الخميس 2015/05/28

آخر تحديث: 18:16 (بيروت)

أحمد منصور في "مضافته"

الخميس 2015/05/28
أحمد منصور في "مضافته"
خلع منصور نعلَيه وتمدد.. فيما كشف له الجولاني وجهه مسقطاً حرمة الغرباء
increase حجم الخط decrease
خلع مقدم برنامج "بلا حدود" في قناة "الجزيرة" نعلَيه، ومدّ رجليه في حضرة زعيم "النصرة" أبو محمد الجولاني. فالمضافة تتسع لكل المتقاربين. كشف الجولاني عن وجهه أمام مضيفه، مسقطاً حرمة الظهور أمام الغرباء، فيما احتجب عن الآخرين. وجهه متاح "لأهل البيت"، حيث لا حاجز شرعياً يمكن أن يفصل الوجه أو الجسد. تمدّد منصور في المضافة، مسقطاً بروتوكولاً مفترضاً يلزمه بمحاورة ضيف مُقلّ في الظهور، الندّ للندّ... فتح ذراعي أسئلته لاحتضان رجل مرتبك أمام مُحاور، عرفه الآخرون بأنه يتقن تحضير ملفاته جيداً.

لكن، هذه المرة، الملفات التي حضرها، لا تدين ولا تُسائل ولا تحاجج. بل تؤكد أنه "مرّر" للجولاني ما يفترض أن رهبة الكاميرا أنسته إياه، وهو الذي لم يعتَد الكاميرات. الإعلامي ذكّر ضيفه الجولاني بما يجب عليه قوله، وبما يجب أن يستدل به. صور ومشاهد تُروى بين الأسئلة، لتؤكد هوية المحدّث، وايديولوجيته. تكامل في الأدوار. وزايَدَ منصور على ضيفه في "مكان مجهول في الشمال السوري"، ببراءة "جبهة النصرة" من التهم المنسوبة اليها، بدليل "انكم لم تستولوا على ممتلكات الدروز حتى الان ولم تدخلوا بيوتهم".

تهم واقعية، أقر بها الجولاني بقوله ان تنظيمه هدم "قبور الشرك"، ولا يحتاج دليلاً أكبر على "براءته". اتخذ الدليل، شكل "المفاجأة" لدى منصور. إذن، هو يدرك خلفيات تنظيم متشدد، وفاجَأه عدم ارتكاب جرم من هذا النوع، رغم تصريحات خطيرة أدلى بها ضيفه تجاه العلويين. وبالتالي، لم يحاججه في العقيدة الدافعة، أو في المسار الذي أعلنه الجولاني لتنظيمه، القائم على هدم أركان الثورة السورية، بأسلَمَتها. قال منصور بخفر، إن الغرب يركز على ان سوريا فيها تنوع ديني وعرقي، وكأن ذلك محلّ إدانة، مستعجلاً إعلان الجولاني المبيّت، والمتردد، بأن النصرة ستعلن "دولة اسلامية في ما بعد".

التعقيب الذي أبداه منصور على الأسئلة، ينقله من صف المحاورين الى صفوف المؤيدين. جمهور يؤيد، ويتمنى. بدا أن بعض الأسئلة متفق عليها، كأن المحاوِر اتخذ دور المستشار أيضاً. يسأل الجولاني: "كيف تنظرون الى عموم المسلمين؟". سؤال مرفق بإشارة من العينين يساراً، الى مكان الاجابة المتفق عليها مع رجل لم يبدُ ضليعاً بالعقائد، ولم تسمح له تجربته بالإعلان عن قدراته البلاغية والفكرية المتشددة، ويستتر في محاولة لخلق هالة حوله، أسقطها الحديث وضعف الإلمام بالعقائد. على ان هذه الحركة، فاقت كل الأداء نفوراً، بدءاً من الاسئلة التي بدت أقرب إلى إجابات تؤكد دور التنظيم، وصكوك براءة في محل إثبات الجرم، وتخلو من إستطرادات محرجة. المُحاور هنا، لا يتعاطى مع ضيفه على قاعدة "الند"، بل وفق قناعات تحيل المشهد السوري بأكمله الى سؤال الوجود.

ماذا ينتظر السوريون في مواقع سيطرة "النصرة"؟ سؤال بدأ يُطرح في هيئة هواجس، بعد "تحريض" من أحمد منصور على جمع الضرائب من السكان، مع مِنّة منحهم الكهرباء والمياه بلا بدل مادي! إضافة إلى تحريض آخر على فصائل "يضغط عليها الغرب للخروج على النصرة او التخارج عليها"! وهنا، تأكيد للمؤكد السابق، حول مسار الإقصاء الذي اتخذه التنظيم في حق معارضيه، بدءاً من "حركة حزم" المدعومة أميركياً، و"جبهة ثوار سوريا" التي كان يتزعمها جمال معروف. ربما ورّطه منصور بإجابات، اتخذت شكل الأسئلة ولا تحتمل أكثر من الموافقة، لكنه في الوقت نفسه، كشف عن همّ جديد، بالاعلان عن أن "النصرة تحارب في حرب مزدوجة مع اطراف اخرى".

المحاججة المفقودة، انسحبت على ادعاءات غير واقعية، كشفت أن "الإعلامي" أحمد منصور تجرد من حسه التعقيبي. قال الجولاني مثلاً، إن النظام قتل مليوناً من أهل السنّة! لم يسأله منصور عن الرقم المبالغ فيه، في حين لم توثق أي منظمات حقوقية مقتل أكثر من ربع مليون من الطرفين. وتقود تلك المبالغة الى تشكيك آخر في كل المعلومات التي أدلى بها الجولاني، والنيات التي كشف عنها (أو خبأها)، علماً أن الجولاني لم يظهر قائداً في المعركة، بل بدا تابعاً، يتبنى ما يعينه عليه محاورُه الذي لم يكن سوى جزء من حملة دعائية لتنظيم متشدد، لا يأبه للسوريين وثورتهم وتطلعاتهم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها