الجمعة 2017/06/23

آخر تحديث: 08:26 (بيروت)

تهديدات هرتزيليا

الجمعة 2017/06/23
increase حجم الخط decrease

بالأمس، تجاوزت التهديدات الاسرائيلية ضد ”حزب الله“ ولبنان سابق عهدها. وخرجت من أفواه المسؤولين الاسرائيليين بشكل مُنسق خلال فعاليات مؤتمر هرتزيليا الأمني، وكأنهم في مباراة بين من يُهدد ويدمر ويقتل أكثر. سجّلت ثلاثة متغيرات رئيسية. 

أولاً، كانت الاستراتيجية الاسرائيلية تكتفي بضرب البنية التحتية اللبنانية. لكن ايران، بحسب افرايم سنيه، نائب وزير الدفاع الاسرائيلي السابق، ”لا تكترث بتاتاً بتدمير البنية التحتية اللبنانية“. على اسرائيل، لو تعرضت الى اعتداء من الأراضي اللبنانية، استهداف البنية التحتية الايرانية مباشرة.

ثانياً، اسرائيل قادرة على الحاق دمار بلبنان بأضعاف مما أنجزته قواتها الجوية عام 2006، وفي وقت قياسي، كما ادعى قائد القوات الجوية الجنرال أمير إيشيل. سلاح الجو طور قدراته التدميرية، بحيث بات بإمكانه إلحاق الدمار ذاته لعام 2006 خلال 48-60 ساعة بدلاً من 34 يوماً. وهذه، بحسب قائد سلاح الجو، قوة محتملة يصعب تخيل حجمها ”وتختلف جذرياً عمّا رأيناه في الماضي، وتفوق توقعات الناس بكثير“.

ثالثاً وأخيراً، العقاب الجماعي للدول والشعوب المُصدرة أو المستقبلة للاعتداء يشمل سوريا أيضاً، تماماً كلبنان. الجيش السوري والدولة السورية يتحملان مسؤولية أي اعتداء من ”حزب الله“ على اسرائيل، وفقاً لوزير الدفاع الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان. ليس كلام ليبرمان خارجاً عن السرب. الأمين العام لوزارة الاستخبارات شاغاي تزوريل صب تركيزه كاملاً على سوريا، وأعطاها الأولوية، وحدد الأهداف الايرانية فيها. بحسب تزوريل، “من أجل حل المسألة الايرانية، عليك التركيز على سوريا لأن ما يحصل فيها ينعكس على المنطقة والعالم بأسره”.

بحسب هذا المنطق، تتراجع أهمية التهديد النووي الايراني والتعامل معه لمصلحة أي محاولة ايرانية لتأسيس جبهة جديدة في الجولان، ”لأن الأخيرة أكثر راهنية“. الايرانيون وحزب الله أقرب الى تحويل الجولان الى جبهة، وبتشجيع من الحكومة السورية، بحسب ليبرمان. ولهذا تبعات على الدولة والجيش السوريين تحملها. بكلام آخر، أي تحريك ممنهج لجبهة الجولان سيقود الى استهداف اسرائيلي شامل للدولة السورية، على غرار ما حصل في لبنان عام 2006.

واسرائيل بالتالي معنية بالسباق للسيطرة على مناطق تنظيم ”داعش“، والمحاولات الايرانية لربط العراق وسوريا ولبنان. وهذا سباق دخل مرحلة مباشرة وأكثر خطورة، يُسقط فيها الطيران الأميركي مقاتلة للنظام السوري، وتُطلق ايران صواريخ باليستية باتجاه شرق سوريا، في حين تُوجه موسكو تهديدات لواشنطن. 

القوات العراقية واللبنانية والسورية والأفغانية بقيادة قاسم سليماني، باتت تتحدث بوضوح عن الربط بين البلدان الثلاثة. لا حاجة اليوم لاخفاء النوايا. نقلت صحيفة ”ذي غارديان“ عن قادة عراقيين أن القوات المدعومة ايرانياً تبحث عن بدائل للطريق الدولي بين العراق وسوريا. بيد أن طرقاً فرعية تصل العراق بدير الزور والميادين إلى تدمر ودمشق، باتت الخيار الأكثر تفضيلاً، كما نقل التقرير ذاته.

هذا الطريق والربط بين الجبهات مرفوض اسرائيلياً وأميركياً وحتى غربياً، لكن ما السبيل الى إيقافه سوى بالتصعيد العسكري المفتوح على احتمالات مقلقة؟

وتهديدات هرتزيليا مثار قلق بالذات لأنها ترسم خريطة لدائرة الاستهداف، تشمل تحويل لبنان المثقل بالديون والبطالة والأزمات السياسية، ساحة اشتباك لا ناقة للبنانيين فيها ولا جمل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها