الأحد 2014/02/02

آخر تحديث: 03:27 (بيروت)

طرابلس: الترويج المشبوه لداعش

الأحد 2014/02/02
طرابلس: الترويج المشبوه لداعش
خوف طرابلسي من كل التسريبات و"الفبركات" (المدن)
increase حجم الخط decrease
أكثر من أسبوع مرَّ على التسجيل الصوتي للمدعو أبو سيّاف الأنصاري، والذي أعلن فيه من مدينة طرابلس البيعة لأمير تنظيم داعش أبو بكر البغدادي وقيام فرع للتنظيم في لبنان. لم يُستتبع هذا الإعلان بأي تداعيات مباشرة لا على مستوى تسجيلات أخرى ولا حتى على الصعيد الأمني، إلى حين خرج خبر عبر الإعلام عن أن عناصر داعش أقاموا حاجزاً في المدينة، واعتدوا بالضرب والسرقة على أحد المشايخ المُنتقدين لفكر التنظيم.
 
مجرد ذكر اسم داعش يثير الهلع لدى الطرابلسيين. كثر لا يرغبون بالحديث عن الموضوع وتحديداً عن مسألة الحاجز، ومن يفعل يكتفي بالقول: "لم أشاهد أي شيء ولا علم لي بالأمر". تماماً كما في كل مرة، وجهات نظر متباينة على الساحة الطرابلسية: فريق من الناس يجزم أن كل ما له علاقة بداعش فبركة ومسرحيات من جهات تريد العبث بأمن المدينة ووضعها على خط المواجهة المفتوحة في المنطقة، وفريق آخر يرى أن لداعش وغيرها من التنظيمات المتطرفة موطئ قدم في المدينة، لكن الأمر لا يرقى إلى مستوى التنظيم الحقيقي. 
 
وفي هذا المجال، يقول عضو هيئة العلماء المسلمين الشيخ نبيل رحيم إن الثورة السورية والغبن الذي يتعرض له السُنة في لبنان وعدم تعامل الدولة بشكل فعّال مع الموضوع، كلها عوامل أوجدت تعاطفاً مع التنظيمات المتطرفة كجبهة النصرة وداعش، ويأتي الأمر بمثابة رد فعل لا أكثر. ويتابع رحيم نافياً صحة المعلومات عن حاجز لداعش، غير أن شيخاً تعرض بالفعل للاعتداء وهو انتقد مراراً وتكراراً أفعال الدولة الإسلامية في العراق والشام، بحسب الشيخ رحيم.
 
وما لا يُقال جهاراً تتحدث عنه مصادر أمنية شمالية، كاشفةً لـ"المدن" أن الشيخ مصباح الحنون – وهو من أقرباء اللواء أشرف ريفي - تعرض لاعتداء بالضرب قبل أكثر من عشرة أيام، في منطقة ضهر العين التابعة للكورة، علماً أنه كان تلقى تهديدات من أشخاص قالوا إنهم داعشيون بسبب آرائه ومواقفه. لكن، بحسب المصدر عينه، لم يكن هناك من حاجز وأسباب الاعتداء مادية، إذ سُلب من الشيخ مبلغ يفوق الثلاثين مليون ليرة لبنانية إلى جانب سلب سيارته وهاتفه. أما إذا صح أن من هددوا سابقاً الشيخ الحنون عبر الهاتف هم أنفسهم من اعتدوا عليه، فهؤلاء على الأرجح مناصرون لأحد المشايخ السلفيين الذين يدعمون داعش وطالبوا بدخولها لبنان، وتحديداً الشيخ عمر بكري الذي له ارتباطات استخباراتية وخارجية مشبوهة، ودائماً على ذمة المصادر الأمنية.
 
وبالعودة إلى تسجيل الأنصاري، فكثيرون يشككون بصحته، ويسألون من هو الأنصاري ومن هم عناصر تنظيم داعش بالتحديد ولماذا الصوت رديء وخاضع لعمليات مونتاج مكثفة. ويعلّق الشيخ رحيم: "لا يمكننا أن نؤكد أو ننفي صحة هذا التسجيل والأمر قيد المتابعة، لكن لا بد من الإشارة إلى أن أحداً لا يعرف أبو سيّاف على الساحة الإسلامية، ولا ظهور له قبل هذا التسجيل ولا بعده حتى الآن. كما أن المؤسستيْن الإعلاميتيْن التابعتيْن لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام لم تنشرا التسجيل ولم تتطرقا إليه، وهذه علامات استفهام كبيرة".
 
وإذا كان الكلام عن وجود حقيقي لتنظيم داعش في طرابلس لا أدلة واضحة عليه ولا يمكن إدراجه إلا في خانة التعاطف لأسباب موضعية آنية، فيشير مصدر أمني رفيع المستوى إلى أن أشخاصاً لبنانيين وغير لبنانيين يعتنقون بشكل تام فكر داعش منتشرون في عكار والبقاع وصيدا، ويُخشى من أن يؤسسوا لحالة إرهابية خطرة جداً. "كل الإجراءات يتم اتخاذها لمنع حدوث أمر كهذا، والجميع يلعب دوره وما علينا إلا اليقظة"، يضيف المصدر.
 
دخول داعش إلى طرابلس، وعلى الرغم من خطورته إذا كان صحيحاً، فهو يبقى تفصيلاً في إطار الإنعكاسات المأساوية للأزمة السورية على لبنان ككل، التفجيرات الإرهابية المتنقلة كدليل. وفي ظل هذه "المعمعة"، من المفيد البحث ليس فقط عن مدى صحة الأخبار والمعلومات الأمنية، بل أيضاً عن المستفيدين منها ومن تداعياتها.   
increase حجم الخط decrease