الإثنين 2017/08/28

آخر تحديث: 00:23 (بيروت)

عودة الجيش السوري؟

الإثنين 2017/08/28
increase حجم الخط decrease

الجيشان اللبناني والسوري وحزب الله عناصر ماسية تصنع لبنان“. جاء كلام النائب مروان فارس عن العناصر الماسية المؤسسة للكيان اللبناني، في إطار موجة عابرة للأحزاب بين قوى الممانعة، فيما ينتشي الوطن بانتصاراتها المتتالية واللامتناهية.

لهذه الموجة سمتان أساسيتان. الأولى تثبيت قدسية ”حزب الله“، لا بصفته مدافعاً عن لبنان في وجه أي عدوان إسرائيلي، بل ركناً للأمن القومي اللبناني في كل مكان. ولا يُستغرب لو استُدعي الحزب غداً لمواجهة حالة انفلات أمني في العمق اللبناني، أو في مخيم عين الحلوة. ويستدعي هذا التثبيت للقدسية، سحب مسألة سلاح الحزب تماماً من النقاش العام، كما حصل قبلها مع الكونفيديرالية والفيديرالية وحتى اللامركزية، بصفتها مطلباً مذموماً ومُخالفاً للتوافق العام وللأسس السيادية للدولة. وفقاً لهذه السياسة الجديدة، لا يحق لأي وسيلة اعلامية أو فرد التطاول على سلاح الحزب، بمقالة أو فيديو مُسجّل، في لبنان أم في سوريا. 

لذا، فإن التصريحات السياسية احتوت هجوماً متناسقاً لتطبيع كل وسائل الاعلام مع قتال الحزب في سوريا، واعتبار ذلك امتداداً لما حصل في جرود عرسال ورأس بعلبك. وهذا كان جليّاً في التصريحات، سيما ما جاء على لسان عضو المجلس المركزي في ”حزب الله“ الشيخ نبيل قاووق. رأى أن ”تحرير المناطق الحدودية مع سوريا لا يعني انتهاء الخطر الداعشي والتكفيري على لبنان، لأنه ما دام هناك نصرة وداعش في سوريا، فهذا يعني أن هناك خطراً مباشراً على لبنان واللبنانيين جميعهم“. وعليه، يُتابع قاووق، ”فإن حزب الله سيبقى في ساحة المواجهة ليُلاحق فلول داعش التائهة في البادية ليحمي أهلنا ووطننا والانجازات الوطنية، وليحصّن أمننا والكرامة والسيادة“. وبما أن المعركة متصلة، فإن أي تواجد لداعش أو فتح الشام (النُصرة) في سوريا، يُهدد لبنان، لأن بإمكانهم إدارة ”العمليات الانتحارية والإرهابية من هناك“.

وهُنا تأتي السمة الثانية لموجة التصريحات المتناسقة لدى الممانعة، وهي ضرورة عودة العلاقة ”المميزة“ مع النظام السوري بصفتها حلاً لكل مشكلات لبنان، من الكهرباء والاقتصاد إلى الأمن. إلا أن لسوريا سفيراً في لبنان، والعكس صحيح، وبين البلدين علاقات أكثر من طبيعية، وحتى تنسيقاً أمنياً في قضايا الارهاب وزيارات لمسؤولين ونواب ووزراء حاليين وسابقين. هل يحتاج هذا الوضع الى تطبيع سياسي؟ يبدو أن المطلوب اليوم عودة النظام السوري لاعباً كاملاً في لبنان من خلال تفعيل علاقاته الأمنية والسياسية والاقتصادية. بكلام آخر، أن يعود لبنان لما قبل الانسحاب السوري عام 2005، مع فارق أساسي: ”حزب الله“ بات لاعباً ملكاً في البلدين. تشهد على هذا الدور الجديد الموافقة السورية السريعة على عبور مسلحي تنظيمي ”فتح الشام“ و”داعش“ إلى مناطق الداخل السوري. الحزب يملك اليوم مفاتيح نفوذ في الداخل السوري، ستُساعده في تثبيت انتصاراته لبنانياً، وإدارة الإحباط السنيّ بصفته امتداداً لنظيره في سوريا، وبالإمكان اطفائه سياسياً وأمنياً ودينياً. ما يمنع أن يعود السُنّة اللبنانيون الى ”الوطنية اللبنانية الجديدة“، بعد عودة نظرائهم السوريين الى ”حضن الوطن“؟

مثل هذا الانتقال سيبدأ لو قرر الخصوم السابقون للنظام السوري، تطبيع العلاقات معه وزيارة دمشق، غداة تطويعهم سياسياً في انتخابات الرئاسة وتشكيل الحكومة الائتلافية الأخيرة. وإذا أخذنا في الاعتبار مسار عودة العلاقات الطبيعية عام2009، فإنها جاءت ثمرة لهزيمة 7 أيار واتفاق الدوحة. وكان الأثر الأول لهذا المسار السياسي، إسكات الإعلام. وحدها الاغتيالات اخترقت جدار الصمت المريب. لكن هل تعلّم أقطاب تلك المرحلة من أخطائهم القاتلة؟ الأسابيع والشهور المقبلة كفيلة بالإجابة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها