السبت 2014/11/29

آخر تحديث: 15:40 (بيروت)

ماذا تفعل فيروز الآن؟

السبت 2014/11/29
ماذا تفعل فيروز الآن؟
increase حجم الخط decrease

حضرت فيروز في موت صباح وسعيد عقل أكثر مما حضرا. ظلُّ المرأة الصامت له حضور آسر لا تغلبه حضرة الغياب. استُعيدت السيدة مئات المرات في اليومين السابقين. تشارك الناس مقابلات وتسجيلات سابقة وأغنيات لها على صفحات "فايسبوك" وتغريدات "تويتر" مثل أسئلة وجودية، وهم يربطون اسمها بصباح وعقل، مستذكرينها بعلانية. كأنها معنيّ أول بغيابهما. سأل أحدهم: "ماذا تفعل فيروز الآن؟"، والسؤال محق. ربما يحق لجمهورها ان يتخيلها في موقف مشابه.

لكن فيروز كعادتها لم تترك، رغم انها تُقحم في الموقف عنوة، اي مساحة ليبرز سواها. وهي التي بقيت على مسافة بعيدة جداً من كل شيء تقريباً. عدا عن ما ورطها به ابنها زياد في إحدى مقابلاته الصحافية عن موقفها من "حزب الله".

صارت السيدة أشبه بمن تعيش في عزلة، وهي التي تمارس إقلاقاً لعزلاتنا الشخصية في كل صباح نسمعها فيه.

غياب كبيرين "عزيزين" على فيروز دفع بمئات مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الى السؤال عنها، عن رأيها بغياب أشخاص من وزنها الفني وحضورها الثقافي، او لنقل بوضوح بدأوا بسؤال عن موقفها من موتهما، "هل ستقول شيئاً؟، هل ستحضر جنازتهما؟، هل مطلوب منها أن تكتب للناس أو تسجّل لهم صوتها تخبرهم في دقيقتين ربما حادثة أو موقف جمعها بصباح وعقل وربما بنهوند؟". هذه جملة أسئلة تناقلها جمهور واسع.

إذاً تحط فيروز بقوة في كل غياب يصيب الكبار الذين جايلوها، حين تسأل، هي التي لا تستخدم اي موقع تواصل اجتماعي، عن شعورها تجاه هؤلاء. حشرية لمعرفة ماذا يعني لها غياب صباح مثلاً، التي يقال ان صداقة ربطتهما، وحاك الإعلام شائعات لا مبرر لها. قيل الكثير عن علاقة "غيرة" ملتبسة جمعت الإمرأتين. لكن عارفون ينقلون ان فيروز كانت تحب أغاني صباح، والأخيرة كانت تعتبر فيروز أرزة لبنان الخالدة.

ربما لا ينتظر الناس أملاً في خروج فيروز عن صمتها المتفرد. صمت لم يكلفها أيّ خسارة. أضاف بهاء على شخصيتها المنزوية، وأعطى لاختبائها جاذبية ومعنى إضافياً.

كل ذلك ليس فقط لأن فيروز المحاطة بهالة الأسرار الخفية، والحياة الخاصة "غير المرئية"، والتي بقيت الى اليوم مثل حكايات ونتف سيرة لم ترو، بل لأن المرأة دون سواها مطالبة بكلام ما. بفائض حكي للجمهور. بروايات وقصص وحوادث عنها وعن تاريخها مع الرحابنة وعن اولادها وزياد وخلافاتها مع سلفيّها (الراحل منصور والياس). ربما يستعد الجمهور فقط لإطلالة من دون بوح.

وفي الموت قد لا تأتي السيدة الى العزاء وقد لا ترسل باقات ورد ستذبل سريعاً. ستكتفي بالحزن وبالصمت.

نتخيلها تجلس لتشاهد تقارير كثيرة عن موت صباح وسعيد عقل ونهوند، وهي تعرف أن كثير منها لا يملك الكثير. ربما هي تعرف أكثر عنهم. وتعرف أيضاً ان ثقل الأيام أتعب هؤلاء، وكلامها لن يزيد شيئاً. ماذا ينفع لو قالت فيروز شيئاً عن صباح؟ وماذا يحكى عند الموت؟. ربما صلت لهم. او رددت أغنياتهم ودندنتها بحزن من كان بمثابة الخاسر الأول. تعرف فيروز تماماً انها قبل كل الناس هي من خسرت هؤلاء. خسرت صداقاتهم "المبتورة" وحكايات عاشتها معهم في كواليس شهرتها وشهرتهم. تكاد تقول هي ايضا انها حزينة، ولا كلام يعوض.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها