السبت 2017/12/02

آخر تحديث: 01:11 (بيروت)

الكوميديا الملكية الغاشمة

السبت 2017/12/02
increase حجم الخط decrease

قال جاليليو بعد أن نجا من المقصلة، قوله الشهير في كوكب الأرض، همساً: ومع ذلك هي تدور.

وكانت الأرض تدور، على حلِّ شعرها، وذلك ديدنها، ومازالت، وقد دارت على الملوك أخيراً، وقيل في الأمثال "وعلى الباغي تدور الدوائر"، وكان ملوك العرب المعاصرين من أسعد الناس، يعيشون في قصور محصنة، "وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه"، ولكنهم على نقيض أهل الكهف، هربوا من الشعب، وناموا في العسل.

وقدرُ الأرض، أو بعض ساكنيها، أنْ علقتْ حول محورها، الذي أصابه الصدأ، فتوقفتْ، فزيّتها الشعب بدمه، فدارت بتسارع عظيم مفاجئ، عن قرن كامل من السكون، فرأينا الأسد، ابن الأبد في روسيا. طلبه فرع الجوية الروسية للمراجعة، وشرب فنجان قهوة عند علي مملوكوف، فقال: حاضر حواضر.

 ورأيناه يعانق بوتين منحنياً، بسبب فارق الطول، ربما كان ظريف الطول يبكي، وبوتين يرد له العناق مجاملة، ويبتسم في سره، ويحدّث نفسه، ويقول: نعفيك من بوسة الجزمة، التي صارت أشهى في سوريا من خدِّ العذراء. فجزم الروس تستحق التقبيل أيضا، حسب شهادات رسمية. والكاميرا تصور ظهر الأسد، ووجهه غير ظاهر في صورة العناق التي تصلح ملصقاً لفلم عاطفي عنوانه مثلاً: رئيسي فوق الشجرة. ولا علم لبلاده في الصورة، العلم كان مرفوعاً في الكتب.  وقيل في وسائل الإعلام إنه سافر في طائرة شحن، ولم نعرف هل هي طائرة شحن حيوانات أم شحن جزم عسكرية؟

  عرض كوميديا الملوك في السعودية أقوى، حتى كادت أن تنافس مصر في شباك التناكر والسنافر، لكن في الكوميديا الصامتة، فالكوميديا هناك ليست كوميديا جملة وكلمات، وعبارات، وإنما كوميديا مفارقات. من تلك المفارقات تصريحات الجبير عن رحيل الأسد الحتمي، ثم مبادرته لمصافحة وزير خارجية إيران، ثم قبوله بالاسد وفرضه على المعارضة، و رأيناه يعادي ايران من جديد. الأرض العربية جسد واحد بوعزيزي القارئ؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالطبل والرقص.

وما يجري في السعودية كوميديا ملكية، لم يكتبها دانتي، فلو كتبها كاتب مسرحي كوميدي، وسمى المسرحية ريتز كارلتون وصلحه، لاستمتعنا كثيرا، لكن الكتّاب مشغولون هذه الأيام بالفرجة الصافية، فالأخبار فيها غنى.

وذكرت وسائل الإعلام أن بن سلمان يزور ريتز كارلتون ساعتين في اليوم، للاستجمام،  والندوة، وإن أحسنّا الظن، فلمكافحة الفساد، والقاعدة هي: الفاسد يصبح صالحاً بالتنازل عن بعض أملاكه، ربما كلها، وحقوقه السياسية.

وأخُبرنا أن الوليد بن طلال لم يتذكره أحد من الذين أحسن إليهم، ونادمهم، سوى صديقه بيل غيتس، وأن متعب بن عبد الله نال نصف حريته مقابل مليار، وهو مبلغ كبير جداً، لكن حرية متعب تستحق أضعاف هذا المبلغ.

وكان بن سلمان قد غزا اليمن السعيد، فأخفق، ثم حاول غزو قطر، فلم يفلح، وبعد أن أعيته الحيلة هجم على إخوته وأبناء عمومته، وحاول خنق لبنان بالطرنيب السياسي، فهو شاب، والشباب شعبة من الجنون، والثورة  في السعودية يقودها شاب وحيد مثل أبطال أفلام الكاوبوي.

وما يروى عن ريتز كارلتون، قد يصلح لفيلم من أفلام السجون، مثل، شاو شانك، الميل الأخضر، الكاتراز، القلعة الأخيرة، بابيلون.. سننتظر مؤلفاً يروي هذه القصة على أحرّ من الجمر.

كنا نتحدث عن حق العودة إلى فلسطين، ثم صرنا نتحدث عن حق العودة السوري، وننتظر المهدي، سنّة وشيعة، فظهر المدوّن الإسرائيلي بن تسيون في المسجد النبوي، وجهه مضيء من أثر الزيارة، ومبشر بالخيرات والتطبيع، فالملأ من أهل الديار المقدسة ملّوا من مكة والمدينة، ويهفون إلى زيارة الديار المقدسة في تل أبيب.

ظهر المستر بن تسيون، هو يرتدي الزي الذي ارتداه لورانس العرب، وكان الإسرائيليون، الذين سرقوا فلسطين قد سرقوا معها الفلافل، وهاهو بن تسيون يسرق الزي العربي، ويبرز له صوراً مع سعوديات، وكلمة بالعبرية على حقيبته، فماذا تعني تلك الكلمة؟ ولم يتبرع عربي، فيشرح لنا ما هي تلك الكلمة، هي عبرية وخلاص، لعلها طوط، أو زومبة، أو زومبي.  الغالب الأعم إن الكلمة هي اسمه.

وحُكي كثيراً عن صفقة القرن، وأن مذبحة الروضة قربان التضحية بسيناء، هدية للأخوة في فلسطين.

 كنت أتابع حلقة في الجزيرة مباشر، ضيوفها وائل قنديل، وسليمان جودة وأسعد، وكان سليمان جودة وأسعد ينكر مقابلة السيسي لنتنياهو سراً في العقبة، وان سيناء ليست للبيع، ربما هي للايجار، فذكّره وائل قنديل ببيان الخارجية المصرية الذي اعترف بها، وبتيران وصنافير، هي لن تتخلى عنها يا  سليمان جودة وأسعد، السيسي كريم، وسيحل مشكلة الأشقاء الفلسطينيين، كما حل مشكلة أثيوبيا.

الغاشم الركن، معروف بأنه لا يأخذ "حاجة حد"، كما ربتّه أمه، وليس كما ينص الدستور، أي حاجة ليست له سيعطيها لأصحابها، وإن كانت له فسيهديها لأصحابه.  

وكانت وزيرة العدل الإسرائيلية - وقيل في نشرات أخرى إنها وزيرة المساواة-  قد زارت مصر لحضور مؤتمر نسائي إقليمي للنهوض بالمرأة، وأبدت حزنها وأسفها على ضحايا الروضة، ودعت تعاطفاً معهم إلى إسكان الفلسطينيين في أرضهم، والمعادلة غير عادلة، وليس فيها مساواة، فالضحايا عددهم حوالي ثلاثمائة، أما الذين سيعوضون الفقد، فهم بالملايين! تلك قسمة ضيزى.

الحديث يطول عن كوميديا أبطالها ملوك..

من ذلك:  أنه بعد صخب إعلامي، تدارك وزير خارجية مصر سامح شكري الرد، فأنكر التصريح، في اتصال بالمناضل عمرو أديب، ترافق صوته نبضات الكترونية، كما في صور تخطيط القلب في شاشات الأطباء، من غير صورة، ومن غير أن يجرؤ على ذكر إسرائيل، فذكرّني بغياب الملك سلمان عن استقبال أوباما، فقيل إنه في صلاة العصر، فعجبتُ أن التلفزيونات لم تنقل الصلاة، وله قنوات بالعشرات تنقل رقصة العرضة واقفا، وتخجل من نقل صلاة خادم الحرمين الخاشعة جالسا!

المهم أن بعض الملوك صاروا لاجئين مثلنا، وأمس تابعت بعضاً من لقاء مع بن تسيون في قناة روسيا اليوم أجراه معه سلام مسافر، علمت متأخراً، أنّ كل، أو جلّ، مراسلي وموظفي مونت كارلو كانوا من طائفة واحدة، وكان المذيع يسأل بن تسون أسئلة جريئة، لكن عنوان اللقاء كان عجيباً، وهو: "عائد إلى يثرب"!

هيئة كبار العلماء ينتظرون رأي الملك في دوران الأرض حول الشمس، وقد أباح أحدهم الموسيقا منذ قليل، وكانوا قد حرّموها، وهم ينتظرون الأوامر للإقرار بأنها تدور حول بن سلمان.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب