الثلاثاء 2016/01/19

آخر تحديث: 07:40 (بيروت)

قراءة "المستقبل": "عراضة" جعجع لن تقدم ولن تؤخر!

الثلاثاء 2016/01/19
قراءة "المستقبل": "عراضة" جعجع لن تقدم ولن تؤخر!
طريقة إخراج تبنّي الترشيح أكثر ما استفزّ المستقبل
increase حجم الخط decrease
منذ العام 2005، تاريخ انطلاق قوى "14 آذار"، ومنذ خروج رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع من السجن، تشهد معراب حدثاً لا يكون في صفوفه الأمامية قيادات تيار "المستقبل"، ونوابه، ووزرائه، وشخصياته الرسمية. حل مكان هؤلاء بمشهدية غريبة عن السائد وزراء، ونواب، وشخصيات "التيار الوطني الحر".

كل هؤلاء جلسوا هذه المرة خلف الشاشات بدل الصفوف الأمامية. تسمروا حولها، منتظرين الخبر اليقين، الذي كان وصلهم، عبر الموفدين، قبل فترة وجيزة. بدأت الصور تتوالى من معراب، وبدأ معها تيار "المستقبل" يشعر بطعنة في الظهر، تماماً مثلما شعر جعجع، عندما تردد خبر لقاء الرئيس سعد الحريري، ورئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية في باريس.

قبل ساعات من الحدث المعرابي، كان الجميع في تيار "المستقبل" يعلم ماذا سيحصل، وأن جعجع سيرشح عون، لكن أحداً منهم لم يتوقع المشهدية التي خرج بها الإعلان، بدءاً من "الهمروجة" الإعلامية، وصولاً الى كثافة الحضور، وختاماً برفع الأنخاب وقطع قالب الحلوى.

لم يستفز تيار "المستقبل"، وفق ما يقول أكثر من مصدر قيادي لـ"المدن"، خيار جعجع، بقدر ما استفزتهم المشهدية التي خرج بها، والتي اعتبروها موجهة اليهم، وتفيد بأن "القوات" ماضية في خيارات جديدة، وتوجهات مختلفة عن تلك التي خاضتها خلال الأعوام العشرة المنصرمة.

من بين أسباب الإستياء في أروقة "المستقبل"، تشير مصادره، إلى كل مقاربات جعجع في الفترة الماضية، بدءاً من الإعتراض على الحوار مع عون قبل الشغور الرئاسي، وصولاً الى الشعارات التي رفعت بعد تردد احتمال ترشيح الحريري لفرنجية، ومنها القول إن "وصول فرنجية تسليم البلد لحزب الله". وتسأل: ماذا عن ترشيح عون؟!

كل هذه القراءة تدفع "المستقبل" الى اعتبار أن "القوات" تمارس نوعاً من "النكد" السياسي، خصوصاً أنها تقارب كيفية التعاطي مؤخراً مع الملف الرئاسي، اذ ان الحريري احترم الحلفاء، ولم يقدم على أي خطوة منفردة، وهو الى هذه اللحظة لم يعلن رسمياً ترشيح فرنجية، وترك مجالاً للحوار والنقاش، فيما جعجع قرر، وحاور، ونفذ، من دون أي استشارة حتى، وإختتمها بهذه "العراضة"!

حتى اللحظة الأخيرة كانت الرسائل تتوالى الى معراب، سراً، وعلناً أيضاً، أبرزها تلك التي عبر عنها رئيس كتلة "المستقبل" النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، الذي تحدث عن مرشحين: "عون وجعجع"، اضافة الى تصريح النائب عمار حوري، الذي تضمن رداً ضمنياً على ما تردد من أن جعجع سعى الى الضغط على عون لترئيس الحريري الحكومة المقبلة، بالقول إن "قرار عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة ملكه شخصياً".

مع بداية حديث جعجع ترقبت قيادات المستقبل ماذا سيقول، وما الجديد الذي سيقدمه. افتتح جعجع بشعاره الشهير: "حيث لا يجرؤ الآخرون"، ربطاً بالملف الرئاسي، لكن الحريري، بحسب المصادر، تجرأ قبل الجميع، واستنفذ كل الخيارات الممكنة، من الحوار مع عون إلى الحوار مع فرنجية، وما بينهما كل الأطراف الأخرى.

تعبير جعجع هذا تقفز عنه مصادر "التيار" - وإن كان ترك انزعاجاً واضحاً في اوساطها - لمقاربة ما قدمه جعجع، وليس عون، تحت شعار "البرنامج الرئاسي المقبل. في الشكل يشيد "المستقبل" بما تقدم، وبما تضمن  من بنود، خصوصاً لجهة الإلتزام بـ"الطائف"، وضبط الحدود، والإلتزام بمقرارات طاولة الحوار، وبسط سلطة الدولة.

لكن هذه الإشادة ترفقها مصادر "المستقبل" بسؤال جوهري عن اسباب رفض عون لكل هذه الإلتزامات عندما حاوره "المستقبل"، وتشير الى أنه وقتها شن عون حرباً ضروساً متهماً السعودية وخصوصاً وزير الخارجية السابق سعود الفيصل بمنع التوافق حول اسمه. وتضيف: "ما الذي تغير الآن!".

في الشكل أيضاً لا تخفي قيادات "المستقبل" سعادتها بما ورد من بنود، خصوصاً أنها تتقاطع في اغلبها مع تلك التي اعلن عنها فرنجية في مقابلته التلفزيونية الأخيرة. لكن تفضيل فرنجية على عون يبقى لغزاً في أروقة "المستقبل"، الذي تتحدث مصادره، عن التزامات قدمها الأول، وعدم ثقة بالثاني، ليس أكثر.

وبعيداً عن المشهد "المعرابي"، لا يرى "المستقبل" أن شيئاً تغير، خصوصاً أن الكرة لا تزال في ملعب "حزب الله"، الذي وإن كان يخضع لحسابات جديدة بعد رفع العقوبات عن إيران، إلا أنه لا يبدو مستعداً بعد للإفراج عن الإستحقاق الرئاسي، خصوصاً أن الجو الإقليمي لم يتغير بعد. وتضيف: "فلننتظر، ولنترقب موقفه".

وبغض النظر عن موقف "حزب الله" يصر تيار "المستقبل" على أن خلط الأوراق القائم حالياً لن يبدل المشد الرئاسي، خصوصاً أن فرنجية لا يزال الأوفر حظاً، ولن يتنازل، وبدا ذلك واضحاً في تصريحه بعد زيارة بكركي، وقوله: " ما زلت مرشحاً ومن يريدني يعرف عنوان منزلي"، بإنتظار موقف رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط، وموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي علق قبل فترة، على ما يتردد عن إحتمال ترشيح جعجع لعون، بالدعوة الى التوجه الى المجلس وإنتخاب الرئيس. وماذا عن "المستقبل"؟ تشدد المصادر على أنها ستشارك في أي جلسة وتنتخب وفق قناعاتها، لأن هذا الملف يعني جميع اللبنانيين وليس المسيحيين فقط، وفق ما أكد السنيورة، من بكركي. لكن عون، وفق المصادر، لن يشارك في أي جلسة ما لم يضمن الفوز، ومستمر في سياسة التعطيل، وبالتالي لم يحقق جعجع خرقاً، يدرك أن قرار تحقيقه خارج لبنان.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها