الثلاثاء 2014/07/08

آخر تحديث: 16:58 (بيروت)

المجتمع المدني والتمديد: محاولة معركة

الثلاثاء 2014/07/08
المجتمع المدني والتمديد: محاولة معركة
تمديكم باطل ... (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

قد تكون تجربة العام الماضي للمجتمع المدني غير مشجعة. نزلوا الى الشارع بالمئات. وحدهم حضروا ليقولوا للنواب الممددين لأنفسهم:  "تمديكم باطل". رغم حراكهم اللافت على الأرض وعلى مواقع التواصل الإجتماعي، أُقرّ التمديد. لم يبت المجلس الدستوري بالطعون بسبب الضغوط السياسية. رافقوا التمديد من بداية طرحه الى أن اصبح نافذاً. لم يغيروا في الواقع شيئاً. إلا أنهم نجحوا في عدم السماح لحدث من هذا العيار أن يمر على المجتمع اللبناني من دون صوت اعتراضي، حفاظاً على ماء وجه هذا المجتمع المقسم والمشرذم والمتعب بلقمة العيش.

 

احباط العام الماضي، لا يبدو أنه بالنسبة للمجتمع المدني، دافع للإنطواء وعدم التحرك مجدداً ضد التمديد الثاني الذي يعد في الغرف المغلقة تمهيداً لإقراره قريباً بعد أن أصبح جاهزاً ما خلا مدته. البندورة حاضرة. أصلاً هي مكدسة نتيجة الحالة الإقتصادية المتدهورة. الشباب متحمسون لرشق النواب مجدداً واسماعهم هتافات: "لا للتمديد" و"من أجل الجمهورية".

 

في مكاتب صغيرة، يتحضر شباب الحراك المدني للمحاسبة، للمواجهة. يستغربون عدم اعارة نواب الأمة أي أهمية للشعب – مصدر السلطات. إن كان التمديد الأول أقر والثاني يعد وإن كان الحق المقدس للشعب في محاسبة ممثليه عبر إنتخابات دورية سحب، إلا أن للمحاسبة أشكالا كثيرة يقولون. الحماسة الديموقراطية هذه كأنها تأتي خارج النسق اللبناني – الطائفي، خارج أولويات المرحلة الأمنية، وخارج سياق الحرب المسعورة في المنطقة. لكن بالنسبة لهم، أي حراك شعبي هو في صلب الأزمة التي تعصف بالبلد. "الأمن المهزوز هو نتيجة سياسات هذه الطبقة، والإقتصاد المنهار هو نتيجة محاصصة هذه الزمرة، والشلل السياسي والشغور الرئاسي هو حتمية ممارسات نواب الشعب".

 

باغت نواب الأمة، مجتمعه المدني. التحضيرات التي انطلقت في الأساس وكانت مدار بحث بين الحراك المدني للمحاسبة والحملة المدنية للإصلاح الإنتخابي، كثفت بفعل الأمر الواقع الذي بدأت نزره بالظهور. مديرة الجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات يارا نصار تؤكد في حديثها لـ"المدن" أن الحراك سيكون له تحرك سريع على الأرض الأسبوع المقبل على أن يبحث الشكل النهائي لهذا التحرك الأولي في إجتماع يعقد ليل اليوم الثلاثاء، اضافة الى الإجتماعات المتتالية التي ستعقد للتحضير للمرحلة المقبلة بعد أن اضحى التمديد الثاني قريب جداً. إلى الحراك على الأرض، يتوعد القيمون على الحملة السابقة والمنتظرة اليوم وفق ما تقول نصار بـ"حملة على مواقع التواصل الإجتماعية" مواكبة، اضافة الى لقاءات شعبية مع مختلف الشرائح الإجتماعية لأن هذا الملف يعني الجميع ويمس حقوق المجتمع كله بغض النظر عن انقساماته الطائفية والجغرافية، على أن تكون الزيارة الأولى الى البقاع يوم الأربعاء.

 

بعيداً عما يحضره المجتمع المدني. يبدو بالنسبة للقيمين عليه أن حجة "الضرورات الأمنية تبيح التمديد" سخيفة. يقول منسق قسم الأبحاث في الجمعية اللبنانية لديمقراطية الإنتخابات علي مراد لـ"المدن" إن هذه الحجة واهية لأن المشكل الرئيسي هو في فشل الطبقة السياسية في اجتراح تسوية للوضع القائم. يرى أنه "تاريخياً في لبنان تأتي الإنتخابات كتتويج للحل السياسي وتأجيل الإنتخابات اليوم يعني اعترافاً بعدم جهوزية الطبقة السياسية في الذهاب نحو التسوية والحل، ولهذا تستغل  اليوم الحجة الأمنية لتبرير التمديد اللاشرعي".

 

يسهب القائمون على الحراك المرتقب في شرح لا شرعية التمديد. يجزم مراد أنه من الناحية القانونية هو خرق فاضح للدستور لأن ولاية النائب مرتبطة بالوكالة الشعبية التي اعطيت له عند إنتخابه وبالتالي لا يحق للنائب تعديلها، ولهذا السبب عطلوا العام الماضي المجلس الدستوري من خلال تعطيل نصابه لأنهم يدركون أنه سيبت بالطعن لو التأم وسيبطل التعديل الذي ادخلوه على القانون الإنتخابي.

 

كان "الحراكيون" يتوقعون تمديداً جديداً. اعدوا قبل أشهر سبل المواجهة معتمدين على تجربة العام الماضي خصوصاً في الشق القانوني. لهذه الغاية، يتوعدون بإجراءات قانونية مختلفة عن العام الماضي وأساساً ستكون موجهة بإتجاه منع اقرار القانون أولاً ثم الضغط على المجلس الدستوري في حال اقر لإبطاله وتحمل مسؤوليته.

 

بالتوازي مع هذه التحضيرات، يرفض القائمون على الحراك الحديث عن "إحباط". يعترفون بأن تجربة العام الماضي لم تكن مشجعة لكنهم في المقابل يجزمون أنهم لن يتراجعوا ولن يسمحوا للإحباط بأن يبعدهم عن الهدف الأساس: "لا للتمديد"، يريدون اسماع الطبقة السياسية صوتهم.. وبقوة.

increase حجم الخط decrease