الإثنين 2015/07/27

آخر تحديث: 11:03 (بيروت)

خطابان.. باستغاثة واحدة

الإثنين 2015/07/27
increase حجم الخط decrease

في الخطابين الاخيرين للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والرئيس السوري بشار الاسد اكثر من تحية شكر تقليدية الى الحليف الإيراني. ثمة إعتراف ضمني بان إيران باتت تدير مباشرة الصراع في كل من لبنان وسوريا. بعض الخبثاء قرأ بين أسطر الخطابين نداء استغاثة، ورجاء مشتركاً للقيادة الايرانية بألا تنسى حلفاءها في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي مع اميركا. 

 قدم نصر الله والاسد، كلٌ باسلوبه الخاص ولغته المعروفة، ذلك الاتفاق بصفته نصراً مؤزراً على الاميركيين، وهو موقف ليس شائعاً او معتمداً في طهران، حيث التواضع وحتى التشكيك ما زال يغلف جميع القراءات الرسمية الايرانية للاتفاق، وعلى رأسها قراءة المرشد السيد علي خامنئي الذي اعلن ان الحرب مع اميركا ما زالت مستمرة، وعدم الثقة بنواياها ما زال قائماً.

بديهي القول ان الخطابين موجهان الى الجمهور اللبناني والسوري الخائف من مفاعيل الصلح الايراني مع الاميركيين، على اختلاف درجات هذا الخوف وطبيعته بين بيروت ودمشق..برغم انه ما زال من المستبعد الزعم بان الحزب والنظام السوري لا يثقان بالحكومة الايرانية التي راهنت على الاتفاق وكسبت الرهان الداخلي..البعيد كل البعد عن جبهات المواجهة اللبنانية او السورية المفتوحة مع الاستكبار العالمي!

من الصعب الجزم الان في ما اذا كان الخطابان طمأنا الجمهور المستهدف، لكن تعمد نصر الله والاسد الاسهاب في الحديث عن التحالف العميق مع إيران، يساهم في طرح علامات الاستفهام اكثر مما يبددها.. وإن كان يمكن التكهن في ان النظام السوري يتوقع او يأمل ان يفتح له الاتفاق النووي آفاقاً للتواصل مع العواصم الاجنبية والعربية التي تفتح ابوابها الان أمام الايرانيين.. وهو ما لا يمكن ان يترقبه الحزب المفوض، حتى الان على الاقل، بمهمة حصرية هي مقارعة المستكبرين اينما وجدوا.

الاتفاق الايراني الاميركي نووي بلا شك، وهو اتفاق بلا ملاحق سرية، عسكرية او سياسية. لكن ديناميته لن تكون نووية حصراً. ثمة جسور فتحت بين الجانبين. والاهم من ذلك ان الصراع على موازين القوى ما زال محتدماً. وهو لن يؤدي الى مواجهة مباشرة، لكنه يفسح المجال لاشتباكات ثانوية، أهمها على الاطلاق التحول في الموقف التركي من حال المراقبة والمتابعة للحرب في سوريا والعراق الى حال الحرب العلنية التي تتدرج من المشاركة الواسعة النطاق في الحملة العسكرية على داعش، والعمل على تحييد العامل الكردي، وصولا الى اقامة المناطق الآمنة داخل الاراضي السورية ، التي لطالما ترددت القيادة التركية في توفيرها برغم  التوسلات السورية المعارضة والنداءات العربية وحتى الاميركية المتكررة. 

في لعبة الامم، يمكن الافتراض ان التحول التركي هو الرد العملي على الاتفاق النووي الايراني الذي أثار الشبهات بان اميركا قررت تسليم إدارة  المشرق العربي وربما لا حقا الخليج الى ايران. تقدمت انقرة لسد الفراغ القديم على حدودها، لكنها ايضا رسمت خطوطاً حمراء داخل سوريا والعراق، وأعادت تقديم نفسها كشريك أساسي في الصراع على بغداد حيث الارتباك والفوضى، وكذلك على دمشق التي اعترف بشار نفسه بانها باتت تفتقر الى الطاقة البشرية للصمود والبقاء. 

في تلك اللعبة الدولية، دخلت انقرة حرباً لا يمكن لاهدافها ان تظل محصورة بالحدود التركية السورية، او حتى بالمناطق الامنة  التي يمكن ان يكون لها مفعول السحر على المعارضة السورية الشمالية، ويمدها بزخم غير مسبوق لحسم جميع معاركها المعلقة وأهمها معركة حلب المؤجلة منذ سنتين او اكثر.. والتوجه من هناك في  اتجاه  العاصمة دمشق. 

عندها ستكون ايران امام امتحان الاستجابة لنداءات نصر الله وبشار، او المضي قدما في طريق الصلح مع الشياطين الصغار الذين تصدوا لتوسعها على اكثر من جبهة عربية.

       

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها