"شرف الطفولة أنها
خطرٌ على أمن القبيلة
أهنئ الجلاد منتصراً على عينٍ كحيلة
كي يستعير كساءه الشتوي من شعر الجديلة
مرحى لفاتح قرية!.. مرحى لسفاح الطفولة!.."
وتبقى اللغة والبلاغة اليوم لا تطابق ما يقتضي الحدث، ولكن كم توطَّن من معنى خذلته اللغة، وكم من أخبار المجازر قطّعت مواضيع الفكر الإنساني توضيحًا كما قطّع الزملكي المُجهَدُ بَصلةً، لا يملك غيرها دواء، على أنوف أحبَّائه علَّهم ينجون. ولكن، منذ أحداث "الجَمل" و"صفين" و"النهروان" حتى اليوم،ظلَّ أكثرنا لا يعقلون. ماذا تنفع الذاكرة أمام الشغف برقصة الموت؟وبماذا تنفع الذاكرة إن كان عليها أن تَهِبَ الحزنَ مادَّتَه وتزوِّده بمسببات البقاء؟ الأمل الحقيقي، في يوم الذكرى، خفقان قلب أمٍ مكلومةٍ ولكنها قادرةٌ على الحب أكثر، تشرح للعالمِ سرَّ الفرحِ الذابلِ في عينَي طفلةٍ سوريَّة تسألُ إن كانت على قيد الحياة. ربما هذا الحب يوقظ ما تبقى من ضميرٍ إنساني في العالم؛ ولا تسمح الإنسانية للأحداث الهمجية أن تتكرر.
قال الأمين العام الحالي للأمم المتحدة في ذكرى الإبادة الجماعية في راوندا: " الناجون من أعمال الإبادة في رواندا دفعوا بنا إلى مواجهة الحقيقة المُرّة التي مفادها أنّ تلك المأساة كان بالإمكان تفاديها. ولذا، فإنّ السبيل الوحيد لإحياء ذكرى من لقوا حتفهم في رواندا قبل سبعة عشر عامًا هو ضمان ألا تتكرّر هذه الأحداث أبدًا."وهذا صحيح، وقلوب السوريين اليوم ترنو إلى الإنسانية بأملٍ ينبع من فطرتهم المحبَّة للسلام وللحياة، وتقول للإنسان أينما كان: السبيل الوحيد لإحياء ذكرى من لقوا حتفهم في الغوطة قبل عام،وفي راوندا قبل سبعة عشر عامًا، هو ضمان ألا تتكرر هذه الأحداث في أي بقعة من العالم أبدًا. وبإحياء ذكراهم تصهل ذاكرتُنا كحصانٍ أصيل: نُحْيي حبَنا الفطري للحياة، واحترامنا الآخر، وتمسكنا بوطننا وبروح التسامح فيه، نُحْيي مبادئنا الأولى الأصيلة التي تقوم على نبذ الإجرام والتطرف أيًا كان فاعله ومهما كان سلاحه.ونُحْيي حُلمَنا وحقَنا المشروع في العيش في سورية حرة موحدة آمنة تحتضن جميع أبنائها. نروي الوردة الثاكلة وننتظر مخاض طفل جديد وولادة أمل جديد....
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث