلى أثر الخطاب الأخير للسيد حسن نصرالله تسارعت الخطوات وذلّلت العقبات. ما أظهر حزب الله وصياً على "العهد" وممسكاً بزمام المبادرة. فالحزب الذي أراد إظهار نفسه بمظهر الزاهد في "نوعية الوزرات" كلّف رئيس مجلس النواب نبيه بري التفاوض باسمه في تسمية وزراء الثنائي الشيعي. وفي المحصلة، تخلت القوات اللبنانية عن مطلبها بوزارة سيادية تحت ضغط الثنائي الشيعي من ناحية، وفرض رئيس المجلس نفسه لاعباً في تشكيل الحكومة من ناحية ثانية، إذ خرج منتصراً ظافراً بوزارة المال ومعيّناً وزيراً مارونياً، الخصم اللدود للثنائي المسيحي، لوزارة الأشغال.

اختبر لبنان بعد استقلال 1943، 73 حكومة أي بمعدل حكومة كل سنة. قبل اتفاق الطائف سجّل عهد بشارة الخوري الرقم القياسي في تشكيل 15 حكومة في ظرف تسع سنوات. تلاه الرئيس كميل شمعون بـ12 حكومة في ست سنوات. والرئيس شارل حلو بـ10 حكومات. أما فؤاد شهاب الذي خلف شمعون فقد تقلّب عهده على سبع حكومات لم تدم الأولى فيها اكثر من شهر ونيّف. وإذا ما استثنينا عهد شهاب والياس سركيس وأمين الجميّل، اتسمت مرحلة ما قبل الطائف بمعدل تشكيل حكومتين في السنة الواحدة. أما بعد الطائف فقد اقتصرت ولايتا الرئيسين الياس الهراوي وإميل لحود (تسع سنوات لكل منهما) على تشكيل ست حكومات، أي بمعدل حكومة واحدة كل سنة ونصف السنة.

وإذا كانت حكومة العهد الحالية ستدوم نحو ستة أشهر، فهل الحكومة المستقبلية التي ستشكل بعد الانتخابات النيابية ستكون ثابتة لتعبّر عن استقرار الحكم، أما اننا سنعود إلى زمن تشكيل الحكومات لما قبل الطائف؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها