السبت 2015/11/28

آخر تحديث: 12:08 (بيروت)

"سرايا المقاومة" وسلاحها.. خارج "التسوية الشاملة"؟!

السبت 2015/11/28
"سرايا المقاومة" وسلاحها.. خارج "التسوية الشاملة"؟!
في وقت يدعو حزب الله إلى التسويات يستمر بتغطية مشاغبات سرايا المقاومة
increase حجم الخط decrease

أسئلة كثيرة ترتسم على شفاه البقاعيين عموما وأهالي سعدنايل خصوصاً: ماذا يريد حزب الله؟ أمينه العام، السيّد حسن نصرالله، يتحدّث عن تسويات شاملة وما يلبث ان يزيد من تجنيد عناصر سرايا المقاومة في البقاع. لماذا يعمل حزب الله على ترسيخ وجود عناصر "السرايا" في غمرة انفتاحه على الآخر؟


بينما كان نصرالله يشكر "شعبة المعلومات" على جهودها في التحقيقات حول التفجيرين الارهابيين في برج البراجنة ويدعو الى تسوية سياسية شاملة على مستوى الوطن، انطلق "جيب تويوتا FG" أسود اللون من بلدة سعدنايل في البقاع الاوسط باتجاه بلدة تعلبايا المجاورة، حيث التقت مجموعة من عناصر "سرايا المقاومة" ومشغّلهم في البلدة بمسؤول في حزب الله يشرف على اعمال "السرايا" في قرى البقاعين الغربي والاوسط.


عمل "السرايا" في سعدنايل ليس جديداً، لكنّه تعرّض لانتكاسة في الاشهر القليلة الماضية عقب اشكال شهدته البلدة بين عناصر "السرايا" والأهالي الذين انتفضوا رفضاً لتجنيد ابنائهم وارسالهم الى مخيّمات تدريب. هدأت الاوضاع يومها بعد ان التفّت العائلات وعلى رأسها "آل الشحيمي" حول قرار إزاحة إمام مسجد سعدنايل الشيخ بلال الشحيمي، المتهم بإرسال ابنائهم الى المعسكرات، من منصبه. الهدوء لم يدم طويلاً، و"رجعت السرايا لعاداتها القديمة". يصل "الجيب" الى مقر الاجتماع في بلدة تعلبايا. يدخل الشبّان الى قاعة كبيرة، ضمت 30 شاباً للقاء "الحاج ماهر".


قبل الانطلاق في حديثه وتوجيهاته، أمر "الحاج" أحد معاونيه بسحب هواتف الحاضرين ووضعها في غرفة اخرى. التقت "المدن" احد عناصر "السرايا" من الذين خرجوا من اللقاء ممتعضين. بحسب هذا العنصر، فإن مسؤول حزب الله بدأ حديثه بنقل تحيّة خاصة من سماحة السيّد نصرالله الى اهالي سعدنايل المؤمنين بخط المقاومة. الحديث المطوّل شمل الجوانب السياسية والاجتماعية والعسكرية كافة.


لكن العنصر الممتعض توقّف عند "التناقض الذي ملأ كلام الحاج". يسأل في حديثه الى "المدن"، "كيف يعدنا الحاج ماهر بتدريبنا وتسليحنا لمواجهة خطر داعش الذي بات قريبا (!)، ومن ثم يقول لنا إن سعدنايل لن تصمد لساعات في اي مواجهة مع حزب الله؟ هل نحن في صدد مواجهة داعش والتكفيريين أم اهالي بلدتنا"؟ وفي حديثه الى "الاخوة"، كما يحلو له ان يسميّهم، توجّه "الحاج" للحاضرين قائلاً، "نحن نعلم جيّداً من يقفل طريق سعدنايل عند حدوث اشكالات في مناطق اخرى، كما اننا نعلم ايضاً انكم قد تقفون الى جانب أهالي البلدة في حال وقوع اي اشكال امني في المستقبل. لكننا، يتابع الحاج، بلهجة الترهيب لا الترغيب، "نحن الاقوى، والافضل لكم ان تكونوا مع الاقوى ومع المقاومة التي تحفظ كل من يقف الى جانبها وترعاه".

الاجتماع الذي حصل في تعلبايا، وانتهى بتوزيع "بطاقات تشريج" للهواتف الخلوية، وبوعود بإلحاق العناصر بدورات تدريبية يليها توزيع السلاح لـ"مواجهة داعش"، لم يكن اكثر ما يلفت في زمن "التسويات الشاملة". حتى ان بلدة المرج في البقاع الغربي، شهدت قبل اسبوعين تقريبا اجتماعا رسميا لعناصر "السرايا" هو الاول من نوعه بعد انقطاع دام حوالى السنة. وبحسب مصادر في البلدة، فقد فاق عدد المشاركين في "لقاء المرج" الـ40 شخصاً من اصل حوالي الـ130 عنصرا منظما. تتراوح اعمار معظمهم بين الـ16 والـ22 سنة، جلّهم، كما تصفهم احدى فعاليات البلدة، "من الباحثين عن وظيفة". فمنذ سنوات، تقول المصادر، لم يبق باحث عن وظيفة في منطقة تشكو من غياب الدولة ومشاريعها الاقتصادية إلا وتحوّل الى "مقاوم" يحمل السلاح امام أعين القوى الامنية.


صار شباب السرايا قنبلة معدة لتفجير الفتن المحلية في كل قرية. وهذا ما شهدته سعدنايل قبل فترة، وكاد ليتطوّر لولا حكمة اهاليها الذين واجهوا حزب الله في 7 أيار. عناصر "السرايا" ليسوا جزءاً عضوياً من جيش حزب الله. فمهمتهم اقل من ذلك. يكفي ان تكون في كل قرية من القرى المناهضة للحزب فتنة جاهزة للتفجير بين شارعين او عائلتين، بينما حزب الله يتفرّج. "سلاح و200 دولار شهرياً وبطاقة تشريج" لكل عاطل عن العمل. شعار باتت نتائجه ملموسة في البقاعين الغربي والاوسط. كل عاطل عن العمل يمكن ان يتحول الى حالة نافرة. مشغّلوهم لا يتحرّكون الا بموكب من المسلحين وسيارات الدفع الرباعي، حتى ان بعضهم يتباهى بقدرته على اطلاق سراح اي موقوف لدى الاجهزة الامنية، ولكل منهم موظفوه وازلامه.

 بعد فترة من جمود نشاطها، عادت السرايا للعمل بجد في بلدتي سعدنايل والمرج وعموم البقاع. لكن عودتها اليوم جاءت تزامنا مع دعوة نصرالله الى تسوية شاملة على مستوى الوطن! ربما اراد حزب الله ان يقول بأن "التسوية الشاملة" لا تشمل "سرايا المقاومة" والسلاح و"عدة شغل" من شأنها الانقلاب لاحقا على اي تسوية. هكذا انقلب الحزب طوال سنوات على حوارات 2006 و2012  ومؤتمر الدوحة عام 2008، وفرض تأجيل استشارات نيابية بقوة السلاح للاتيان بمرشحه لرئاسة الحكومة. لمَ لا يعيد الكرّة ان لم تشمل التسويات السرايا وسلاحها التي لا تهدد الا تيار المستقبل وامنه وبيئته؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها