لا بل قد يكون تحديد العدو مُضراً. تركه مبهماً يزيد خطره. بيد أن هذا الخطاب يخلق عدواً دائماً في خطره. مثلاً، كدفعة على الحساب، أشار ترامب الى نيته الغاء ”تعديل جونسون“ القاضي بالربط بين حصول رجال الدين على إعفاءات ضريبية مقابل الامتناع من إبداء آرائهم في المرشحين للانتخابات في الولايات المتحدة، رفضاً أو تأييداً. في الحديث ذاته، عرج ترامب على انتهاكات ”داعش“ بحق المسيحيين، مع بعض فلفل وبهار، إذ ادعى بأن التنظيم لا يكتفي فقط بقطع رؤوس أبناء هذه الأقلية بل يُغرق ضحاياه المسيحيين وهم عالقون في زنازين حديدية. يضع التنظيم ضحاياه في زنازين حديد ويرميهم في المياه، في سيناريو شبيه بما تحويه أفلام أسماك القرش الأميركية.
(في الصورة إلى اليسار: ايلي حاتم مع لوبن الأب).
مارين لوبن لا تُشارك ترامب أجندته المسيحية، إذ أنها تُريد تشديد القوانين العلمانية في فرنسا، ومنع ارتداء الصليب والقلنسوة والألبسة الاسلامية في الأماكن العامة. لكنها في الوقت ذاته، تُعوّض هذه العلمنة بادعاءات الدفاع عن مسيحيي المشرق. وهذه سياسة تتشارك فيها أيضاً مع ترامب، وقد تربط بينهما في السياسة الخارجية، في حال فوز لوبن.
لكن ما هي هذه السياسة المشتركة للدفاع عن مسيحيي المشرق؟
ظهر اتجاهان حتى الآن في هذا السياق. أولاً، تصعيد في التصريحات الدينية. وهذا بدأ فعلاً بتبني مصطلح ”الإرهاب الاسلامي“ شعاراً انتخابياً يُحرج من يرفض لفظه.
وثانياً، احتقار الديموقراطية بصفتها إمتداداً للنظرة الدونية إلى شعوب المنطقة لدى هؤلاء السياسيين. وهذا الاتجاه يتضح أكثر مع نوعية الشخصيات التي اختارها ترامب ولوبن. المرشحة الفرنسية مارين لوبن تصطحب معها إلى بيروت محامي العائلة اللبناني الأصل إيلي حاتم. وهو في الوقت ذاته، محامي رفعت الأسد، شقيق الرئيس السوري السابق، ورفيقه في ”التجمع القومي الديموقراطي الموحد“ حيث يشغل منصب المدير الاقليمي في فرنسا.
والتجمع الذي ينتسب اليه محامي لوبن ومستشارها السياسي، يُعرّف نفسه بأنه ”إطار تنظيمي دولي يهدف إلى تفعيل نظرية الآدميّة القوميّة التي بلورها وصاغها الرئيس المؤسّس الدّكتور رفعت الأسد رئيس المجلس التأسيسي للتجمّع القومي الديمقراطي الموحّد، والتي تمّ تحليل عدد من المقولات المرتبطة بها في كتابه نحو تجديد الفكر القومي“.
هو يُشارك رفعت تحفظاته على ابن شقيقه، وعلى الثورة ضده، ويُدافع عنه ضد ضحايا مجزرة حماة عام 1982. وحاتم قاطع في رفضه الديموقراطية و”للفوضى“ بعد عام 2011، كما جاء في مقابلة مع اذاعة مونتي كارلو الدولية. لذا وضع هذه السياسة نُصُب عينيه في عمله مع قادة الجبهة الوطنية اليمينية، إذ رتب اللقاء بين جان ماري لوبن، والد المرشحة الحالية، وبين الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
يبقى أن لا حاتم ولا لوبن ولا ترامب ولا مستشاريه فشلوا في تحديد كيف ستُنقذ سياساتهم مسيحيي المشرق. لكن الواضح والجليّ جداً أن لديهم نظرة واضحة لكيفية استغلال مسيحيي المشرق لأسباب داخلية ومحلية صرف، عبر زرع بذور فتن جديدة علينا رفضها بصوت واحد.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها