الجمعة 2018/01/26

آخر تحديث: 23:25 (بيروت)

المستر زوكربيرج في بني عبس

الجمعة 2018/01/26
المستر زوكربيرج في بني عبس
increase حجم الخط decrease

قال الراوي يا سادة يا كرام: إن شيبوب كان يفيق ليلاً، على هذيان عنترة في الفراش، وهو يحلم بمقاتلة الأوباش، فيقول له شيبوب، بأحسن أسلوب: ما بك أيها الضيف، كفاك تقبيلاً لشفاه السيف، يا حيف عليك يا حيف.

وأنشد عنترة يقول وعمر القارئين يطول:

وَلَقَد ذَكَرتُكِ والرِّماحُ نَواهِلٌ - مِنّي وبِيضُ الهِندِ تَقطُرُ مِن دَمي

سرَّ شيبوب بالشعر وتصور الرماح العطشى وهي تسعى إلى جراح عنترة لترتوي من دمه مثل الثعابين:

 كفاك لهجاً بذكر عبلة، وحلمك أن تجعلها حبلى.

فغضب عنترة، وامتشق سيفه المسلول، قال الراوي شارحاً: المسلول، أي المصاب بمرض السل، وهو مرض تسببه عصية كوخ.  ثم تابع السيرة، على الوتيرة، فقال: إن عنترة أراد أن يضربه بالسيف على عاتقه، حتى يخرج من علائقه، لولا أنه ابن أمه، فقال شيبوب: هون عليك يا بن الملاح، فإنما نحب النساء من أجل النكاح، وليس من أجل شم المنادي ومربى التفاح. قال عنتر: لا يا أبا الشباب.. صحيح أنا بطل في الميدان، والحرب والطعان، لكني رومانسي، أكثر من بنت عجرم نانسي، وأنا أحب عبلة، لأن بارق ثغرها يشبه السيف، وأعلم أن النقاد عدّوا هذا البيت من أجمل أبيات الحماسة، فعارضه شيبوب، وقال: بل هو من أجمل أبيات الغرام والتياسة، وعارضه عنترة وقال: إن ثغر عبلة  من ثغور الجهاد، ثم إن شيبوب وضع رأسه على الوسادة العالية، حتى ينال قسطاً من الأحلام البالية، أما عنترة فأخذته الهموم على أمواجها العاتية، فلمس المفاتيح السحرية،  التي لم يتح مثلها لكوش بن كنعان ولا آصف بن برخيا، وفتح صفحته على فيسبوك، والدموع منه هوامل، ثم كتب على صفحته هذا النذير، وفيه هذا التحذير:

وإِذَا ظُلِمْتُ فإِنَّ ظُلْمِي بَاسِـلٌ - مُـرٌّ مَذَاقَتُـهُ كَطَعمِ العَلْقَـمِ

فلم يحصل سوى على لايك واحد، وكان فيه ظلم كبير لعنترة الصامد، فعنترة بن شداد حية بطن الواد، التي كتبت سيرته في خمسة قرون، ورويت في المجالس والنوادي، وسمع بها الحاضر والبادي، يحصل على لايك واحد، ليس له أخ أو ولد أو والد. بينما تنال شاعرة مغرورة، لا داعي لذكر اسمها، مشهورة بشعر الشعور بالوحدة والهجران، على لايكات مثل لايكات الملكة إيفانكا بنت ستين ترامب.

 وتمنى لو أن أمه تنزح إلى كوكب الفيسبوك، حتى تصير لايكاته ثلاثة. قال الراوي: إن أخاه شيبوب، كان يقضي يومه في العمل الأسود، والعمل الأسود يا سادة يا كرام، وصف قاس، ويجلب الهموم للراس، والأسود ترجمة من لغة الفرنجة، سواده يعني التخفي في الليل، للتهرب من دفع الضرائب. وكان شيبوب يرسل نصف أجور عمله لأمه زبيبة، وأن كل النازحين إلى بلاد الروم، يعاملون الدولة المضيفة، كأنها دولة بني عبس وفزراه، والتي تعيش على الغزو والغنيمة والغارة.

 قال الراوي: إن عنترة جافاه النوم، أيها القوم، ولم يجد شيئاً في فيسبوك، فركابه نيام، بعد أن شبعوا من الأوهام، فانتقل إلى كوكب اليوتيوب، وعمل غارة، وبحث عن أفلام عنترة، فوجد بعضها، فتابع منها أطرافاً، وبعد أن أمضى ساعات طويلة، أخذه الهم والغم، وقال: وذمة العرب وحرمة شهر ديسمبر ورجب، هذا ظلم وعطب، وغنى مع عبد الحليم: ظلموك.. ظلموك.. القلب القاسي ظلموك.

 وقال عنترة: إن فيلم عنترة بن شداد، الذي يمثل فيه فريد شوقي دور البطولة، فيلم حري بالإدراج في أفلام الكوميديا المرذولة، لا في أفلام الملاحم والسيرة والرجولة، وكان يحزنه أن كوكا لا تشبه عبلة من قريب أو بعيد، واشتاق عنترة إلى قبلة من بيض الصفاح، فالعاشق يا سادة يا كرام، يعطش إلى شهد الرضاب، كما يتوق إلى الماء الصائم في شهر آب اللهاب.

ولاحظ عنترة أن أبجر فريد شوقي من خيول التتار، قصير الرقبة مثل الحمار، وقال: هذا والله هو العار.

وغضب عنترة من تمثيل أحمد مرعي في المسلسل الشهير، وقال: إن عبد الله غيث أولى بدور عنترة من شيبوب، وحق علاّم الغيوب، ورأى فيلماً لفهد بلان، وآخر لمحمود سعيد، وقال وحق ذمة العجم والبربر، وشهر ديسمير، إن سميرة توفيق جداً بدينة، وكانت عبلة قد سميت باسمها لأنها عبلاء من غير فرط، وتبلع أو تقرط قرط، والثاني، إن ثغر سميرة لا يشبه السيف، وإن كان فهد بلان يغني لإكرام الضيف. وعندما عاد شيبوب من العمل الأسود، شكا له عنترة تشويه سيرته في الأفلام، فقال له أخوه أن يحمد ربه، أن المخرجين لم يكلفوا ممثلاً بدوره مثل ياسين بقوش، أو عادل إمام، فمنذ زوال الاحتلال عن البلاد العربية، والأمور مقلوبة، فالوحش في سوريا اسمه أسد، ويحرق البلد، وعبد الفتاح السيسي، يقوم اليوم مقام عمرو بن العاص ورمسيس، جداً، لا هزل فيه، ولا تدليس، ويعامل معاملة البطل والقديس، وحفتر في ليبيا، الله أكبر على من طغى وتجبر.

ولم يكن شيبوب قد نام، بسبب تلك الأحلام، وقال لأخيه الهمام، نم أيها الجحجاح، فالصباح رباح، لكن عنترة كان يريد أن ينادم ويشكو، فالحب يسبب السهاد، وينزع كالعاصفة من الفؤاد الأوتاد، فقال أخوه: إن الحب هذه الأيام، يختلف كثيراً، يا أسد الآجام، ومشكلتك يا عنترة أنك قد وقعت في حب مذيعة مشهورة، وتعمل في فضائية تعادي الثورة، وبحث له في اليوتيوب عن مشاهد لعبلة، فوجد أنها لا تذيع سوى أخبار الشهداء والقتلى، وقال له شيبوب: إن مدير الفضائية، يريد أن يوقعها في أقرب فرصة، وسمع أنه يحشرها في الزاوية، ويأخذ منها قبلات وضمات، وفتحات وكسرات بالعافية، وأبرز له عدة مشاهد، وهي تذيع أخبار حرب غزة، والربيع العربي، وقال: إن عبلة فتية، وحلوة وشهية، وكلما فتك الطواغيت بفتيان الربيع العربي خرجت تميس أمام الشاشة، حتى تحول الحزن على الشهداء إلى بشاشة، وذلك لجمالها الفتان، وعجيزتها التي تشبه الكثبان، ونهداها اللذان يشبهان حبتي الرمان.

ونصحه شيبوب، أن يبحث له عن حبيبة أخرى، شقراء من بنات الروم، فقال عنترة لشيبوب: إنك لا تعرف الحب يا مضروب، ألم تسمع بالمثل الكردي الذي يقول: هذا قلب وليس ملعقة برغل. قال شيبوب، ويمكنك أن تصبر، فالنجاء في لوحة المفاتيح السحرية.

فقال عنتر: يدي في زنارك؟

قال: أبشرك أن مارك زوكر بيرغ سيضيف رمزاً جديداً إلى رموزه الخمسة، وهي: رموز الإعجاب والغرام بالإبهام، ورمز الإعجاب الشديد بالآس البستوني، ورمز الحزن بالوجه الدامع، ورمز النقمة بالوجه الغاضب، ورمز السرور بالوجه الضاحك، وأن رمزه الجديد سيشيع بين العشاق، حتى تحمر منهم الأحداق. وستكون له كلمات سرية، متفق عليها بين الأطراف، من وراء الظهور والأخلاف.

وقال شيبوب: عندي معلومات مؤكدة تقول: إن سليل السامري مارك الفتّان، قد قبض قبضة من أثر الشيطان.  

قال عنترة بغضب، وقد أدركه العطب: عجل بالجواب يا بن الأحباب.

قال شيبوب: إن مارك سيضيف  رمز النكاح إلى الرموز الخمسة، وسيكون رمزه، وجهاً عيناه مغمضتان وفمه مفتوح، وكأن غاشية قد غشته، سيضيف رمز قضاء الوطر، وانكسار الظهر، يا أخي عنتر، وبلوغ الأورجازم والرعشة، وربما يجعل له هزة مثل هزة الهاتف الجوال، وستكون مدة الاورجازم إحدى عشرة ثانية، ثانيةٌ تذبح بسيف الشهيق ورمح النهيق أختها الثانية. قال الراوي: والاورجازم، هو الذكرى الوحيدة، التي نزلت مع آدم من الجنة، وعيبها أنها قصيرة مثل البرق، وسيكون للوطر في كوكب مارك نوعان: وطر بين المثليين من قوم لوط، وآخر بين الجنسين غير الأمثال، فأبشر يا عنترة ببلوغ المراد والنوال.

قال الراوي: يا سادة يا كرام، فكّوا الحزام.


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب