الجمعة 2017/11/17

آخر تحديث: 00:07 (بيروت)

هل الحوثي في بيروت؟

الجمعة 2017/11/17
increase حجم الخط decrease

بعد فك القيود على حركة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وعائلته بتدخل فرنسي، عادت الأزمة السعودية-اللبنانية إلى مربعها الأول والأساسي: لجم الأدوار الخارجية لـ"حزب الله". بغض النظر عن ظروف المقابلة الإعلامية التي أجراها الحريري في الرياض، إلا أن ذكره شرط انسحاب "حزب الله" من اليمن لتجنيب لبنان عقوبات اقتصادية ومالية خليجية، لم يكن اعتباطياً بل يرتبط بطلب سعودي واضح في هذا الشأن، ويطرح أسئلة عديدة عن مدى هذا التورط، والمعلومات المتوافرة عنه.

وتحديد المطلب باليمن مدروس. بيد أن الحكومة السعودية ليست جاهزة حالياً لخوض مواجهة مع الحزب في لبنان، لا عسكرياً ولا سياسياً، لأن لديها تحديات داخلية وحرباً متواصلة في اليمن وتهديداً صاروخياً منه. ولا صحة لما قيل عن ارتباط الاستقالة والتصريحات التصعيدية المرافقة لها بحرب اسرائيلية على لبنان. فاسرائيل غير متحمسة لحرب ولا مصلحة لها في ذلك، وفقاً لما جاء على لسان رئيس أركان جيشها غادي إيزنكوت في مقابلته أمس مع موقع "إيلاف" السعودي.

إذن، المشكلة هي التدخل في اليمن. ما علاقة لبنان بهذه الحرب؟ أولاً، ظهر فيديو لتدريبات أجراها الحزب لمقاتلين حوثيين نشرته قنوات سعودية. ثانياً، الضاحية الجنوبية لبيروت مقر المحطة التلفزيونية لجماعة الحوثي، واسمها "المسيرة". لماذا لا تُقفلها الحكومة اللبنانية مثلاً كبادرة حسن نية؟ بإمكان وزير الاعلام القواتي ملحم الرياشي سحب رخصة المكتب، وحظر الاعلام الحوثي أو تقييده على الأقل.

ثالثاً، هناك تساؤلات عن مدى دور الحزب في ابقاء التحالف بين الحوثي وبين الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، قائماً، ولو في غرفة الانعاش. لذا من واجب الدولة، ولتجنب تدهور العلاقات مع الخليج، التدقيق في أسماء اليمنيين الداخلين الى أراضيها، وبخاصة من يُعرف بتورطه في النزاع اليمني. وهذا ليس صعباً لو أخذنا في الاعتبار أن الأسماء معروفة، وهناك قائمة مطلوبين منشورة.

ورابعاً، والأهم، ما جاء في تقارير تداولتها وسائل اعلام يمنية وسعودية عن تواجد أفراد من عائلة عبد الملك الحوثي، بينهم نجله جبريل وقريبه رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي. والأخير يُعرف بكونه أساسياً وتنفيذياً في التنظيم، مقارنة بالدور العلني والرمزي لعبد الملك. هل يقيم محمد الحوثي في لبنان أو هل زاره، ومن أعطاه تأشيرة لدخول البلاد ولأي غرض؟

المثير للضحك أن محمد الحوثي بات يُدلي بتصريحات عن الوضع في لبنان وأزمته مع الخليج، يُهاجم فيها السعودية ويُهنئ حلفاءه بـ"انتصارهم"، بحسب تقرير نشره موقع "المنار" يوم أمس. أليس هذا تصريحاً يُسيء الى علاقاتنا بدولة خارجية ويستحق تحقيقاً أمنياً؟

المطلوب اليوم للحفاظ على العلاقات الحيوية للبنان مع الخليج، وضع حد لتدخل الحزب في اليمن، واستخدامه لبنان بأسره لهذا الغرض، سراً، ومن دون علم الغالبية الساحقة من السكان، ناهيك عن موافقة الحكومة أو البرلمان على هذا الانخراط والدور.

والواقع أن تركيبة التسويات السياسية اللبنانية كانت حصرت دور الحزب في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي من خلال النص على هذا الحق في البيانات الوزارية المختلفة. على سبيل المثال، نصّ البيان الوزاري الأخير على حق المقاومة كالآتي:

"تؤكد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل المشروعة. مع التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة".

هل التدخل في حرب اليمن، مقاومة لاسرائيل تهدف لاسترجاع الأراضي المحتلة؟ والمقاومة، بحسب هذا النص، دفاع عن النفس في مواجهة احتلال أراض لبنانية، أي أنها محصورة جغرافياً، وليست عالمية عابرة للحدود.

كان أداء الرئيس اللبناني ميشال عون محورياً في اعادة الحريري، وحماية السيادة أو "الكرامة" اللبنانية، كما سمّاها، من خلال تحركات داخلية وخارجية ودينامية لم نرها منذ زمن في لبنان. هل ستتكرر هذه الغيرة على السيادة في الدفاع عن مصالح مئات آلاف اللبنانيين؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها