الخميس 2015/11/19

آخر تحديث: 18:32 (بيروت)

مصر: شبهات التضييق الأمني تحوم حول توقف "البديل"

الخميس 2015/11/19
مصر: شبهات التضييق الأمني تحوم حول توقف "البديل"
التداعيات الامنية ترسم ملامح أزمات ستطال سائر الصحف الورقية في مصر
increase حجم الخط decrease
"بسبب العزوف الذي يشهده سوق الصحافة المصرية المطبوعة اليوم، بعدما بات الأغلب يستخدم العالم الإلكتروني في كل اهتماماته، وهو ما أوضحته الكثير من الدراسات والأبحاث الصادرة أخيراً والتي تناولت انخفاض الاقبال على الصحف المطبوعة بنسبة تجاوزت الـ60% في السنوات الأربع الأخيرة، إضافة إلى المشاكل التي ما زالت تعانيها مؤسسات رسمية وغير رسمية، والتي تعيق أي خطوة للتقدم نحو الأمام، استدعى هذا وذاك وغيره أن نتوقف ونعيد التفكير... لذلك قررنا في مجلس إدارة البديل، بعد التشاور، التوقف بشكل مؤقت عن الإصدار الورقي الأسبوعي، بحيث يكون آخر عدد هو العدد رقم 92 الذي يصدر في 18 نوفمبر 2015".

كان هذا البيان الذي نشرته صحيفة "البديل" المصرية عن توقف نسختها الورقية والاستمرار إلكترونياً، وأن يكون عدد أمس الأربعاء هو العدد الورقي الأخير. وجاءت الصفحة الأولى من الصحيفة بيضاء وفي أسفلها مانشيت "المعارضة في عهد السيسي".

بيان الصحيفة حمل أسباباً منطقية لتوقف الجريدة، خصوصاً مع أزمة سوق الإعلام الورقي وتراجع المبيعات في السنوات الماضية وحلول البوابات الإلكترونية والمواقع الإخبارية بديلاً للورقي، وهو ما جعل الكثير من المؤسسات الصحافية في مصر تعيش أزمات مادية مستمرة مثل جريدة "الشروق" ومشكلة مستحقات العالمين المتأخرة، وتوقف صحيفة "التحرير" عن الصدور ورقياً والإكتفاء بالموقع الإلكتروني والتحضير لعدد أسبوعي، وأخيراً "البديل".

فيما كانت التعليقات على صفحة "فايسبوك" الخاصة بالجريدة تذهب إلى أن التضييق الأمني هو السبب الرئيسي لتوقف الجريدة، استناداً الى أنها ليست المرة الأولى التي تتوقف "البديل". فالمرة الأولى، كانت قبل الثورة العام 2010، وبعد ثلاث سنوات من تأسيسها على يد الباحث اليساري الراحل محمد السيد سعيد، وهو التوقف الذي قام صحافيو الجريدة ورئيس تحريرها آنذاك خالد البلشي برفضه تماماً بالاعتصام داخل مقر الجريدة. لتعود مرة أخرى في بدايات العام 2012 كبوابة أخبار إلكترونية والاستمرار لمدة عامين، حتى يصدر العدد الورقي الأسبوعي الأول في بدايات 2014.

الوقوف الأول للجريدة قبل الثورة حمل عنوان الأزمة المادية، لكن الداخلية المصرية كانت لها اليد الطولى، خصوصاً مع سياسة الصحيفة في عهد مبارك، بصب الاهتمام على التجاوزات الأمنية والجرائم التي ترتكب داخل أروقة وزارة الداخية، باعتبارها المنفذ الصحافي لليسار في مصر.

أما وقد حمل التوقف الثاني عنوان الأزمة المالية كذلك، وعزوف القراء عن الصحافة الورقية، فقد جعل الشك في السبب الأمني يعود مرة أخرى، عطفاً على التضييق الذي يطاول الجميع، واصطفاف الإعلام في صف النظام وغياب أي معارضة ولو شكلية، وتأكيد السيسي أكثر من مرة وفي أكثر من مشهد وخطاب عن ضيقه من الأداء الإعلامي ووجوب الاصطفاف الوطني وسيطرة فكرة المؤامرة على القائمين على الدولة.

مصادر من داخل الصحيفة أكدت لـ"المدن" أن التوقف حمل خليطاً من السببين: المادي والأمني، إذ لم تحدث "تفاهمات" مباشرة مع الأمن لوقف الجريدة، لكن الحالة العامة تنذر بالكثير، ويكفي أن جريدة مثل "الوطن" مُنع لها عددان من الصدور وتغيّر محتوى عدد ثالث.

على صعيد آخر، بدت الصفحة "البيضاء" للعدد الأخير، نكتة في وجه النظام، كأنها تنويع على قصيدة أحمد مطر الشهيرة "أودعت الصفحة إمضائي/وتركت الصفحة بيضاء!/راجعت النص بإمعان/فبدت لي عدة أخطاء/قمت بحك بياض الصفحة../ واستغنيت عن الإمضاء!" وهو ما يؤكده التحقيق الرئيسي للعدد عن التردي الذي وصل له المجال العام في مصر. وتحدث التحقيق عن علاقة السلطة بالإعلام و"الترصد الإعلامي للرئيس الأسبق مرسي انقلب في عهد الرئيس السيسي إلى ترصد للحقوقيين والنشطاء الذين مازالوا مؤمنين بأهداف الثورة"...

الأزمات المادية تزيد من صعوبات استمرار الكثير من المطبوعات، ولم يبق على الساحة إلا المؤسسات القومية الديناصورية القديمة، وبعض المؤسسات الخاصة ذات الثقل المادي كـ"المصري اليوم" و"اليوم السابع" و"الوطن"، وهي المؤسسات التي تتقدمها مواقعها الإلكترونية في أهميتها، لكن التضييق الأمني يعزز من الأزمة ويزيد من فداحتها، ويرسم ملامح ما سيشهده مستقبل الاعلام الورقي، وربما نشهد قريبا تفكك المؤسسات الكبيرة واكتفائها بحضورها الإلكتروني.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها