الثلاثاء 2013/08/27

آخر تحديث: 11:08 (بيروت)

مملوك ـ سماحة/الغريب

الثلاثاء 2013/08/27
مملوك  ـ سماحة/الغريب
increase حجم الخط decrease
الخميس 9 آب 2012، فرع المعلومات يداهم منزل ميشال سماحة في الأشرفية، ويعتقله من منزله الآخر في الجوار قرب الخنشارة. 
خبر لم يكن متوقعاً. خبر ليس عادياً بكل المقاييس. من جرأة المعلومات إلى حجم سماحة ومن يتحالف معه ومن يغطيه. ما لدى الوزير السابق كان الكثير. أقلّه متفجرات وبنك أهداف وسيارات معدة لتنفجر في عكار أثناء زيارة البطريرك بشارة الراعي. المهمة: تحويل الأنظار عمّا يجري في سوريا أو بالأحرى، القول بأن الأرهاب (المجموعات الإرهابية) انتقل/ت إلى لبنان. المُخطط: علي المملوك. المنفذ: وزير الاعلام اللبناني السابق. 
 
سنة على اعتقال ميشال سماحة. 
الجمعة 23 آب 2013. انفجاران في طرابلس، واحد أمام جامع التقوى والآخر أمام جامع السلام. قبلهما بأيام، انفجار في الرويس ـ ضاحية بيروت الجنوبية ومعقل حزب الله. قبله أيضاً انفجار في بئر العبد. القوى السياسية، بدأت بعد انفجار الضاحية الثاني باتهام الجماعات التكفيرية. ثمّ، بعد طرابلس، أصبح المتهم واحد: من يريد تخريب لبنان. 
 
سنة على اعتقال ميشال سماحة. 
ساعات على انفجاري طرابلس، يعتقل فرع المعلومات الشيخ أحمد الغريب المنتمي إلى حركة التوحيد. يعترف بعد التحقيق معه بأنه يقف خلف العمل الإرهابي الذي طال طرابلس. يعترف أيضاً أن جهة سورية هي التي تساعده، وأوكلته المهمة. ميشال سماحة ثانٍ ولكن، مع اختلاف الرتبة والمركز والانتماء والطائفة. ذاك لم ينجح، هذا نجح. ذاك كان وسام الحسن في انتظاره قبل أن يُنفذ مخططه، هذا كانت المعلومات في انتظاره، ولكن بعد تنفيذ مخططه، أو بالأحرى مخطط النظام السوري. 
 
واقعتان تعيداننا إلى الأصل، من دون التحامل أو اختراع الاتهامات الجاهزة. لو كان سماحة بريئاً من التهم الموجهة إليه لكان حلف الممانعة بأسره تجنّد من أجل إخراجه. من هنا يُمكن الإنطلاق للحديث عمّا يريده النظام السوري اليوم من الساحة اللبنانية، مع اختلاف الطلب من آب 2012 إلى آب 2013. ما كان مطلوباً آنذاك لم يعد ذا نفع اليوم. لكن، في الشكل العام، إشعال الساحة اللبنانية هو المبتغى. هذا الثابت.
 
في آب عام 2012، كان الهدف تخويف المجتمع الدولي من التطرف والإرهاب المتنقل. آب 2013: الفوضى الخلاقة، بنموذج أسوأ من النموذج العراقي. لبنان الذي يقف على هاوية حرب أهلية، يكفيه القليل من السيارات المفخخة المتنقلة بين الضاحية وطرابلس، أي بين منطقة شيعية وأخرى سنيّة، لكي يدخل أو يعود للدخول إلى دوامة الاقتتال. بعض اللبنانيين لا يمانعونها أصلاً، لا بل استجلبوها لنا، وبفخر. 
 
حركة التوحيد نموذج مصغر عن الأحزاب المستزلمة للنظام السوري. مهمتها تكون فاعلة أكثر حين يتمنّع الحزب الكبير عن طلبات قد تُلحق به الأذى الأكبر. يتحوّل سريعاً النظام السوري إلى الملحقات الصغيرة. هو لطالما استخدم التوحيد في معاركه الشمالية، من ضرب الشيوعي والقومي إلى طرد أبو عمار، قبل أن يعود النظام الذي استخدمهم إلى ضربهم. وها هو اليوم، يرجع إلى أحمد الغريب والتوحيد، ليضرب من جديد، وهذه المرّة، عينه على ضرب كل لبنان، لا فئة معينة أو تنظيم ما.  
 
قراءة تفجير طرابلس لا يُمكن أن تنفصل عن قراءة الضاحية. بعد الرويس كان الاتهام للعصابات التكفيرية. بعد طرابلس: من مارس الإرهاب في الضاحية هو نفسه من فعل فعلته في طرابلس. التحقيق مع أحمد الغريب وما توصل إليه من خيوط توحي بتورط النظام السوري، يستوجب إعادة نظر في مواقف كثيرة. يستوجب أيضاً الإدراك أن المخطط أكبر من مجموعات تكفيرية لا وجود لها بالحد الأدنى إلى الآن، إلا في خيال البعض. وطالما أن الرّبط بين الجريمتين قد حصل، فهو لا يُمكن أن يتوقف بعد كشف من يقف وراءهما. وإلا يكون الحزب الأكبر، قد قرّر الإذعان لما يريد النظام في دمشق بالواسطة، أو بتحايل هذا النظام عليه. 
 
في الذكرى السنوية الأولى لاعتقال سماحة واسقاط مخطط مملوك، على أهالي الضاحية وأهالي طرابلس أن يقرأوا الرسالة جيداً. رأس الأفعى ليس في شوارع بيروت. رأس الأفعى في مكان آخر. معروف جداً. لا خلاص للبنانيين حتى لو قرّرت كل الأحزاب وكل القوى السياسية أن تنبذ الفتنة، طالما لم ينبذوا ذاك الرأس المعروف. المعروف جداً. 
increase حجم الخط decrease